الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه العمل من غير نكير إلى يومنا هذا من لدن الصدر الأول (1).
• الخلاف في المسألة: خالف الشافعي في الجديد وبعض أصحابه في جواز الكفالة بالنفس؛ فلم يجيزوها (2)، وكذا داود الظاهري (3).
• أدلة هذا القول: قوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} [يوسف: 79].
ووجه الدلالة كما يقول الإمام الماوردي: "فكان قوله: {مَعَاذَ اللَّهِ} إنكارًا للكفالة أن تجوز حين سأله إخوته أن يأخذ أحدهم كفيلًا ممن وجد متاعه عنده"(4).
2 -
لأن النفس لا تضمن باليد، وما لا يضمن باليد لا يصح أن يضمن بالعقد كالميتة والخمر (5).
3 -
لأن الضمان بالنفس في القصاص يكون باطلا، وعقد الكفالة بالنفس ضمان لا يستحق على الضامن أن يطالب بمقتضاه؛ لذا وجب أن تكون الكفالة به باطلة.
النتيجة:
عدم انعقاد الإجماع على جواز الكفالة بالنفس؛ لخلاف الشافعي في الجديد وبعض أصحابه، وداود الظاهري.
[91/ 14] مسألة: نفي الخلاف على عدم صحة الكفالة بالنفس في الحدود
.
الكفالة بالحد نفسه والقصاص لا تجوز، وقد نفي الخلاف في ذلك.
• من نفى الخلاف: الإمام السرخسي ت 483 هـ، فقال:"لا خلاف أنه لا تصح الكفالة بنفس الحد والقصاص"(6). الإمام كمال الدين ابن الهمام
(1) الاختيار لتعليل المختار: (2/ 178).
(2)
الحاوي الكبير: (6/ 462)، وفيه:"اختلف أصحابنا في مذهب الشافعي رحمه الله لاختلاف ما حكينا عنه فكان أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة وأبو حامد المروزي يقولون: الكفالة في الحدود باطلة وفي الأموال على قولين".
(3)
بداية المجتهد: (2/ 295).
(4)
الحاوي الكبير: (6/ 463).
(5)
انظر هذا الدليل العقلي وما بعده: السابق: (6/ 463).
(6)
المبسوط: (9/ 186).
ت 861 هـ، فقال:"لا خلاف أنه لا تكفيل بنفس الحدود والقصاص"(1).
• الموافقون على نفي الخلاف: وافق جمهور الفقهاء على نفي الخلاف في عدم جواز الكفالة في الحدود: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، ونقله شمس الدين ابن قدامة عن شريح، والحسن، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور (6).
• مستند نفي الخلاف: قوله صلى الله عليه وسلم (7): "لا كفالة في حد"(8).
(1) شرح فتح القدير: (5/ 342)، وفيه:"المقصود من الكفالة إقامة الكفيل مقام المكفول عنه في الإيفاء وهذا لا يتحقق في شيء من الحدود".
(2)
اللباب في شرح الكتاب: (1/ 209)، وفيه:"ولا تجوز الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص عند أبي حنيفة، وقالا: يجوز"، وشرح فتح القدير:(5/ 342)، وفيه:"المقصود من الكفالة إقامة الكفيل مقام المكفول عنه في الإيفاء وهذا لا يتحقق في شيء من الحدود".
(3)
المدونة: (4/ 115)، وفيه:"لا كفالة في الحدود".
(4)
الحاوي: (6/ 462)، وفيه:"ضعف الشافعي كفالة الوجه في موضع وأجازها في موضع آخر إلا في الحدود. . ولا يكفل رجل في حد ولا لعان".
(5)
الكافي: (3/ 270)، والشرح الكبير:(5/ 99)، وفيه:" (ولا يصح ببدن من عليه حد ولا قصاص سواء كان حقا للَّه تعالى كحد الزنا والسرقة أو لآدمي كحد القذف والقصاص) وهو قول العلماء منهم شريح والحسن وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي والشافعي في حدود اللَّه تعالى".
(6)
الشرح الكبير: (5/ 99)، وقد سبق نصه.
(7)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: الشرح الكبير لابن قدامة: (5/ 99).
