الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول مسائل الإجماع في عقد الوكالة
[137/ 1] مسألة: حكم الوكالة
(1).
الوكالة تصح في كل حق تجوز النيابة فيه (2)، وكل عقد يصح أن يعقده الإنسان بنفسه (3)، وقد نُقِلَ الإجماع والاتفاق على ذلك، كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع: الإمام ابن المنذر ت 318 هـ، فقال:"وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للمريض العاجز عن الخروج إلى مجلس الحكم، والغائب عن المصر، يوكل كل واحد منهما وكيلًا يطالب له حقه، ويتكلم عنه"(4). الإمام ابن حزم ت 456 هـ، فقال:"اتفقوا على جواز الوكالة في البيع والشراء، وحفظ المتاع، وقبض الحقوق من الأموال ودفعها، والنظر في الأموال"(5).
(1) الوِكالة: بفتح الواو وكسرها، وهي لغة: القيام بالأمر، وسمي الوكيل وكيلًا؛ لأن مُوَكله قد وَكَل إِليه القيامَ بأمره. انظر: لسان العرب: (11/ 736).
وشرعًا كما قال الإمام السرخسي: "تفويض التصرف إلى الغير، وتسليم المال إليه ليتصرف فيه". المبسوط للسرخسي: (2/ 19).
وقال المناوي: "الوكالة لغة: التفويض إلى الغير، ورد الأمر إليه. وشرعا: استنابةُ جائزِ التصرفِ مثلَه، فيما له عليه تسلط أو ولاية ليتصرف فيه". التعاريف: (ص 732، وما بعدها).
أركان الوكالة: قال الإمام الماوردي: "وجملة الوكالة: أنها لا تتم إلا بثلاثة أشياء: بموكل، ووكيل، وموكل فيه". الحاوي: (6/ 495).
(2)
تفسير القرطبي: (10/ 376).
(3)
الكتاب مع شرحه اللباب: (1/ 202).
(4)
الإجماع: (ص 80، رقم: 755).
(5)
مراتب الإجماع: (ص 61).
الإمام ابن عبد البر ت 463 هـ، فقال:"ولا خلاف في جواز الوكالة عند العلماء"(1).
الوزير ابن هبيرة ت 560 هـ، فقال:"واتفقوا على أن الوكالة من العقود الجائزة في الجملة، وأن كل ما جازت به النيابة من الحقوق جازت الوكالة فيه كالبيع والشراء والإجارة وقضاء الدين والخصومة في المطالبة بالحقوق والتزويج والطلاق وغير ذلك"(2).
الإمام الموفق ابن قدامة ت 620 هـ، فقال:"وأجمعت الأمة على جواز الوكالة في الجملة"(3). الإمام القرطبي ت 671 هـ، فقال بعد حديث:"وفيه دليل على جواز الوكالة، ولا خلاف فيها بين العلماء"(4).
• الموافقون على الإجماع: وافق جمهور الفقهاء وأتباعهم من الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8)،
(1) التمهيد: (2/ 108).
(2)
الإفصاح: (2/ 8)، واختلاف الأئمة العلماء:(1/ 452).
(3)
المغني: (7/ 197).
(4)
تفسير القرطبي: (7/ 156).
(5)
الكتاب مع شرحه اللباب: (1/ 202)، وفيه:"ويجوز التوكيل بالخصومة في سائر الحقوق، ولإثباتها، ويجوز التوكيل بالاستيفاء إلا في الحدود والقصاص"، والمبسوط للسرخسي:(19/ 2)، والاختيار لتعليل المختار:(1/ 24).
(6)
الذخيرة: (8/ 5)، وفيه:"كل من جاز له التصرفُ لنفسه فإنه يجوزُ له الاستنابةُ وأصل هذا الكتاب قوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19] وهذه وكالة"، والتوضيح شرح المختصر الفرعي:(6/ 381) لابن الحاجب.
(7)
الحاوي: (6/ 493)، والشرح الكبير:(11/ 2)، وجواهر العقود:(1/ 156).
(8)
المغني: (7/ 196)، وفيه:"كتاب الوكالة، وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع"، وقد سبق أيضًا نص آخر في حكاية الإجماع، وشرح الزركشي:(2/ 149).
الظاهرية (1) على الإجماع على جواز الوكالة.
• مستند الإجماع والاتفاق ونفى الخلاف:
1 -
قوله تعالى (2): {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} [الكهف: 19].
قال الإمام الماوردي عقب استدلاله بهذه الآية: "فلما أضاف الورق إلى جميعهم، وجعل لهم استنابة أحدهم؛ دل على جواز الوكالة، وصحة الاستنابة"(3).
2 -
قوله تعالى (4): {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282].
قال الإمام الماوردي أيضًا في معرض استدلاله بهذه الآية: "ووجه الدلالة منها: أنه لما جاز نظر الأولياء، ونظرهم إنما يكون بتوصية أب أو تولية حاكم وهما لا يملكان؛ كان توكيل المالك في ملكه أجوز"(5).
3 -
حديث جابر (6) قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وقلت: إني أريد الخروج إلى خيبر فقال: إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقًا،
(1) المحلى: (8/ 244)، وفيه:"الوكالة جائزة في القيام على الأموال، والتذكية، وطلب الحقوق وإعطائها، وأخذ القصاص في النفس فما دونها، وتبليغ الإنكاح، والبيع، والشراء، والإجارة، والاستئجار: كل ذلك من الحاضر، والغائب سواء، ومن المريض والصحيح سواء".
(2)
انظر الاستدلال بهذه الآية: الحاوي للماوردي: (6/ 493)، والمبسوط للسرخسي:(19/ 2)، والمغني:(7/ 196)، والذخيرة:(8/ 5)، وشرح الزركشي لمختصر الخرقي (2/ 149).
(3)
الحاوي للماوردي: (6/ 493).
(4)
انظر الاستدلال بهذه الآية: السابق.
(5)
المرجع السابق.
(6)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: الحاوي: (6/ 494)، والمغني:(7/ 196)، وشرح فتح القدير:(7/ 503)، وجواهر العقود:(1/ 156)، ومواهب الجليل:(7/ 161).