الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير المشهور عندهم، وهو قول عبد الملك بن الماجشون منهم (1)، وهو قول للشافعية (2)، وهو المذهب عند الحنابلة (3)؛ فلم يشترطوا الإشهاد عند رد المال، بل جعله بعضهم مندوبًا.
• أدلة هذا الرأي:
1 -
قوله تعالى (4): {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: 6].
قال الإمام الشافعي: "وفي قول اللَّه عز وجل {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} كالدليل على الإرخاص في ترك الإشهاد لأن اللَّه عز وجل يقول {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} أي إن لم تشهدوا، واللَّه تعالى أعلم"(5).
وقال الإمام العيني: "إن الإشهاد من باب الندب خوف الإنكار منهم، وقيل إن الإشهاد منسوخ بقوله: {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} أي شهيدًا أو كافيًا من الشهود"(6).
2 -
ويحتمل الآن الأمر بالإشهاد هو إرشاد أو ندب حيث لا يحتاج إلى اليمين (7).
النتيجة:
عدم تحقق الاتفاق على عدم براءة الوصي إذا دفع المال للموصى إليه إلا بالإشهاد للخلاف المذكور.
[214/ 23] مسألة: تصرف الصغير العاقل قبل بلوغه صحيح إذا كان نافعًا
.
يصح تصرف الصبي الصغير العاقل قبل بلوغه إذا كان التصرف نافعًا، ولا يصح إذا كان ضارًّا محضًا، ولا يتوقف على إجازة الولي، وقد نقل
(1) المدونة: (4/ 339)، والذخيرة:(7/ 180، 8/ 17)، وتفسير القرطبي:(5/ 45)، والشرح الكبير للدردير:(4/ 456)، ومنح الجليل:(9/ 591). وقد سبقت نصوصهم في القول الأول.
(2)
الأم: (7/ 82)، والشرح الكبير:(11/ 83) وقد سبق نصاهما في القول الأول.
(3)
الشرح الكبير لابن قدامة: (4/ 532)، والإنصاف:(5/ 253) وقد سبق نصاهما في القول الأول.
(4)
انظر الاستدلال بهذه الآية: الأم: (7/ 82)، وعمدة القاري:(14/ 82).
(5)
الأم: (7/ 82).
(6)
عمدة القاري: (14/ 82) - الكتاب والباب السابقين.
(7)
انظر: الشرح الكبير للرافعي: (11/ 83).
الإجماع على هذا، كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع ونفى الخلاف: الإمام الكاساني ت 587 هـ، فقال:"أما الصبي العاقل فتصح منه التصرفات النافعة بلا خلاف، ولا تصح منه التصرفات الضارة المحضة بالإجماع"(1).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (2)، والمالكية إن لم يكن في المتصرف فيه عوض (3)، وعلي بن داود الظاهري (4).
• مستند الإجماع ونفي الخلاف: لأن الرد في التصرفات الضارة لأجله، والتوقف في المتردد بين النفع والضرر لأجله حتى يجيزه الولي إن رأى فيه مصلحة؛ فكذا وجب أن ينفذ تصرفه النافع نظرًا له (5).
• الخلاف في المسألة: خالف المالكية، فقالوا: إن تصرفات الصبي النافعة
(1) بدائع الصنائع: (7/ 171).
(2)
السابق: (7/ 171) وقد سبق نصه في حكاية الإجماع، وفيه أيضًا:"وأما الدائرة بين الضرر والنفع كالبيع والشراء والإجارة ونحوها فينعقد عندنا موقوفا على إجازة وليه فإن أجاز جاز وإن رد بطل"، وتبيين الحقائق:(5/ 96)، وفيه:"إذا كان التصرف نافعًا محضا تعين النظر في نفوذه فينفذ نظرًا له؛ لأن الرد في الضار لأجله والتوقف في المتردد بين النفع والضرر لأجله حتى يجيزه الولي إن رأى فيه مصلحة، فكذا وجب أن ينفذ تصرفه النافع نظرًا له".