(8)
سنن البيهقي الكبرى وضعفه: (6/ 77) - من طرق عن بقية عن أبي محمد عمر بن أبي عمر الكلاعي الدمشقي حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا كفالة في حد".
قلت: الحديث ضعيف ضعفه غير واحد، منهم البيهقي نفسه، وابن عدي فقال:"عمر ابن أبي عمر الكلاعي الحميري الدمشقي ليس بالمعروف، حدث عنه بقية منكر الحديث عن الثقات". الكامل في ضعفاء الرجال: (5/ 22، رقم: 1194). والحافظ ابن حجر، فقال:"رواه البيهقي لإسناد ضعيف"، بلوغ المرام من أدلة الأحكام:(ص 180، رقم: 901).
2 -
وقال بكير بن عبد اللَّه بن الأشج (1): "لا تقبل حمالة في دم ولا في سرقة ولا شرب خمر ولا في شيء من حدود اللَّه وتقبل فيما سوى ذلك"(2).
3 -
لأن الحدود والقصاص لا يجري فيها النيابة في الإيفاء (3).
4 -
لأن الكفالة المقصود منها هو أن يقوم الكفيل مقام المكفول عنه في الإيفاء، وهذا لا يصلح في شيء من الحدود أو القصاص. فلا تصح الكفالة بها (4).
5 -
لأن من مقاصد الكفالة هو الاستيثاق، والحدود مبنية على الدرء والإسقاط؛ فلا يناسبها الاستيثاق بالكفالة (5)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"ادرءوا الحدود مما استطعتم"(6).
(1) انظر الاستدلال بهذا الأثر: اختلاف الفقهاء للطبري: (ص 218).
(2)
رواه الطبري في اختلاف الفقهاء: (ص 218) - حدثني يونس [بن عبد الأعلى] قال حدثنا ابن وهب [بن مسلم المصري] قال حدثني مخرمة بن بكير بن عبد اللَّه عن أبيه. . . الحديث.
قلت: الأثر صحيح، إسناده متصل، ورجاله ثقات. رجال الصحيحين أو أحدهما.
(3)
المبسوط: (9/ 186).
(4)
المرجع السابق.
(5)
بدائع الصنائع: (7/ 53).
(6)
روي مرفوعًا من حديث عائشة عند الدارقطني، ومن طريقه رواه البيهقي، ومن حديث أبي هريرة عند الدارقطني، وروي موقوفًا من حديث عمر بن الخطاب عند عبد الرزاق، ومن حديث ابن مسعود موقوفًا، ومن حديث علي مرفوعًا وموقوفًا، ومن حديث عمر بن عبد العزيز موقوفًا. وأصح هذه الأحاديث حديث ابن مسعود الموقوف، وقد روي في: مصنف ابن أبي شيبة: (5/ 511) عن وكيع، عن سفيان، عن عاصم ابن أبى النجود، ، عن أبى وائل [شقيق بن سلمة] عن عبد اللَّه قال:"دْرَؤُوا القَتْلَ والجلدَ عن المسلمِيْنَ ما اسْتَطَعْتُمْ".
والبيهقى: (8/ 238) -من طريق وكيع به. وقال في: (9/ 123) بعد ما ذكر روايات أخرى مرفوعة، عن عائشة وغيرها من الصحابة رضي الله عنهم؛ لكن لا تخلو رواية منها من مقال:"وأصح الروايات عاصم، عن أبى وائل، عن عبد اللَّه بن مسعود من فيه عن الصحابة: رواية قوله". قلت: الأثر صحيح؛ إسناده متصل، ورجاله ثقات. وقد حسنه الشيخ الألبانى فى "إرواء الغليل":(8/ 26).
هذا على أنه قد حسن بعض الأئمة حديث: "ادْرَؤوا الحدودَ بِالشبُهَاتِ" مرفوعًا. قال الإمام الزرقانى: " (ادْرَؤُوا الحدودَ بِالشُّبُهَاتِ): صحيح موقوفًا، وحسن لغيره مرفوعًا" -مختصر المقاصد الحسنة: (ص 71، رقم: 42) - للإمام محمد بن عبد الباقى الزرقانى. =