الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[10/ 10] مسألة: الإجماع على أن بيع الربوي بما يشاركه في العلة نسيئة حرام
.
بيع الربوي بما يشاركه في العلة كالثَّمَنِيَّة في الذهب والفضة، وكالكيل في التمر والبر والحنطة والملح، أو الاقتيات أو الطعم فيها. بيعه بذلك نسيئة حرام، وقد نقل الإجماع والاتفاق على ذلك، ونفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع: الإمام ابن حزم ت 456 هـ، فقال:"واتفقوا أن بيع هذه الأصناف الأربعة [القمح، الشعير، التمر، الملح، بعضها ببعض بين المسلمين نسيئة -وإن اختلفت أنواعها- حرام، وأن ذلك كله ربا"(1).
الوزير ابن هبيرة ت 560 هـ، فقال:"واتفقوا على أنه يجوز بيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب متفاضلين يدًا بيد، ويحرم ذلك نسيئًا"(2). وقال أيضًا: "واتفقوا على أنه لا يجوز بيع التمر بالملح، والملح بالتمر نسأ على الإطلاق"(3).
الإمام الموفق ابن قدامة ت 620 هـ، فقال:"فأما النساء فكل جنسين يجري فيهما الربا بعلة واحدة كالمكيل بالمكيل، والموزون بالموزون، والمطعوم بالمطعوم عند من يعلل به؛ فإنه يحرم بيع أحدهما بالآخر نساء بغير خلاف نعلمه"(4).
• الموافقون على الإجماع: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم على الإجماع على حرمة بيع الربوي بما يشاركه في العلة نسيئة: الحنفية (5)،
(1) مراتب الإجماع: (ص 85).
(2)
الإفصاح لابن هبيرة: (1/ 276)، واختلاف الأئمة العلماء له:(1/ 358).
(3)
السابق: (1/ 359).
(4)
المغني: (6/ 62).
(5)
شرح فتح القدير: (7/ 12) وفيه: ". . لا يجوز بيع الحنطة بالشعير نسيئة. . "، والجوهرة النيرة:(2/ 302) أبي بكر بن علي ابن محمد الحدادي الزَّبِيدِيّ، وحاشية ابن عابدين (5/ 690) - للإمام محمد أمين بن عمر الشامى الحنفى الشهير بابن عابدين.
والمالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله صلى الله عليه وسلم (4). "فإذا اختلفت هذه الأصناف؛ فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يدًا بيد"(5).
قال الإمام الكمال ابن الهمام عقب استدلاله بهذا الحديث: "فألزم التقابض عند الاختلاف، وهو تحريم النسيئة"(6).
2 -
حديث سمرة بن جندب (7)، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة" (8).
(1) موطأ مالك: (2/ 646)، وفيه:"الأمر المجتمع عليه عندنا أن لا تباع الحنطة بالحنطة ولا التمر بالتمر ولا الحنطة بالتمر ولا التمر بالزبيب ولا الحنطة بالزبيب ولا شيء من الطعام كله إلا يدا بيد، فإن دخل شيئًا من ذلك الأجلُ لم يصلح"، والاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار:(6/ 394) للإمام ابن عبد البر.
(2)
المجموع شرح المهذب: (10/ 68)، وفيه:"تحريم النسيئة وهو حرام في الجنس والجنسين إذا كان العوضان جميعا من أموال الربا كالذهب بالذهب والذهب بالفضة والحنطة بالحنطة والحنطة بالتمر" وفي: (10/ 172)، وفيه:"وإما أن يكونا [أي العوضين] من جنسين، فإما أن يشتركا في علة الربا أو يختلفا، فإن اشتركا حرم النساء والتفرق، وإن اختلفا لم يحرم شيء كما لو لم يكن أحدهما ربويًّا. إذا عرف ذلك فهذا باع الربوي بربوى آخر يخالفه في علة الربا حل فيه التفاضل والنساء والتفرق قبل التقابض".
(3)
المغني: (6/ 62)، وفيه:"أما النساء فكل جنسين يجري فيهما الربا بعلة واحدة كالمكيل والموزون بالموزون والمطعوم بالمطعوم عند من يعلل به فإنه يحرم بيع أحدهما بالآخر نساء بغير خلاف نعلمه. . . إذا باع شيئًا من مال الربا بغير جنسه وعلة ربا الفضل فيهما واحدة لا يجز التفرق قبل القبض فإن فعلا بطل العقد"، والروض المربع شرح زاد المستنقع:(1/ 228).
(4)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: شرح فتح القدير: (7/ 12).
(5)
مسلم: (3/ 1211، رقم: 1587).
(6)
شرح فتح القدير: (7/ 12).
(7)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: المغني: (6/ 62)، وشرح فتح القدير:(7/ 12).
(8)
أبو داود (3/ 250، رقم: 3356)، والترمذي:(3/ 538، رقم: 1237) وقال: حديث سمرة حديث حسن صحيح، وسماع الحسن من سمرة صحيح.
قال الإمام الكمال ابن الهمام عقب استدلاله بهذا الحديث: "فقام دليلًا على أن وجود أحد جزءي علة الربا علة لتحريم النساء"(1).
3 -
قوله صلى الله عليه وسلم (2): "لا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يدًا بيدٍ، وأما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير كثرهما يدًا بيد، وأما النسيئة فلا"(3).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة إسماعيل ابن علية (4)، فقال بجواز النساء في الجنسين إذا اختلفا من المكيل، ومن الموزون؛ فأجاز بيع البر بالشعير، والشعير بالتمر، والتمر بالأرز، وكل ما اختلف اسمه ونوعه بما يخالفه من المكيل والموزون سواء تم بيعه نقدًا أو نسيئةً، ولا فرق بين ما كان مأكولًا أو غير مأكول، حيث لم يجعل الكيل والوزن علة، ولا الأكل والاقتيات علة أيضًا (5).
• أدلة هذا الرأي: هو بالقياس على جواز بيع الذهب أو الفضة بالرصاص
(1) شرح فتح القدير: (7/ 12).
(2)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: المغني: (6/ 62)، وشرح فتح القدير:(7/ 12).
(3)
أبو داود وسكت عنه: (3/ 248، رقم: 3349)، والنسائي في الكبرى:(4/ 27، رقم: 6155) بنحوه. المجتبى: (7/ 276، رقم: 4563) بنحوه، وقد صححه الشيخ الألباني في سنن أبي داود، وسنن النسائي.
(4)
هو الإمام الثبت الثقة المحدث أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، ويقال له ابن علية، هي أمه، وكان يكره أن ينسب إليها ويجوز نسبته إليها للتعريف. روى عن أيوب وعبد العزيز بن صهيب وحميد الطويل، وروى عنه شعبة وغيره، وحديثه في الكتب الستة، كان فقيهًا، إمامًا، مفتيًا، من أئمة الحديث، حتى قال عنه شعبة: سيد المحدثين. وريحانة الفقهاء. ولد سنة عشر ومائة (110 هـ)، وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ). انظر ترجمته: الجرح والتعديل: (2/ 153) - للإمام أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم، وتهذيب الأسماء:(1/ 130، رقم: 55)، وسير أعلام النبلاء:(9/ 108).
(5)
التمهيد لابن عبد البر: (6/ 295).