(3)
التاج والإكليل: (4/ 20)، وفيه:"ما فعله الصبي من بيع أو ابتياع مما فيه سداد ونظر من فعله يوم فعله فلا ينظر فيه الأب أو الوصي"، ومنح الجليل:(6/ 90)، وفيه:"في المقدمات: لا اختلاف بين مالك وأصحابه رضي اللَّه تعالى عنهم أن الصغير الذي لم يبلغ الحلم من الرجال والمحيض من النساء؛ لا يجوز له في ماله معروف من هبة ولا صدقة ولا عطية ولا عتق، وإن أذن له فيه الأب أو الوصي. فإن باع أو اشترى أو فعل ما يشبه البيع والشراء مما يخرج على عوض ولا يقصد فيه إلى معروف؛ وقف على نظر وليه، فإن رآه سدادًا أو غبطة أجازه، وإن رآه بخلافه رده".
(4)
المحلى (7/ 199)، وفيه:"قال علي: ومن حجر عليه ماله لصغر أو جنون، فسواء كان عليه وصي من أب أو من قاض كل من نظر له نظرا حسنا في بيع أو ابتياع، أو عمل ما -: فهو نافذ لازم لا يرد".
(5)
انظر: تبيين الحقائق: (5/ 96).
إن كانت على عوض فهي موقوفة على إذن وليه (1)، والظاهرية (2).
لم أجد عند الشافعية والحنابلة ما ينص على هذه المسألة وهي تصرفات الصبي النافعة والضارة بدون إذن. غير أن الشافعية يرون بطلان تصرف الصبي وعدم نفاذه دون التعرض لكون هذا التصرف نافعًا أو ضارًّا (3).
وذهب الحنابلة إلى أن الصغير المميز إذا تصرف بدون إذن وليه لم يصح تصرفه، ويحتمل عندهم الصحة (4)، وفي رواية ثالثة: يصح مطلقًا (5).
• ودليلهم في ذلك:
1 -
لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم"(6).
(1) منح الجليل: (6/ 90)، وفيه:"فإن باع أو اشترى [أي الصبي] أو فعل ما يشبه البيع والشراء مما يخرج على عوض ولا يقصد فيه إلى معروف؛ وقف على نظر وليه، فإن رآه سدادًا أو غبطة أجازه، وإن رآه بخلافه رده".
(2)
المحلى (7/ 199)، وفيه:"وأما من لم يبلغ، أو بلغ وهو لا يميز ولا يعقل أو ذهب تمييزه بعد أن بلغ مميزا -: فهؤلاء غير مخاطبين ولا ينفذ لهم أمر في شيء من مالهم".
(3)
التنبيه: (1/ 102)، وفيه:"لا يجوز تصرف الصبي والمجنون في مالهما ويتصرف في مالهما الولي"، والشرح الكبير للرافعي:(10/ 284)، وفيه:"تصرفه في الصبا غير نافذ. . . تصرف الصبى لا ينفذ"، وحاشية الجمل (3/ 16)، وفيه:" (فلا يصح عقد صبي) أي ولو مراهقا ولو أذن الولي".
(4)
المغني (4/ 186)، وفيه:"فأما إن تصرف بغير إذن وليه، لم يصح تصرفه، ويحتمل أن يصح، ويقف على إجازة الولي".
(5)
الكافي: (2/ 106)، وفيه:"وإنما يعرف رشده باختباره لقول اللَّه تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى. . .} ووقت الاختيار قبل البلوغ في ظاهر المذهب. . . وفيه رواية أخرى: لا يختبر إلا بعد البلوغ لأنه قبله ليس بأهل للتصرف. . وفي تصرف الصبي المميز بإذن وليه روايتان بناء على هذا، فأما غير المأذون فلا يصح تصرفه إلا في الشيء اليسير"، والإنصاف:(4/ 192 - 193) وفيه الروايات الثلاث، وحاشية الروض المربع:(4/ 334).
(6)
أبو داود: (4/ 140، رقم: 4401) كتاب الحدود، باب فى المجنون يسرق أو يصيب حدًّا -من طريق سليمان بن مهران [الأعمش] عن أبي ظبيان عن ابن عباس، عن علي قال: أو ما تذكر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "رفع القلم عن ثلاثة. . . " الحديث.
2 -
لأن تصرفهم قبل الإذن يفضي إلى ضياع أموالهم، وفيه ضرر عليهم (1).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع ونفي الخلاف في صحة تصرفات الصبي النافعة، وبطلان التصرفات الضارة؛ لخلاف من سبق.
