الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحنابلة (1)، وأبي ثور (2) على الإجماع على قبول إقرار المحجور عليه لسفه بما يوجب حدًّا أو قصاصًا ولزومه حكم ذلك.
• مستند الإجماع ونفي الخلاف: لأنه غير متهم في حق نفسه، والحجر إنما تعلق بماله؛ فقبل إقراره على نفسه بما لا يتعلق بمال (3).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة الشافعية، فقالوا: إقرار المحجور عليه بسفه لا يقبل بحال.
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع ونفي الخلاف في قبول إقرار المحجور عليه بنفسه بما يوجب حدًا أو قصاصًا لخلاف الشافعية.
[227/ 8] مسألة: إذا عقل المجنون زال الحجر دون حكم حاكم
.
إذا عقل المجنون؛ زال الحجر عنه دون حاجة إلى حكم حاكم، وقد نفي الخلاف في هذا.
• من نفى الخلاف: الإمام موفق الدين ابن قدامة ت 620 هـ، فقال:"ولا يعتبر في زوال الحجر عن المجنون إذا عقل حكم حاكم بغير خلاف"(4). الإمام شمس الدين ابن قدامة ت 682 هـ، فقال:"إذا عقل المجنون ورشد انفك الحجر عنه، ولا يحتاج إلى حكم حاكم بغير خلاف"(5).
• الموافقون على نفي الخلاف: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم على نفي الخلاف في زوال الحجر عن المجنون دون حكم حاكم: الشافعية (6)، وجماهير الحنابلة، والمذهب عندهم، وهو منصوص الإمام أحمد (7).
(1) المغني: (6/ 612)، وقد سبق نصه في حكاية نفي الخلاف.
(2)
المرجع السابق.
(3)
المرجع السابق.
(4)
المغني: (6/ 594).
(5)
الشرح الكبير: (4/ 510).
(6)
الأشباه والنظائر للسيوطي: (1/ 708)، وفيه:"الحجر أربعة أقسام: الأول: يثبت بلا حاكم وينفك بدونه، وهو: حجر المجنون والمغمى عليه".
(7)
المغني: (6/ 594)، وقد سبق نصه في حكاية نفي الخلاف، المبدع شرح المقنع:(4/ 211)، والإنصاف:(5/ 237)، وفيه: "قوله: (ومتى عقل المجنون وبلغ الصبي ورشدا انفك الحجر عنهما بغير حكم حاكم). وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، ونص عليه. وقيل: =
ولم أجد للحنفية في هذه المسألة موافقة ولا مخالفة، وإنما عندهم الكلام عن زواله عن السفيه إذا صار مصلحًا لماله؛ هل يزول الحجر من غير قضاء القاضي فعند أبي يوسف لا يزول إلا بالقضاء، وعند محمد يزول من غير قضاء (1).
أما الإمام أبو حنيفة فلا يرى الحجر على السفيه كما سبق.
وأما المالكية فقد تعرضوا للكلام عن فك الحجر عامة، وذكروا فيه خلافًا، والمفهوم من كلامهم أنه -عند مالك وأكثر أصحابه- ينفك الحجر عن المحجور عنه لأي شيء دون حكم حاكم.
وعند بعضهم كابن القصار (2)، والقاضي عبد الوهاب (3) أنه لا يزول الحجر عن المحجور عنه إلا بحكم حاكم (4).
= لا ينفك إلا بحكم حاكم اختاره القاضي".
(1)
البحر الرائق: (8/ 91).
(2)
هو الإمام القاضي أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد، البغدادي ابن القصار، شيخ المالكية. له كتاب في مسائل الخلاف كبير، لا يعرف كتاب للمالكيين في الخلاف أحسن منه. كان أصوليًّا نظَّارًا، ولي قضاء بغداد. مات سنة (397 هـ) سبع وتسعين وثلاث مئة. انظر ترجمته: وسير أعلام النبلاء: (17/ 107)، والديباج المذهب:(ص 199).
(3)
هو الإمام القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد. . التغلبي العراقي شيخ المالكية، ولد سنة (362 هـ) سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، له كتاب "التلقين"، وهو من أجود المختصرات في الفقه المالكي، وله كتاب "المعرفة" في شرح رسالة القيراوني، وغير ذلك في الفقه والأصول والخلاف. ولي قضاء المالكية بمصر آخر عمره وبها مات قاضيًا سنة (422 هـ) اثنتين وعشرين وأربعمائة. انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء: (17/ 429)، والديباج المذهب:(ص 7).
(4)
الذخيرة: (8/ 214)، وفيه:"وقال القاضي أبو محمد: لا ينفك حجر محجور عليه بحكم أو بغير حكم إلا بحكم حاكم لاحتياج ذلك إلى الاجتهاد الذي لا يضبطه إلا الحاكم"، وفي:(8/ 237): "قال مالك: إذا دفع لك الإمامُ مالَ مولًى عليه فحسن حالُه؛ دفعتَ إليه ماله وأنت كالوصي لزوال سبب المنع، وقال عبد الوهاب: لا ينفك الحِجر بحكم أو بغير حكم إلا بحكم حاكم، وسواء في ذلك الصبي والمجنون والبالغ والمفلس، ويقول مالك قال (ش) وابن حنبل، وهو ظاهر قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا} فلا يحتاج للحاكم"، وشرح مختصر خليل:(5/ 269)، ومنح الجليل:(6/ 30).
• مستند نفي الخلاف:
1 -
ظاهر قوله تعالى (1): {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6]. قال القرافي عقيب استدلاله بهذه الآية: "فلا يحتاج للحاكم، وجعل الدفع لمن له الابتلاء"(2).
وقال الشيخ ابن قاسم في معرض الاستدلال بهذه الآية: "زال حجرهم" لزوال علته، قال تعالى:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} بلا قضاء حاكم؛ لأنه ثبت بغير حكمه؛ فزال لزوال موجبه بغير حكمه" (3).
2 -
لأن الحجر على المجنون ثبت بغير حكم حاكم؛ فيزول بدونه (4).
3 -
لأننا لو وقفنا تصرفات الناس على الحاكم، كان أكثر الخلق محجورًا عليه (5).
• الخلاف في المسألة: خالف في المسألة -كما سبق- فقال: لا يزول الحجر عنه إلا بحكم حاكم: ابن القصار، وتلميذه عبد الوهاب من المالكية، وبعض الحنابلة -وهو اختيار القاضي أبي يعلى- وهو وجه عندهم.
• أدلة هذا الرأي:
1 -
لأن الفساد قد غلب على من يلي أمر المحجورين اليوم؛ فيسارعون فيقولون رشد، ولم يرشد بعد (6).
2 -
لأن من يزال عنه الحجر يفتقر للاختبار، وتحقق زوال سبب الحجر، والحاكم هو من يقوم بذلك (7).
3 -
لأن الحكم بزوال الحجر عن المحجور يحتاج إلى اجتهاد، ولا يضبطه إلا الحاكم (8).
(1) انظر الاستدلال بهذه الآية: الذخيرة: (8/ 237)، والروض المربع:(1/ 253).
(2)
الذخيرة: (8/ 237).
(3)
الروض المربع: (1/ 253).
(4)
المغني: (6/ 610).
(5)
السابق.
(6)
انظر: الذخيرة: (8/ 237).
(7)
انظر: السابق: (8/ 247).
(8)
انظر: الذخيرة: (8/ 214)، والمبدع شرح المقنع:(4/ 211)، وشرح مختصر خليل:(5/ 269).