الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
لأن اللَّه تعالى حرم الربا بصيغة العموم؛ ولم يخص عبدًا من حر (1).
كما ذهب أكثر الحنفية إلى أنه إن كان عليه دين لا يجوز الربا بينهما (2).
• وأدلتهم على ذلك: أن ما في يد العبد ليس بملك للسيد عند أبي حنيفة فأصبح كالمكاتب، أما أبو يوسف ومحمد بن الحسن فلأنه تعلق به حق الغير فلا يخلو من شبه الربا (3).
النتيجة:
عدم تحقق الاتفاق على أن لا ربا بين العبد وسيده؛ لخلاف الحنابلة؛ حيث هو المذهب عندهم، والظاهريةِ.
[22/ 22] مسألة: الإجماع على جواز قليل الغور
(4).
البيوع والمهور وغيرها من المعاملات لا تخلو من غور قليل وغبن يسير، فيعفى عنه، وقد نقل الإجماع على جوازه.
• من نقل الإجماع: الإمام ابن عبد البر ت 463 هـ، فقال:"وكثير الغرر لا يجوز بإجماع وقليله متجاوز عنه"(5). الإمام النووي ت 676 هـ؛ فقال: "أجمع المسلمون على جواز أشياء فيها غرر حقير"(6).
(1) انظر: السابق.
(2)
تبيين الحقائق: (4/ 97).
(3)
المرجع السابق.
(4)
الغرر: ما عقد على جهل بمقداره وصفاته حين العقد، المحلى:(8/ 389)، (وهو [أي الغرر] في الأصل الخطر، من غير يغر بالكسر، والخطر هو الذي لا يدري أيكون أم لا. وقال ابن عرفة: الغرر هو ما كان ظاهره يغر وباطنه مجهول، ومنه سمي الشيطان غرورًا؛ لأنه يحمل على محاب النفس ووراء ذلك ما يسوء". قاله العيني في عمدة القاري: (11/ 376) كتاب البيوع، باب بيع الغرر وحبل الحبلة. وقيل:"هو ما له ظاهر محبوب وباطن مكروه". انظر: الفروق للقرافي: (3/ 435). وقال المناوي: "الغرر: الخطر. وهو ما احتمل أمرين أغلبهما أخفهما، أو ما انطوت عنا عاقبته". التيسير بشرح الجامع الصغير: (2/ 913).
(5)
الاستذكار: (7/ 409).
(6)
شرح مسلم للنووي: (10/ 156)، وانظر: المجموع (9/ 258).
• الموافقون على الإجماع: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم على الإجماع على جواز الغرر القليل: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4).
• مستند الإجماع: لأنه لا يسلم بيع من قليل الغرر (5).
• الخلاف في المسألة: لم أقف على خلاف أحد في هذه المسألة.
النتيجة:
انعقاد الإجماع على جواز الغرر القليل والعفو عنه.
[23/ 23] مسألة: الاتفاق على جواز الصرف (6) إذا كان أحدهما دينًا وقبضه في المجلس.
إذا كان أحد العوضين أو البدلين دينًا في عملية الصرف، فتصارفا به مع قبضه في المجلس؛ جاز ذلك، وقد نقل الاتفاق على هذا.
• من نقل الاتفاق: الإمام الطحاوي ت 321 هـ، فقال: "واتفقوا -يعني
(1) الاختيار لتعليل المختار: (5/ 75)، وفيه:" (ويجوز للوصي أن يحتال بمال اليتيم إن كان أجود) بأن كان أملًا أو أيسر قضاء وأعجل وفاء لأنه انظر لليتيم والولاية نظرية ولهذا لا يجوز بيعه وشراؤه بما لا يتغابن إذ لا نظر له فيه، بخلاف الغبن اليسير لأنه لا يمكن الاحتراز عنه"، والبحر الرائق:(3/ 144)، وفيه:"الغبن اليسير في المهر معفو اتفاقًا".
(2)
بداية المجتهد: (2/ 204)، وفيه:"الغرر اليسير معفو عنه في الشرع"، والتاج والإكليل لمختصر خليل:(4/ 365)، وفيه:"يسير الغرر عفو إذ لا يكاد عقد يخلو منه" -للإمام أبي عبد اللَّه محمد بن يوسف العبدري المعروف بالمواق.
(3)
الحاوي للمارودي: (6/ 540)، وفيه:"وما كان فيه غبنا يسيرا أمضينا لأن البيوع لا تنفك من يسير المغابنات لأنها أرباح التجارات"، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب:(10/ 284) -للإمام أبي يحيى زكريا بن محمد الأنصاري الشافعي، وروض الطالب للإمام شرف الدين ابن المقري ت 837 هـ، وهو مختصر لكتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين للإمام النووي ت 676 هـ.
