الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنا ابن خمس عشرة سنة، فرآنى بلغت فأجازني" (1).
• الخلاف في المسألة: لم يخالف أحد في كون من بلغ تسعة عشر عامًا قد فارق الصبا، ولحق بالبالغين والبالغات.
النتيجة:
تحقق نفي الخلاف في كون من أتم تسعة عشر عامًا قد فارق الصبا، ولحق بالبالغين والبالغات.
[249/ 30] مسألة: أثر البلوغ
.
إن أثر البلوغ هو وجوب الفرائض من صلاة وصيام وغيرها، ولزوم الأحكام من حدود وغيرها على الجنسين، وقد نقل الإجماع على هذا، كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع ونفى الخلاف: الإمام ابن المنذر ت 318 هـ؛ فقال "وأجمعوا على أن الفرائض والأحكام تجب على المسلم البالغ"(2). ونقل عنه الموفق ابن قدامة قوله: "وأجمعوا على أن الفرائض والأحكام تجب على المحتلم العاقل، وعلى المرأة بظهور الحيض منها"(3). الإمام ابن العربي ت 543 هـ، فقال:"رفع اللَّه الحرج عن الآدمي حتى يبلغ الحلم، وينتهي إلى النكاح بإجماع ونص القرآن"(4).
الإمام القرطبي ت 671 هـ؛ فقال: "أما الحيض والحبل فلم يختلف العلماء في أنه بلوغ، وأن الفرائض والأحكام تجب بهما"(5). الإمام ابن حجر ت 852 هـ؛ فقال: "أجمع العلماء على أن الاحتلام في الرجال والنساء يلزم به
(1) البخاري: (2/ 948، رقم: 2521) كتاب الشهادات، باب بلوغ الصبيان وشهادتهم -عن ابن عمر رضي الله عنهما بنحوه، ومسلم:(3/ 1490، رقم: 1868)، وابن ماجة:(2/ 850، رقم: 2543) - عن ابن عمر بلفظ المتن"؛ إلا أنه ليس فيه: (ولم يرني بلغت. . . فرآنى بلغت).
(2)
الإجماع: (ص 68، رقم: 627).
(3)
المغني: (6/ 597).
(4)
عارضة الأحوذي: (6/ 93).
(5)
تفسير القرطبي (5/ 35).
العبادات والحدود وسائر الأحكام" (1).
• الموافقون على الإجماع ونفي الخلاف: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم من الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، والظاهرية (6) على الإجماع على أن أثر البلوغ وجوبُ الأحكام والفرائض على من بلغ.
• مستند الإجماع ونفي الخلاف:
1 -
قوله تعالى (7): {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] وقوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 59] وقوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: 152، الإسراء: 34].
قال الإمام ابن تيمية في معرض الاستدلال بهذه الآيات: "اللَّه إنما علق الأحكام ببلوغ الحلم بقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6]-ثم ساق
(1) فتح الباري: (5/ 277).
(2)
الاختيار لتعليل المختار: (1/ 106)، وفيه:"الصبي والمجنون غير مخاطبين بالعبادات"، واللباب:(1/ 168)، وفيه:" (وأحكامهما) بعد إقرارهما بالبلوغ (أحكام البالغين) ".
(3)
الثمر الداني: (1/ 302)، وفيه:"وبالبلوغ (لزمتهم أعمال الأبدان) من صلاة وصيام وحج وغزو (فريضةً). . . وكذلك بالبلوغ لزمتهم أعمال القلوب كوجوب النيات أي النيات الواجبة. . . والاعتقادات كاعتقاد أن اللَّه واحد مثلًا"، والفواكه الدواني:(2/ 714)، وكفاية الطالب:(1/ 566)، وحاشية العدوي:(1/ 566).
(4)
الحاوي للماوردي: (12/ 33)، وفيه:"عدم التكليف يمنع من الوعيد والزجر، فلم يجب عليه قود كما لم يجب عليه حد، و. . حقوق الأبدان تسقط بالجنون والصغر".
(5)
كشاف القناع: (5/ 406)، وفيه:"الحكم بالبلوغ يستدعي يقينًا ترتبَ الأحكام عليه من التكاليف ووجوب الغرامات".
(6)
المحلى: (9/ 331)، وفيه:"من لم يبلغ غير مخاطب بشيء من الشرائع، لا بفرض، ولا بتحريم، ولا بندب".
(7)
انظر الاستدلال بهذه الآيات أو بعضها: العمدة لابن تيمية: (1/ 47)، والثمر الداني:(1/ 302)، والفواكه الدواني:(2/ 714)، وكفاية الطالب:(1/ 566).
الآيات الثلاث-" (1).
قال الإمام النفراوي في معرض الاستدلال بالآية الثانية: "فوجوب الاستئذان بالبلوغ علامة على لزوم سائر الفرائض، إذ لا قائل بالفرق بين حكم وحكم"(2).
