الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقمة في فمه، ثم قال:"أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها" فأرسلت المرأة، قالت: يا رسول اللَّه إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة، فلم أجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة: أن أرسل إلى بها بثمنها؛ فلم يوجد، فأرسلت إلى امرأته، فأرسلت إلى بها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أطعميه الأسارى"(1).
قال الإمام ابن عبد البر في معرض الاستدلال بهذا الحديث: "وهو لم تكن ذكية ما أطعمها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم"(2).
وقال الإمام أبو الوليد ابن رشد الجد: "وإذ لو لم تكن ذكية لما أطعمها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدًا"(3).
وقال الحافظ ابن حجر: "فلو لم تكن ذكية ما أمر بإطعامها الأسارى"(4).
النتيجة:
عدم تحقق نفي الخلاف في حرمة أكل الغاصب من الذبيحة المغصوبة لخلاف أكثر الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية، وكذا الحنابلة في الصحيح الظاهر عندهم.
[35/ 7] مسألة: الذبح بآلة مغصوبة صحيح مع الإثم بالإجماع
.
إذا ذبحت الذبيحة بآلة مغصوبة سكين أو نحوها حلت، مع الإثم. وقد نقل الإجماع على هذا، كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع: الإمام النووي ت 676 هـ، فقال: "نقلوا الإجماع على صحة الصلاة في الدار المغصوبة. . . ومثل هذا لو توضأ. . . أو ذبح بسكين
(1) أبو داود (3/ 244، رقم: 3332)، ومسند أحمد:(5/ 293) وصحح إسناده الزيلعي، وقال عند سند أحمد:"هذا سند صحيح إلا أن كليب بن شهاب والد عاصم لم يخرجا له في الصحيح، وخرج له البخاري في جزئه في رفع اليدين، وقال فيه ابن سعد: ثقة، وذكره بن حبان في الثقات". نصب الراية، وقال ابن حجر:"أخرجه أحمد، وأبو داود بسند قوي من طريق عاصم بن كليب عن أبيه". فتح الباري: (9/ 633).
(2)
التمهيد لابن عبد البر: (16/ 130).
(3)
البيان والتحصيل: (3/ 287).
(4)
فتح الباري: (9/ 633).
مغصوب. . . . صح الوضوء. . والذبح. . . ويأثم" (1). وقال أيضًا: "لو ذبح بسكين مغصوب. . كره ذلك، وحلت الذبيحة بلا خلاف عندنا قال العبدري: وبه قال العلماء كافة" (2).
• الموافقون على الإجماع: وافق الجمهور على حل الذبح بآلة مغصوبة مع الإثم: الحنفية (3)، والمالكية (4)(5)، والحنابلة في أصح الوجهين عندهم (6).
• مستند الإجماع ونفي الخلاف:
1 -
قوله تعالى (7): {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3].
2 -
قوله عليه السلام: "ما أَنْهَرَ الدَّمَ (8)، وذُكِرَ اسْمُ اللَّه فكلوا. . . "(9).
3 -
لأنه يباح الذبح بها للضرورة والضرورات تبيح المحظورات (10).
(1) المجموع شرح المهذب: (1/ 251).
(2)
السابق: (9/ 82).
(3)
بدائع الصنائع: (5/ 61)، وفيه:"ويكره أن يضجعها [أي الذبيحة] ويحد الشفرة بين يديها. . . فإذا أحد الشفرة وقد أضجعها يزداد ألمها، وهذا كله لا تحرم به الذبيحة لأن النهي عن ذلك ليس لمعنى في المنهي؛ بل لما يلحق الحيوان من زيادة ألم لا حاجة إليه، فكان النهي عنه لمعنى في غير المنهي، وأنه لا يوجب الفساد كالذبح بسكين مغصوب والاصطياد بقوس مغصوب ونحو ذلك".
(4)
الذخيرة: (1/ 327)، وفيه:"الغاصب يؤذن له في الصلاة بالمسح على الخفين [أي المغصوبَيْنِ] في الجملة، وإنما أدركه التحريم من جهة الغصب، فأشبه المتوضئ بالماء المغصوب والذابح بالسكين المغصوبة فيأثمان وتصح أفعالهما".
