الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
لأن رب المال إنما دفع ماله إلى المضارب ليتجر به، فما كان من خسارة فعلى رب المال بمقدار ما دفع وما زاد فعلى المقارض (1).
• الخلاف فى المسألة: لم أعثر على خلاف في هذه المسألة، كما لم أعثر من قبل على وفاق.
النتيجة:
انعقاد الإجماع على تحميل المضارب الكراء لنقل السلع إن استغرق الكراء قيمتها؛ لعدم الوقوف على المخالف.
[275/ 11] مسألة: مضارب المضارب بالمال لا يكون إلا بإذن رب المال
.
مضارب المضارب لا يكون إلا بإذن رب المال، وقد نقل الإجماع على هذا، كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع ونفى الخلاف: الإمام محمد بن الحسن التميمى الجوهرى ت في حدود 350 هـ، فقال:"وأجمعوا أن المضارب لا يدفع المال إلى غيره مضاربة إلا بإذن ربه، أو يطلق له في العقد أن يضع فيه رأيه"(2). الإمام ابن رشد الحفيد ت 595 هـ؛ فقال: "لم يختلف هؤلاء المشاهير من فقهاء الأمصار أنه إن دفع العامل رأس مال القراض إلى مقارض آخر أنه ضامن إن كان خسران"(3).
الإمام الموفق ابن قدامة ت 620 هـ؛ فقال: "ليس للمضارب دفع المال إلى آخر مضاربة نص عليه أحمد. . قال: إن أذن له رب المال وإلا فلا. . . وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي ولا أعرف عن غيرهم خلافهم"(4).
• الموافقون على الإجماع ونفي الخلاف: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم من الحنفية [إذا قيد بشيء عندهم](5)،
(1) بداية المجتهد: (2/ 241).
(2)
نوادر الفقهاء: (ص 270 - 271، رقم: 280).
(3)
بداية المجتهد: (2/ 242).
(4)
المغني: (7/ 156).
(5)
الكتاب مع شرحه اللباب: (1/ 198)، وفيه:"وليس له أن يدفع المال مضاربةً إلا أن يأذن له رب المال في ذلك"، وتبيين الحقائق:(5/ 58)، بداية المبتدي (1/ 178) وفيه:(ولا يضارب إلا أن يأذن له رب المال).
والمالكية (1)، والشافعية في قول الأصح خلافه (2)، والحنابلة في أصح الوجوه عندهم (3) على الإجماع على كون مضارب المضارب، لا يكون إلا بإذن رب المال.
هذا على أن الحنفية يرون أن رب المال لو فوض الأمر لعامل المضاربة، بأن قال له اعمل برأيك مثلًا؛ فإنه يجوز للعام أن يضارب بدون إذن رب المال.
قال الإمام ابن مودود الموصلي الحنفي: " (ولا يضارب إلا بإذن رب المال، أو بقوله: اعمل برأيك) ".
ثم يذكر دليل ذلك فيقول: "لأن الشيء لا يستتبع مثله لاستوائها في القوة فاحتاج إلى التنصيص أو مطلق التفويض"(4).
• مستند الإجماع ونفي الخلاف:
1 -
قوله صلى الله عليه وسلم: "بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر، فأووا إلى غار فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه واللَّه يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق؛ فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه، فقال واحد منهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فَرقٍ (5) من أرز، فذهب
(1) الكافي لابن عبد البر: (ص 386)، وفيه:"ولا يجوز للعامل أن يدفع المال قراضًا إلا بإذن ربه، سواء كان على مثل شرطه أو مخالفًا له".
(2)
الحاوي للماوردي: (7/ 336)، وفيه:"اعلم أن العامل في القراض ممنوع أن يقارض غيره بمال القراض ما لم يأذن له رب المال إذنًا صحيحًا صريحًا"، والمهذب:(1/ 386)، وفيه:"ولا يجوز للعامل أن يقارض غيره من غير إذن رب المال"، ومغني المحتاج:(2/ 314)، وفيه:" (ولو قارض العامل) شخصًا (آخر بإذن المالك ليشاركه) ذلك الآخر (في العمل والربح لم يجز في الأصح). . والثاني يجوز. . وقواه السبكي، وقال. . إنه الذي قطع به الجمهور"،
(3)
المغني: (7/ 156)، وفيه:"وليس للمضارب دفع المال إلى آخر مضاربة نص عليه أحمد. . قال: إن أذن له رب المال وإلا فلا. . وخرج القاضي وجهًا في جواز ذلك. . ولا يصح هذا التخريج" ومجموع الفتاوى: (29/ 102)، وفيه:"وأحد الشركاء إذا اتجر في المال المشترك بدون إذن الآخر فهو كالغاصب في نصيب الشريك".
