الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
ولأن التوكيل فيه إضرار بالمدعى عليه، لأن الموكل لا يوكل إلا من هو ألد وأشد إنكارًا، فلا يلزمه بدون التزامه كالحوالة، إلا إذا كان بالموكل عذر من الأعذار (1).
النتيجة:
عدم انعقاد الاتفاق على توكيل الحاضر مطلقًا دون قيد لخلاف أبي حنيفة.
[156/ 20] مسألة: جواز توكيل المرأة لغيرها
.
الأصل أن كل عقد جاز أن يعقده الإنسان بنفسه جاز أن يوكل به غيرَه (2)، فكل ما جاز للمرأة أن تباشره بنفسها؛ جاز أن توكل به غيرَها من بيع وشراء وغيره من المعاملات، وقد نقل الإجماع والاتفاق على ذلك كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع: الإمام الكاساني ت 587 هـ؛ حيث قال: "ويجوز التوكيل من المرتدة بالإجماع؛ لأن تصرفاتها نافذة بلا خلاف"(3) قُلتُ: وحيث جاز التوكيل من المرتدة فهو في المسلمة أجوز.
الإمام ابن رشد الحفيد ت 595 هـ؛ حيث قال: "واتفقوا على [جواز] وكالة الغائب والمريض والمرأة المالكين لأمور أنفسهم"(4). الإمام ابن جزي المالكي ت 741 هـ؛ فقال: "وتجوز وكالة الغائب والمرأة والمريض اتفاقًا"(5).
• الموافقون على الإجماع: وافق جمهور فقهاء الأمصار: الحنفية في ظاهر الرواية عندهم (6)،
(1) المرجع السابق.
(2)
اللباب في شرح الكتاب: (1/ 203).
(3)
بدائع الصنائع: (6/ 20).
(4)
بداية المجتهد: (2/ 301).
(5)
القوانين الفقهية: (ص 215).
(6)
المبسوط: (19/ 14)، وفيه:"إذا وكلت امرأة رجلًا أو رجلٌ امرأةً أو مسلم ذميًّا أو ذمي مسلمًا أو حر عبدًا أو مكاتبًا له أو لغيره لإذن مولاه؛ فذلك كله جائز"، وبدائع الصنائع:(6/ 22)، وفيه:"لا فصل في ظاهر الرواية بين الرجل والمرأة والبكر والثيب؛ لكن المتأخرين من أصحابنا استحسنوا في المرأة إذا كانت مخدرة غير بريزة فجوزوا توكيلها، وهذا استحسان في موضعه، وقال ابن أبي ليلى لا يجوز إلا توكيل البكر".
والمالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3) على الاتفاق على جواز توكيل المرأة.
• مستند الإجماع والاتفاق ونفي الخلاف:
1 -
حديث سهل بن سعد قال: جاءت امرأة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه إني قد وهبت لك من نفسي. فقال رجل: زوجنيها. قال: "قد زوجناكها بما معك من القرآن"(4).
قال الإمام ابن بطال في معرض الاستدلال بهذا الحديث على صحة توكيل المرأة: "وجه استنباط الوكالة من هذا الحديث: هو أن الرسول لما قالت له المرأة: (قد وهبت نفسى لك) كان ذلك كالوكالة له على تزويجها من نفسه"(5).
2 -
لأن تصرفات المرأة نافذة، والتوكيل من هذه التصرفات (6).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة أبو حنيفة فمنع توكيل الغير في الخصومة سواء أكان ذكرًا أو أنثى إلا من عذر، واستحسن بعض الحنفية أن المرأة إذا كانت بَرَزَةً (7) فلا يجوز توكيلها (8).
وكما خالف ابنُ أبي ليلى أيضًا؛ حيث قيد جواز توكيل المرأة غيرها بكونها بكرًا (9).
(1) البيان والتحصيل: (8/ 108)، وفيه:"هو سفيرها، قيل له: وما السفير؟ قال: الوكيل والرسول"، والقوانين الفقهية:(ص 215) وقد سبق نصه في حكاية الاتفاق.
(2)
الأم: (3/ 233)، وفيه:" (قال الشافعي) وأقبل الوكالة من الحاضر من الرجال والنساء في العذر وغير العذر"، والحاوي للماوردي:(6/ 1120)، وفيه:"قال المزني رضي الله عنه: (والتوكيل من كل موكل؛ من رجل وامرأة، تَخْرُجُ أو لا تخرج، بعذر أو غير عذر) ".
(3)
المغني: (7/ 197)، وفيه:"وكل من صح تصرفه في شيء بنفسه، وكان مما تدخله النيابة صح أن يوكل فيه؛ رجلًا أو امرأة، حرًا أو عبدًا، مسلمًا كان أو كافرًا".
(4)
البخاري رقم (2186) كتاب الوكالة، باب وكالة المرأة الإمام في النكاح.
(5)
شرح صحيح البخارى لابن بطال: (6/ 445).
(6)
انظر: بدائع الصنائع: (6/ 20).
(7)
برزة: هي التي جرت عادتها بالبروز ومخالطة الرجال، والتي تخرج في حوائجها. وعكسها المخدَّرة، أو المخدورة. انظر: البحر الرائق: (7/ 145).
(8)
بدائع الصنائع: (6/ 22).
(9)
المرجع السابق.