(5)
المجموع شرح المهذب: (1/ 251)، وفيه:"لو توضأ أو تيمم بماء أو تراب مغصوب أو ذبح بسكين مغصوب أو أقام الإمام الحد بسوط مغصوب صح الوضوء والتيمم والذبح والحد ويأثم واللَّه أعلم" وأيضًا في (1/ 510، 9/ 82).
(6)
الشرح الكبير لابن قدامة: (11/ 51)، وفيه:"فإن ذبح بآلة مغصوبة حل في أصح الوجهين"، والإنصاف:(10/ 293)، وفيه:"فإن ذبح بآلة مغصوبة حل في أصح الوجهين. وهما روايتان. والصحيح من المذهب الحل".
(7)
انظر الاستدلال بهذه الآية وبالحديث بعدها: المجموع شرح المهذب: (9/ 82).
(8)
أنهر الدم: أَظهره وأَساله. لسان العرب: (5/ 238).
(9)
البخاري في مواضع منها رقم (5223)، ومسلم: رقم (1968)(35).
(10)
انظر: الإنصاف: (10/ 293).
• الخلاف في المسألة: خالف الإجماع في هذه المسألة: الحنابلة في الرواية الأخرى (1)، والظاهرية (2)، فقالوا بعدم حل الذبيحة المذبوحة بآلة مغصوبة.
• أدلة هذا الرأي:
1 -
قوله عليه السلام (3): "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا؛ فهو رد"(4).
قال الإمام النووي رادّا على الاستدلال بهذا الحديث: "والجواب عن حديث (من عمل عملًا) أنه يقتضى تحريم فعله، ولا يلزم منه إبطال الذكاة"(5).
2 -
لأن المذبوح بآلة مغصوبة لم يُذَكَّ التذكية المأمور بها، فإذا لم يذك كما أمر؛ فلم يحل بذلك العمل المنهي عنه أكل ما لا يحل أكله إلا بالتذكية المأمور بها (6).
3 -
لأن الغصب منهي عنه؛ وحيث إن الآلة محرمة فلم يحصل مقصودها كما، أشبه ما لو استجمر بالروث والرمة (7).
(1) الشرح الكبير: (11/ 51)، والإنصاف:(10/ 293) وقد سبقت نصوصهم قبل أربعة هوامش.
(2)
المحلى: (7/ 453)، وفيه: "وما ثَرِّد [قيل التَّثْريد: أن تَذْبَح بشيء لا يُسيل الدَّم. . . والمثرَّدُ الذي يَقْتُلُ بغير ذكاة. النهاية: (1/ 209)] وخَزَقَ ولم ينفذ نفاذ السكين، والسهم؛ لم يحل أكل ما قتل به. . . فالمُثَرِّدُ. والذابح بشيء مُضَرَّس [خشن غير أملس. وفي اللغة: قِدْحٌ مُضَرَّسٌ: غير أَملس.
قلت: وهذا يعني عند ابن حزم أيضًا أن الذبح بالمأخوذ بغير حق وهو المغصوب وما أشبهه لا يحل أكله لأنه لم يذك كما أمر اللَّه، ولم يذبح كما أمر. وقال أيضًا في:(7/ 453): "من لم يجد إلا آلة مغصوبة، أو مأخوذة بغير حق وخشي الموت على حيوانه ذكاه بها وحل له أكله". قلت: وهذا يعني عند ابن حزم أيضًا عدم حل المذبوح بآلة مغصوبة وما أشبهها إلا عند انعدام غيرها، وانظر: الإحكام لابن حزم أيضًا: (3/ 319).
(3)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: الإحكام لابن حزم: (3/ 319).
(4)
سبق تخريجه (ص 75).
(5)
المجموع شرح المهذب: (9/ 82).
(6)
انظر: الإحكام لابن حزم: (3/ 320).
(7)
الشرح الكبير لابن قدامة: (11/ 51).