الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الموفق ابن قدامة في معرض استدلاله بهذا الحديث: "ومعلوم أن فيمن يعوله من تجب نفقته عليه ويكون دينًا عليه وهي الزوجة؛ فإذا قدم نفقة نفسه على نفقة الزوجة فكذلك على حق الغرماء، ولأن الحي آكد حرمة من الميت لأنه مضمون بالإتلاف، وتقديم تجهيز الميت ومؤنة دفنه على دينه متفق عليه؛ فنفقته أولى، وتقدم أيضًا نفقة من تلزمه نفقته من أقاربه مثل الوالدين والمولودين وغيرهم ممن تجب نفقتهم لأنهم يجرون مجرى نفسه"(1).
2 -
لأن حاجات المفلس الأساسية مقدمة على حق الدائنين، وهي أيضًا حق ثابت لمن يعول من زوجة وولد ونحوهما، فلا يسقط هذا الحق بالحجر على المفلس (2).
3 -
لأن ملك المُفَلَّس لم يزل بالحجر فهو باق على ملكه (3).
4 -
لأن المُفلَّسَ مُوسِرٌ بما يملكه من مال ما لم يؤل ملكه عنه (4).
• الخلاف في المسألة: لم أقف على خلاف أحد في هذه المسألة.
النتيجة:
تحقق الإجماع والاتفاق ونفي الخلاف في وجوب النفقة على المفلس ومن تلزمه نفقته من ماله.
[236/ 17] مسألة: ما سبق الجنون من تصرفات وعقود نافذ
.
إن ما يسبق الجنون من تصرفات وعقود ك: إيصاء وهبة وصدقة وصلح وبيع وشراء وطلاق وعتاق وكتابة وإقرار ونحوها، يكون فعله فعل عاقل، وفعل العادل صحيح نافذ؛ لأن الأحكام والفرائض تلزمه، وقد نقل الإجماع على
= فيحطب على ظهره فيتصدق به ويستغني به من الناس؛ خير له من أن يسأل رجلًا أعطاه أو منعه ذلك؛ فإن اليد العليا أفضل من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول".
(1)
المغني: (6/ 574).
(2)
انظر: الهداية شرح البداية: (3/ 286).
(3)
انظر: المغني: (6/ 574)، وشرح الزركشي:(2/ 126).
(4)
انظر: مغني المحتاج: (2/ 153).
هذا، كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع ونفى الخلاف: الإمام ابن المنذر ت 318 هـ؛ فقال: "وأجمعوا على أن الفرائض والأحكام تجب على المحتلم العاقل"(1).
قلت: إذا كانت الأحكام والفرائض تجب على العاقل؛ دل ذلك على كون تصرفاته وعقوده صحيحة نافذة. الإمام الكاساني ت 587 هـ؛ فقال: "أما الصبي العاقل فتصح منه التصرفات النافعة بلا خلاف"(2).
قلت: فإذا كانت التصرفات تصح من الصبي العاقل؛ فمن الكبير العاقل قبل جنونه أولى.
• الموافقون على الإجماع ونفي الخلاف: وافق على الإجماع على كون العاقل تلزمه الأحكام والفرائض وتصح منه التصرفات والعقود جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم من الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)،
(1) نقله عنه الموفق ابن قدامة في المغني: (6/ 597).
(2)
بدائع الصنائع: (7/ 171).
(3)
الاختيار لتعليل المختار: (1/ 106)، وفيه:"الصبي والمجنون غير مخاطبين بالعبادات"، وبدائع الصنائع:(7/ 171)، وفيه:"حكمه [أي السفيه] وحكم البالغ العاقل الرشيد سواء، فيجوز طلاقه ونكاحه وإعتاقه وتدبيره واستيلاده، وتجب عليه نفقة زوجاته وأقاربه، والزكاة في ماله، وحجة الإسلام، وينفق على زوجاته، وأقاربه، ويؤدي الزكاة من ماله، ولا يمنع من حجة الإسلام ولا من العمرة. . . ويجوز إقراره على نفسه بالحدود والقصاص، وتجوز وصاياه بالقرب في مرض موته من ثلث ماله، وغير ذلك من التصرفات التي تصح من العاقل البالغ الرشيد"، واللباب:(1/ 168)، وفيه:" (وأحكامهما) بعد إقرارهما بالبلوغ (أحكام البالغين) ".
(4)
الثمر الداني: (1/ 302)، وفيه:"وبالبلوغ (لزمتهم أعمال الأبدان) من صلاة وصيام وحج وغزو (فريضةً). . . وكذلك بالبلوغ لزمتهم أعمال القلوب كوجوب النيات أي النيات الواجبة. . . والاعتقادات كاعتقاد أن اللَّه واحد مثلًا"، والفواكه الدواني:(2/ 714)، وكفاية الطالب:(1/ 566)، وحاشية العدوي:(1/ 566).
(5)
الحاوي للماوردي: (12/ 33)، وفيه:"عدم التكليف يمنع من الوعيد والزجر، فلم يجب عليه قود كما لم يجب عليه حد، و. . حقوق الأبدان تسقط بالجنون والصغر".
قلت: إذا كانت الحقوق تسقط بالجنون؛ دل على أنها تجب بالعقل.