الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع المسائل المجمع عليها في عقود المشاركات
تمهيد: تعريف المشاركات وأدلة مشروعيتها:
أولًا: تعريف المشاركات لغة واصطلاحًا:
أ- المشاركات لغة: مفردها مشاركة، وهي مصدر شارك الرباعي، يقال: شارك فلان فلانًا مشاركة. والثلاثي من شارك: شرك.
يقال: شَرِك فلانًا في الأمر [وفي المال كذلك] شِرْكَا وشَرِكةً وشِرْكَةً وشَرْكَةً، أي صار له شريكًا؛ فكان لكل منهما نصيب منه (1).
ب- المشاركة اصطلاحًا: من الشَّرِكَة، أو الشِّرْكَة.
والشركة: هي ثبوت الحق في شيء لاثنين فأكثر على جهة الشيوع (2).
أو هي: عقد بين المتشاركين في الأصل والربح (3).
أو هي: الاجتماع في استحقاق أو تصرف (4).
ثانيًا: من أدلة مشروعية المشاركات:
1 -
قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41].
قال الإمام الماوردي عقب استدلاله بهذه الآية: "فجعل اللَّه تعالى خمس الغنائم مشتركة بين أهل الخمس، وجعل الباقي مشتركًا بين الغانمين؛ لأنه لما أضاف المال إليهم وبين الخمس لأهله؛ علم أن الباقي لهم"(5).
(1) لسان العرب: (10/ 448)، والمصباح المنير:(1/ 311)، والمعجم الوسيط:(1/ 480).
(2)
مغني المحتاج: (2/ 211).
(3)
الدر المختار: (4/ 299).
(4)
المغني: (7/ 109)، والمبدع شرح المقنع:(4/ 267).
(5)
الحاوي في فقه الشافعي: (6/ 469)، وانظر: جواهر العقود: (1/ 150).
2 -
وقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11].
قال الإمام الماوردي في معرض استدلاله بهذه الآية: "فجعل التركة شركة بين الورثة"(1).
3 -
وقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] فجعل أهل السهام شركاء في الصدقات. قاله الإمام الماوردي (2).
4 -
وقوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: 24]. يعني الشركاء (3).
5 -
حديث جابر رضي الله عنهما (4)؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من كان له شريك في رَبْعٍ أو حائط (5)، فلا يبَعِهْ حتى يُؤذِنَ شَرِيْكَهُ"(6).
6 -
خبر السائب بن أبي السائب (7): أنه كان يشارك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام في التجارة؛ فلما كان يوم الفتح جاءه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مرحبًا بأخي وشريكي، كان لا يداري ولا يماري. يا سائب قد كنت تعمل أعمالًا في الجاهلية لا تقبل منك، وهي اليوم تقبل منك"، وكان ذا سلف وصلة (8).
(1) المرجعين السابقين.
(2)
المرجعين السابقين.
(3)
السابقين، والمبدع شرح المقنع:(4/ 267).
(4)
انظر الاستدلال بحديث جابر: جواهر العقود: (1/ 150).
(5)
رَبعْ أو حائط: الرَّبع المنزِل. النهاية لابن الأثير: (2/ 189).
حائط: الحائط البستان. المصباح المنير: (1/ 157).
(6)
مسلم: (3/ 1229، رقم: 1608)(22) بلفظ: "من كان له شريك في رَبعة أو نَخْل؛ فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه؛ فإن رضي أخذ وإن كره ترك".
(7)
انظر الاستدلال بهذا الخبر: المبسوط للسرخسي: (11/ 275)، والحاوي للماوردي:(6/ 469)، وجواهر العقود:(1/ 150).
(8)
مسند أحمد: (3/ 425) وقال الإمام الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح". مجمع الزوائد: (1/ 94).
7 -
خبر عن أبي هريرة (1)، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن اللَّه تعالى يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإن خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما"(2).
قال الإمام الشربيني: "والمعنى أنا معهما بالحفظ والإعانة، فأمدهما بالمعونة في أموالهما، وأنزل البركة في تجارتهما، فإذا وقعت بينهما الخيانة، رفعت البركة والإعانة عنهما، وهو معنى خرجت من بينهما"(3).
(1) انظر الاستدلال بهذا الخبر: الحاوي في فقه الشافعي: (6/ 469)، وجواهر العقود:(1/ 150)، والمبدع شرح المقنع:(4/ 267).
(2)
أبو داود وسكت عليه: (3/ 256، رقم: 3383)، والمستدرك على الصحيحين:(2/ 60، رقم: 2322)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الحافظ ابن الملقن:"رواه أبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد، وقال الدارقطني في علله: إرساله هو الصواب، وأعله ابن القطان بما بان أنه ليس بعلة".
(3)
مغني المحتاج: (2/ 211).