الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العاشر: أن العلة كونه مطعومًا فقط سواء كان مكيلًا أو موزونًا أم لا، ولا ربا فيما سوى المطعوم غير الذهب والفضة، وهذا مذهب الشافعي الجديد الصحيح، وهو مذهب أحمد وابن المنذر وغيرهما (فأما) أهل الظاهر فسبق دليلهم والدليل عليهم (وأما) الباقون فدليلنا على جميعهم قوله صلى الله عليه وسلم (الطعام بالطعام مثلا بمثل) وهو صحيح سبق بيانه ووجه الدلالة فيه ما ذكره المصنف وأيضا هذه الآثار مع الحديث المذكور في الكتاب" (1).
• مستند الاتفاق: قال ابن حزم: "وكل واحد من هذه الطوائف مبطلة لما عدت به الأخرى، فكلهم قد اتفق على إبطال التعليل بلا خلاف بينهم، فليس ما أثبتت هذه الطائفة من التعليل بأثبت مما أثبتت الأخرى، ولا بعض هذه العلل أولى بالسقوط من سائرها، بل كلها دعوى زائفة ساقطة لا برهان عليها، وهكذا جميع عللهم"(2).
النتيجة:
عدم تحقق أي إجماع أو اتفاق أو نفي خلاف في مسألة علة الربا؛ بل كما سبق تحقق الاتفاق على الاختلاف في العلة.
[9/ 9] مسألة: الإجماع على أن بيع الربوي بجنسه نسيئة حرام
.
بيع أحد الأصناف الستة المنصوص عليها في السنة: الذهب، والفضة، والتمر، والبر، والشعير، والملح، وتسمى الربويات، أو الأموال الربوية نسيئة أي إلى أجل؛ حرام، وقد نقل الإجماع والاتفاق على هذا، كما نفي الخلاف فيه.
(1) المجموع شرح المهذب: (9/ 400)، وانظر: المبسوط للسرخسي: (12/ 199)، والاختيار لتعليل المختار:(2/ 31)، وشرح مختصر خليل:(5/ 57)، والفواكه الدواني:(3/ 1091)، والحاوي للماوردي:(5/ 83)، وفيه:"العلة في الذهب والفضة غير العلة في البر والشعير والتمر والملح. فأما العلة في البر والشعير فقد اختلف أصحاب المعاني فيها على مذاهب شتى. . . "، والمغني:(6/ 58)، والعدة شرح العمدة:(1/ 209) - للإمام بهاء الدين إبراهيم بن أحمد المقدسي، والإنصاف:(5/ 13).
(2)
الإحكام لابن حزم: (8/ 568).
• من نقل الإجماع: الإمام ابن المنذر ت 318 هـ، فقال:"وأجمعوا على أن السّتّة الأصْنَاف، متفاضلًا يدًا بيد ونسيئة؛ لا يجوز أحدهما، وهو حرام"(1).
الإمام ابن حزم ت 456 هـ، فقال:"واتفقوا أن بيع الذهب بالذهب بين المسلمين نسيئة حرام، وأن بيع الفضة بالفضة نسيئة حرام. . . واتفقوا أن بيع القمح بالقمح نسيئة حرام، وأن بيع الشعير بالشعير كذلك نسيئة حرام، وأن بيع الملح بالملح نسيئة حرام، وأن بيع التمر بالتمر كذلك نسيئة حرام"(2).
الوزير ابن هبيرة ت 560 هـ، فقال:"وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز بيع الذهب بالذهب منفردًا، أو الورق بالورق تبرها ومضروبها وحليها إلا مثلًا بمثل، وزنًا بوزن، يدًا بيد، وأنه لا يباع شيء منها غائب بناجز. فقد حرم في هذا الجنس الربا من طريقين الزيادة والنساء جميعًا"(3). وقال أيضًا في الموضع نفسه: "واتفقوا على أنه لا يجوز بيع الحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والملح بالملح، والتمر بالتمر، إذا كان بمعيار؛ إلا مثلًا بمثل ويدًا بيد".
الإمام ابن رشد الحفيد ت 595 هـ. حيث قال: "أجمع العلماء على أن التفاضل والنساء مما لا يجوز واحد منهما في الصنف الواحد من الأصناف التي نُصَّ عليها في حديث عبادة بن الصامت"(4).
ابن قدامة ت 620 هـ، فقال:"كل جنسين يجري فيهما الربا بعلة واحدة، كالمكيل بالمكيل، والموزون بالموزون، والمطعوم بالمطعوم عند من يعلل به؛ فإنه يحرم بيع أحدهما بالآخر نساء بغير خلاف نعلمه"(5).
الإمام النووي ت 676 هـ، فقال:"وأجمعوا على أنه لا يجوز بيع الربوي بجنسه وأحدهما مؤجل. وعلى أنه. . . ولا خلاف بين العلماء في شيء من هذا"(6).
(1) الإجماع: (ص 54، رقم: 487).
(2)
مراتب الإجماع: (ص 84 - 85).
(3)
الإفصاح لابن هبيرة: (1/ 276)، واختلاف الأئمة العلماء له:(1/ 358).
(4)
بداية المجتهد: (2/ 129).
(5)
المغني: (6/ 62).
(6)
شرح صحيح مسلم للنووي: (11/ 9).
الإمام الصنعاني ت 1182 هـ، فقال:"واتفقوا على أنه لا يجوز بيع الشيء بجنسه وأحدهما مؤجل"(1).
• الموافقون على الإجماع: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم على الإجماع على حرمة بيع الربوي بجنسه نسيئة: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
• مستند نفي الخلاف: قوله صلى الله عليه وسلم (6): "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدًا بيد"(7) وهذا نص إذا اختلفت الأجناس فلم يجز بيعها إلا يدًا بيد فقط، فالأولى ألا يجوز بيعها نسيئة إذا اتحدت.
• الخلاف في المسألة: لم أقف على خلاف أحد في حرمة بيع نسيئة الربوي بجنسه.
النتيجة:
تحقق الإجماع والاتفاق ونفي الخلاف في حرمة بيع الربوي بجنسه نسيئة.
(1) سبل السلام: (3/ 38).
(2)
درر الحكام شرح غرر الأحكام: (7/ 94)، كتاب الإجارة، قبل باب: باب من الإجارة، وفيه:"الجنس بانفراده يحرم النساء عندنا"، والدرر والغرر كلاهما للإمام محمد بن فراموز الشهير بـ منلا خسرو ت 885 هـ.
(3)
بداية المجتهد: (2/ 129)، وشرح ميارة، وهو (الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام):(1/ 482)، وفيه:"ويحرم الفضل والنساء فيما يتحد جنسه" - للإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد ميارة الفاسي المالكي، و (تحفة الحكام) للإمام الوزير أبي بكر محمد بن محمد بن عاصم القيسي.
(4)
المجموع شرح المهذب: (10/ 25)، وفيه:"إذا باع الربوي بجنسه حرم فيه التفاضل والنساء".
(5)
المغني: (6/ 62)، وفيه "يحرم النساء في كل مال بيع بجنسه".
(6)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: السابق.
(7)
مسلم: (3/ 1211، رقم: 1587) كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالوَرِق نَقْدًا - عن عبادة. . . الحديث