[215/ 24] مسألة: حيازة (2) الأب الهبة لابنه الصغير جائزة.
حيازةُ الأبِ الهبةَ لابنه الصغير جائزة، وإن كانت هذه الهبةُ هبةَ الأب بشرط الإشهاد، وقد نقل الإجماع على هذا، كما نفي فيه الخلاف.
• من نقل الإجماع ونفى الخلاف: الإمام ابن المنذر ت 318 هـ، فقال:"وأجمعوا أن الرجل إذا وهب لولده الطفل دارًا بعينها أو عبدًا بعينه وقبضه له من نفسه وأشهد عليه؛ أن الهبة تامة"(3). الإمام ابن عبد البر ت 463 هـ، فقال: "أجمع الفقهاء أن عطية الأب لابنه الصغير في حجره لا يحتاج فيها إلى قبض، وأن الإشهاد فيها يغني عن القبض، وأنها صحيحة وإن وليها أبوه لخصوصه
= والنسائي في الكبرى: (4/ 323، رقم: 7343) كتاب الرجم، المجنونة تصيب الحد -من طريق الأعمش به، وابن خزيمة:(4/ 348، رقم: 3048) كتاب المناسك، باب ذكر إسقاط فرض الحج عن الصبى قبل البلوغ، وعن المجنون حتى يفيق- من طريق الأعمش به، والحاكم فى المستدرك على الصحيحين:(4/ 429، رقم: 8168) - به، قال الحاكم:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وأقره عليه الذهبي.
قلت: الحديث صحيح؛ إسناده متصل، ورجاله ثقات، وقد سكت عنه أبو داود، وصححه ابن خزيمة، والحاكم، وأقره عليه الذهبي، وكذا الشيخ الألبانى فى إرواء الغليل:(2/ 5، رقم: 297).
(1)
حاشية الروض المربع: (5/ 182).
(2)
الحيازة: من الحوز، وهو الجمع، وكل من ضم إلى نفسه شيئًا فقد حازه حوزًا وحيازة. انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: (3/ 875)، وفي المعجم الوسيط:(1/ 206): " (حاز) فلان حوزًا سار سيرًا لينًا، والشيءَ حيازةً ضمه وملكه يقال حاز المال وحاز العقار".
(3)
الإجماع: (ص 66، رقم: 600).
بذلك ما دام صغيرًا" (1). وقال أيضًا: "لا أعلم خلافا أنه إذا تصدق على ابنه الصغير بدار أو ثوب أو سائر العروض أن إعلان ذلك بالإشهاد عليه يدخله في ملك الابن الصغير ويخرجه عن ملك الأب" (2). الإمام ابن رشد الحفيد ت 595 هـ، فقال: "جمهور فقهاء الأمصار على أن الأب يحوز لابنه الصغير الذي في ولاية نظره وللكبير السفيه الذي ما وهبه كما يجوز لهما ما وهبه غيره لهما وأنه يكفي في الحيازة له إشهاده بالهبة والإعلان بذلك" (3). الإمام الموفق ابن قدامة ت 620 هـ، فقال: "أحق من يحوز على الصبي أبوه، وهذا مذهب الشافعي، ولا أعلم فيه خلافًا" (4).
• الموافقون على الإجماع ونفي الخلاف: وافق على الإجماع على صحة حيازة الأب لابنه الصغير جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم: الحنفية (5)، والمالكية بشرط عدم انتفاعه بما حازه لابنه (6)، والشافعية (7)،
(1) التمهيد لابن عبد البر: (7/ 241).
(2)
السابق: (7/ 242).
(3)
بداية المجتهد: (2/ 330).
(4)
المغني: (8/ 253).
(5)
تبيين الحقائق: (5/ 95)، وفيه:" (وهبة الأب لطفله تتم بالعقد) لأنه في قبض الأب فينوب عن قبض الصغير لأنه وليه. . ". وحاشية ابن عابدين: (8/ 430)، وفيه:"ولو قال هذا الشيء لولدي الصغير فلان جاز، ويتم من غير قبول".