2 -
ما روى ابن عمر رضي الله عنهما (3) أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، ثم عرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني.
قال نافع: فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فحدثته هذا الحديث فقال: إن هذا لحدٌّ بين الصغير والكبير، وكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن بلغ خمس عشرة (4).
قال الحافظ ابن حجر في معرض الاستدلال بهذا الحديث: "واستدل بقصة ابن عمر رضي الله عنهما هذه على أن من استكمل خمس عشرة سنة أجريت عليه أحكام البالغين، فيكلف بالعبادات وإقامة الحدود، ويستحق سهم الغنيمة، ويُقتل إن كان حربيًا، ويفك عنه الحجر إن أونس رشده"(5).
3 -
قوله عليه السلام (6): "رُفِع القلم عن ثلاث: الصبي حتى يحتلم. . . "(7).
قال الإمام ابن حزم: "وقد صح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن القلم مرفوع عن
(1) العمدة لابن تيمية: (1/ 47).
(2)
الفواكه الدواني: (2/ 714).
(3)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: فتح الباري: (5/ 278 - 279).
(4)
البخاري: (2/ 948، رقم: 2521)، ومسلم:(3/ 1490، رقم: 1868).
(5)
فتح الباري: (5/ 278 - 279).
(6)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: المحلى: (9/ 331)، وشرح العمدة لابن تيمية:(1/ 47)، والذخيرة:(8/ 238).
(7)
تخريجه (ص 735).
الصبي حتى يبلغ؛ فصح أنه غير مخاطب" (1).
وقال الإمام القرافي عقب هذا الحديث: "فجعل الحُلُم مناط الأحكام"(2).
• الخلاف في المسألة: لم يخالف أحد في وجوب الأحكام والفرائض بالبلوغ.
النتيجة:
انعقاد الإجماع وتحقق نفي الخلاف في أن أثرَ البلوغ هو وجوبُ الأحكام والفرائض على من بلغ.
[250/ 31] مسألة: إذا ظهرت على الخنثى (3) علامات الذكور أو بال من الذكر وحده؛ فهو رجل.
إذا ظهرت على الخنثى علاماتُ الذكور من نباتِ لحية أو خروجِ مني رجل من ذكر، أو بولٍ من ذكر وحده؛ فهو رجل، وقد نقل الإجماع والاتفاق على هذا.
• من نقل الإجماع والاتفاق: الإمام ابن المنذر ت 318 هـ؛ فقال: "وأجمعوا على أن الخنثى يرث من حيث يبول: إن بال من حيث يبول الرجال ورث ميراث الرجال، وإن بال من حيث تبول المرأة ورث ميراث المرأة"(4).
ونقله عنه الإمام ابن قدامة بلفظ: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الخنثى يورث من حيث يبول إن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل وإن بال من حيث تبول المرأة فهو امرأة"(5).
الإمام ابن حزم ت 456 هـ؛ فقال: "واتفقوا أنه إن ظهرت علامات المني
(1) المحلى: (9/ 331).
(2)
انظر: الذخيرة: (8/ 238).
(3)
الخُنْثَى: الذي لا يَخْلُصُ لِذَكَرِ ولا أنثى. . . والخُنْثَى: الذي له ما للرجال والنساء جميعًا، والجمع: خَناثٌ، مثلُ الحَبالى، وخِناثٌ. لسان العرب:(2/ 145).
وفي الأم للشافعي: (6/ 25): "قال الربيع": الخنثى المشكل الذي له فرج وذكر إذا بال منهما لم يسبق أحدهما الآخر، وانقطاعهما معًا، وإذا كان يسبق أحدهما الآخر؛ فالحكم للذي يسبق، وإن كانا يستبقان معًا فكان أحدهما ينقطع قبل الآخر فالحكم للذي يبقى". وفي مواهب الجليل:(8/ 610): ". . وقيل: إنه يوجد منه نوع آخر ليس له واحد منهما، وإنما له ثقب بين فخذيه يبول منه لا يشبه واحدًا من الفرجين".
(4)
الإجماع: (ص 36، رقم: 327).
(5)
المغني: (9/ 109).
والإحبال أو البول من الذكر وحده؛ أنه رجل في جميع أحكامه ومواريثه وغيرها" (1).
• الموافقون على الإجماع والاتفاق: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، وهو قول علي ومعاوية وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد (6) على الإجماع على أنه إذا ظهرت على الخنثى علامات الذكور أو بال من الذكر وحده؛ فهو رجل.
• مستند الإجماع والاتفاق:
1 -
ما روي عن علي (7)، أنه قال: يورث الخنثى من حيث يبول (8).
(1) مراتب الإجماع: (ص 109).