(4)
الاختيار لتعليل المختار: (3/ 22).
(5)
الفَرَق: مِكْيَال يسع سِتَّةَ عشر رِطْلا، وهى اثنا عشر مُدًّا، أو ثلاثة آصُع عند أهْل الحجاز. وقيل: الفَرَق خمسة أقْسَاط، والقِسْط: نصف صاع. النهاية لابن الأثير: (3/ 437).
وتركه، وإني عمدت إلى ذلك الفرق، فزرعته فصار من أمره أني اشتريت منه بقرًا، وأنه أتانى يطلب أجره؛ فقلت: اعمد إلى تلك البقر، فسقها. فقال لي: إنما لي عندك فرق من أرز؛ فقلت له: اعمد إلى تلك البقر؛ فإنها من ذلك الفرق فساقها" (1).
• وجه الدلالة: أن تجارة الرجل في مال الرجل بغير إذنه الأصل فيها عدم الجواز، وهي موقوفة على إجازته، إن أجازه نفذ وإلا لغا (2).
2 -
لأن تصرف المقارض بالإذن، فلا يملك هذا التصرف إلا بالإذن فإذا لم يأذن له رب المال فيه فلا يملكه (3).
3 -
لأنه إن وقع هذا التصرف من العامل دون إذن فقد أوجب في المال حقا لغيره، ولا يصح أن يوجب الإنسان حقًّا في مال غيره إلا بإذنه (4).
4 -
لأن الشيء لا يتضمن مثله إلا بالتنصيص عليه أو التفويض المطلق إليه (5).
5 -
لأن رب المال لو أراد من العامل أن يقارض غيره، لقارضهما ابتداء لأنه يجوز للمالك أن يقارض شخصين في الابتداء (6).
• الخلاف في المسألة: خالف الشافعية في الأصح عندهم؛ فقالوا لا يصح أن يضار المضارب غيره حتى ولو أذن المالك (7).
= والرطل البغدادي يساوي 408 جم. والصاع الشرعي أو البغدادي (2176) جم. وفي تقدير آخر للصاع هو الشائع أنه (2751) جم. انظر: الفقه الإسلامي وأدلته: (1/ 119).
(1)
البخاري: (3/ 1278، رقم: 3278)، ومسلم:(4/ 2099، رقم: 2743).
(2)
انظر: عون المعبود: (9/ 175)، وشرح سنن ابن ماجه:(1/ 173).
(3)
المهذب: (1/ 386).
(4)
انظر: المغني: (7/ 156).
(5)
تبيين الحقائق: (5/ 58).
(6)
مغني المحتاج: (2/ 314).
(7)
المرجع السابق.
• ودليلهم على هذا:
1 -
لأن المضاربة جاءت على خلاف القياس، فموضوع المضاربة أن يكون أحد العاقدين مالكًا لا عمل له، والآخر محاملًا، ولو متعمدًا لا ملك له، أما مضاربة المضارب لغيره فهي تدور بين عاملين فلا يصح (1).
كما خالف القاضي أبو من الحنابلة فخرج وجهًا في جواز أن يضارب المضارب غيره ولو لم يأذن (2).
• ودليلهم على هذا:
1 -
لأن هذا من باب توكيل الوكيل من غير إذن الموكل وهو جائز (3).
وقد تعقبه الموفق ابن قدامة فقال: "ولا يصح هذا التخريج، وقياسه على الوكيل ممتنع لوجهين:
أحدهما: أنه إنما دفع إليه المال هاهنا ليضارب به ويدفعه إلى غيره مضاربة يخرج عن كونه مضاربًا به بخلاف الوكيل.
الثاني: إن هذا يوجب في المال حقا لغيره ولا يجوز إيجاب حق في مال إنسان بغير إذنه" (4).
النتيجة:
عدم انعقاد الإجماع على جواز أن يضار المضارب غيره بإذن المالك؛ لخلاف من سبق من الشافعية في الأصح، ووجه عند الحنابلة.
وغني عن الذكر القول بعدم انعقاده على جواز أن يضارب غيره إن أطلق رب المال للمقارض في العقد أن يضع فيه رأيه، ولم يصرح له بالإذن.
(1) المرجع السابق.
(2)
المغني: (7/ 156)، وفيه:"وليس للمضارب دفع المال إلى آخر مضاربة نص عليه أحمد. . قال: إن أذن له رب المال وإلا فلا. . وخرج القاضي وجها في جواز ذلك. . ولا يصح هذا التخريج".
(3)
المغني: (7/ 156).
(4)
المغني: (7/ 156).