(6)
المدونة: (4/ 424)، والتمهيد لا بن عبد البر:(7/ 241، 242)، وبداية المجتهد:(2/ 335)، وكفاية الطالب:(2/ 335) وفيه: " (وما وهبه) الأب (لابنه الصغير فحيازته له جائزة) بشرطين. . (إذا لم يسكن ذلك) الشيء. . (أو يلبسه إن كان ثوبًا) فإن فعل شيئًا من ذلك بطلت الهبة لأنه رجوع". والمنتقى شرح الموطأ: (8/ 175)، وفيه:"الموهوب على ضربين: عين وغير عين، فأما غير العين فما كان يحاز ولا ينتفع الأب به حال الحيازة وبعدها كالجنة يستغلها، أو الربع يكريه، أو السلعة يمسكها له أو يبيعها فإنه يصح حيازة الأب إياها لابنه، وما كان الأب ينتفع به كالدار يسكنها أو الثوب يلبسه؛ فلا تصح حيازة الأب له مع استدامة ذلك؛ لأن انتفاعه به كسكنى الدار ولبس الثوب ينافي حيازة الابن".
(7)
مغني المحتاج: (2/ 400)، وفيه:"أن هبة الأب لابنه الصغير لا تملك إلا بالقبض"، والبجيرمي على الخطيب (3/ 263)، وفيه: "واعلم أن ظاهر كلام المتن أن الهبة تملك =
والحنابلة (1)، والظاهرية (2)، وهو قول عمر بن الخطاب وعمر ابن عبد العزيز وشريح الكندي وابن شهاب وربيعة وبكير بن الأشج (3).
• مستند الإجماع ونفي الخلاف:
1 -
قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (4): "ما بال رجال يَنْحَلُونَ (5) أبناءهم نُحْلًا ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم قال: مالي بيدي لم أعطه أحدا. وإن مات هو قال: هو لابني قد كنت أعطيته إياها. من نحل نِحْلَةً فلم يحزها الذي نُحِلَهَا -حتى يكون إن مات لورثته- فهي باطل"(6).
= بالعقد؛ لكن لا يلزم ذلك إلا بالقبض. وقول الشارح: (أي لا تملك) يقتضي أن العقد لم يفد ملكا أصلًا، وهذا ما حل به ابن قاسم كلام المتن، إلا أن يقدر -أي ملكًا تامًّا- وإلا فأصل الملك حصل بالعقد، ويدل له قول شيخنا. . . . .:(ولا تلزم الهبة) أي لا تصير من العقود اللازمة وهي التي يمتنع فسخها شرعًا لغير موجب شرعي إلا بالقبض اهـ".
(1)
المغني: (8/ 252)، وفيه:"الطفل لا يصح قبضه لنفسه ولا قبوله لأنه ليس من أهل التصرف ووليه يقوم مقامه في ذلك فإن كان له أب أمين فهو وليه".
(2)
المحلى: (9/ 120)، وفيه:"وصح ملك الموهوب أو المتصدق عليه، فلو قبضها الموهوب له أو المتصدق عليه بغير إذن الواهب والمتصدق لم يصح له بذلك ملك، وقضي عليه بردها إلى الواهب أو المتصدق إلا الصغير، فإن أباه أو وصيه يقبضان له".
(3)
المدونة: (4/ 424).
(4)
انظر الاستدلال بهذا الأثر: المدونة: (4/ 424)، والمحلى:(9/ 122)، وبداية المجتهد:(2/ 329).
(5)
يَنْحَلُونَ: من نَحَلَ يَنْحَلُ نُحْلًا، والنُّحل العَطِيَّة والهبة ابتِداءً من غير عِوَض، ولا استِحقاق. والنِّحْلة بالكسر العطيَّة. انظر: النهاية لابن الأثير: (5/ 28).
(6)
موطأ مالك: (2/ 753، رقم: 1439) عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر بن الخطاب. . . الأثر.
مصنف عبد الرزاق: (9/ 102) سمعنا عمر بن الخطاب يقول: ما بال أقوام ينحلون أبناءهم، فإذا مات الابن قال الأب: مالي وفي يدي، وإذا مات الأب قال: قد كنت نحلت ابني كذا وكذا، لا نحل إلا لمن حازه وقبضه عن أبيه، مصنف ابن أبي شيبة:(4/ 280) - حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري بنحوه.
سنن البيهقي الكبرى: (6/ 170، رقم: 11729) - من طريق ابن وهب أخبرني رجال من أهل =