(2)
الاختيار: (3/ 43)، وفيه:" (إذا كان له آلة الرجل والمرأة، فإن بال من أحدهما اعتبر به، فإن بال من الذكر فهو غلام، وإن بال من الفرج فهو أنثى"، والكتاب مع شرحه اللباب:(1/ 238)، وفيه:"وإذا بلغ الخنثى وخرجت له لحية أو وصل إلى النساء فهو رجل"، وتحفة الفقهاء:(3/ 357)، والهداية شرح البداية:(4/ 266).
(3)
مواهب الجليل: (8/ 610)، وفيه:"وأما من له الآلتان فإن ظهرت فيه علامات، الرجال حكم بذكوريته"، ومنح الجليل:(9/ 713)، وفيه:"فإن بال الخنثى من واحد من فرجيه دون الآخر حكم له بحكم الذكر إن بال من آلة الذكور".
(4)
الحاوي للماوردي: (9/ 380)، وفيه:"إن كان يبول من ذكره وحده فهو رجل"، والمهذب:(2/ 30)، والوسيط:(1/ 322)، وفيه:"إن بال بفرج الرجال أو أمنى فرجل"، وروضة الطالبين:(1/ 78)، وفيه:"إن بال بفرج الرجال وحده فهو رجل".
(5)
العمدة مع شرحه العدة: (1/ 295)، وفيه:"وإذا كان الولد خنثى اعتبر بمباله فإن بال من ذكره فهو رجل وإن بال من فرجه فهو امرأة، والمغني: (9/ 109)، وفيه: "الذي يتبين فيه علامات الذكورية أو الأنوثية -فيعلم أنه رجل أو امرأة- فليس بمشكل، وإنما هو رجل فيه خلقة زائدة أو امرأة فيها خلقة زائدة".
(6)
المغني: (9/ 109).
(7)
انظر الاستدلال بهذا الأثر: الحاوي للماوردي: (9/ 380)، والمهذب:(2/ 30)، والمغني:(9/ 109)، والأشباه للسيوطي:(ص 415)، وإرشاد السالك:(ص 224).
(8)
مصنف عبد الرزاق: (10/ 308)، ومصنف ابن أبي شيبة:(6/ 277، رقم: 31364) في الخنثى يموت كيف يورث؟ -حدثنا هشيم عن مغيرة عن سماك عن الشعبي عن علي في الخنثى، قال: =
2 -
حديث ابن عباس (1)، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مولود له قُبُل وذَكَر من أين يورث؛ قال:"من حيث يبول"(2).
3 -
ما وروي؛ أنه عليه السلام أتي بخنثى من الأنصار؛ فقال: "ورثوه من أول ما يبول منه"(3).
4 -
لأن اللَّه تعالى جعل لكم من الذكر والأنثى مخرجًا خاصًّا، فبول الذكر من الذكر، وبول الأنثى من الفرج فرجع في التمييز إليه (4).
= يورث من قبل مباله.
والأثر صحح إسناده الحافظ ابن حجر؛ فقال: "إسناده صحيح". تلخيص الحبير: (1/ 128، رقم: 172). قلت: وعليه فالأثر صحيح، إسناده متصل، ورجاله ثقات.
(1)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: الحاوي للماوردي: (9/ 380)، وتحفة الفقهاء:(3/ 357)، والمغني:(9/ 109).
(2)
الكامل في ضعفاء الرجال: (6/ 119) -من طريق محمد بن السائب [الكلبي] عن أبي صالح عن ابن عباس به.
والحديث ضعيف بالاتفاق، وممن ضعفه: الحافظ البيهقي؛ فقال: "محمد بن السائب لا يحتج به". السنن الكبرى: (6/ 261)، والإمام النووي؛ فقال:"هذا حديث ضعيف بالاتفاق، وقد بين البيهقى وغيره ضعفه، والكلبي وأبو صالح هذان ضعيفان، وليس هو أبا صالح ذكوان السمان الراوى في الصحيحين عن أبي هريرة". المجموع شرح المهذب: (2/ 46).
الحافظ ابن حجر؛ فقال: "الكلبي هو محمد بن السائب، متروك الحديث؛ بل كذاب، وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات، ويغني عن هذا الحديث الاحتجاج فى هذه المسألة بالإجماع فقد نقلة بن المنذر وغيره "تلخيص الحبير: (1/ 128، رقم: 172).
الإمام السيوطي؛ فقال: "أخرجه البيهقي، وهو ضعيف جدًا". الأشباه والنظائر للسيوطي: (ص 415)، والشيخ الألباني فقال:"موضوع". إرواء الغليل: (6/ 152، رقم: 1710).
(3)
قد استدل الإمام ابن قدامة بهذا الحديث في المغني: (9/ 109)، ولم أعثر عليه، وقد عُزِيَ في تحقيق المغني خطأً للبيهقي في الكبرى:(6/ 261)، وقالوا:(وانظر: إرواء الغليل: 6/ 152). قلت: الذي في إرواء الغليل من قول الشيخ الألباني: (لم أقف على سنده).
(4)
المهذب: (2/ 30).