(4)
مجموع الفتاوى: (29/ 58)، وفيه:"الغرر اليسير يحتمل في العقود"، والإنصاف:(4/ 335)، وكشاف القناع:(3/ 241)، وفيه:" (و) يصح أيضًا (جعله [أي المبيع] مهرًا ويصح الخلع عليه) لاغتفار الغرر اليسير فيهما".
(5)
الاستذكار لابن عبد البر: (7/ 409)، وانظر: الحاوي للماوردي: (6/ 540)، والتمهيد لابن عبد البر:(2/ 191)، والتاج والإكليل:(4/ 365).
(6)
الصرف: بيع الأثمان بعضها ببعض. المغني: (6/ 112).
هؤلاء الفقهاء الثلاثة [أبا حنيفة ومالكًا والشافعي]-على جواز الصرف إذا كان أحدهما دينًا وقبضه في المجلس" (1).
الإمام ابن عبد البر ت 463 هـ، فقال:"اتفق هؤلاء المذكورون [يعني أبا حنيفة ومالكًا والشافعي وزفر والحسن بن حي] على جواز الصرف إذا كان أحدهما دينًا وقبضه في المجلس"(2).
• الموافقون على الاتفاق: وافق جمهور الفقهاء على الاتفاق على جواز الصرف إذا كان أحد البدلين دينًا: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، وهو الصحيح عند الحنابلة (6).
• مستند الاتفاق:
1 -
خبر ابن عمر (7)، قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة، فقلت: يا رسول اللَّه رويدك أسألك: إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم
(1) نقل الإمام ابن عبد البر هذا الاتفاق عن الإمام الطحاوي في: التمهيد: (16/ 8). وانظر: الاستذكار: (6/ 365).
(2)
الاستذكار: (6/ 365).
(3)
الدر المختار: (5/ 178)، وفيه:"ولو أحدهما دينًا؛ فإنْ هو الثمنُ، وقبضه قبل التفرق جاز".
(4)
التمهيد لابن عبد البر: (16/ 8)، والاستذكار له:(6/ 365) وقد سبق نصه في حكاية الإجماع.
(5)
المجموع شرح المهذب: (15/ 103) وذكر مستدل الشافعي وغيره لهذا القول: "ومما يدل على انه لا يشترط التعيين في العوضين حين العقد حديث ابن عمر في تقاضيه الدراهم عن الدنانير والدنانير عن الدراهم؛ فإن أخذ أحدهما عن الآخر صرف، والمأخوذ عنه ليس معينًا".
(6)
المغني للموفق ابن قدامة: (6/ 198)، والشرح الكبير لشمس الدين ابن قدامة:(4/ 342) وفيه: "ويجوز بيع الدين المستقر لمن هو في ذمته بشرط أن يقبض عوضه في المجلس) "، والمبدع شرح المقنع:(4/ 87)، والإنصاف:(5/ 87).
(7)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: المغني: (6/ 198)، والشرح الكبير:(4/ 342)، والمبدع شرح المقنع:(4/ 87).
وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء"(1).
قال الإمام شمس الدين ابن قدامة عقب استدلاله بهذا الحديث: "دل الحديث على جواز بيع ما في الذمة من أحد النقدين بالآخر وغيره مقاس عليه ودل على اشتراط القبض في المجلس قوله: (إذا تفرقتما وليس بينكما شيء"(2).
2 -
لأنه إذا لم يقبض في المجلس قبل التفرق -والحال هكذا- صار بيع دين بدين وهو حرام (3).
• الخلاف في المسألة: خالف أحمد في الرواية الثانية عنه في هذا، فقال بعدم الجواز (4).
(1) رواه أبو داود وسكت عنه: (3/ 250، رقم: 3354)، والترمذي:(3/ 544، رقم: 1242) بلفظ: كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير فآخذ مكانها الورق وأبيع بالورق فآخذ مكانها الدنانير فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فوجدته خارجًا من بيت حفصة، فسألته عن ذلك، فقال:"لا بأس به بالقيمة"، وقال: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد جبير عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفًا، والنسائي في الكبرى:(4/ 34، رقم: 6180) كتاب البيوع، وفي المجتبى:(7/ 281، رقم: 4582) -كما بالكبرى، وابن ماجه (2/ 760، رقم: 2262) من طرق عن سماك بنحوه، والحاكم في المستدرك:(2/ 50، رقم: 2285) - عن ابن عمر به. وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره عليه الذهبي.
قلت: قد أعل الحديث يكون داود بن أبي هند رواه موقوفًا، وليس ذا بعلة، إذ قد يروى الحديث مرفوعًا حسب وصوله إلى الراوي، وقد يروى موقوفًا. مهما يكن من أمر فهو وإن كان موقوفًا فهو في حكم المرفوع؛ لأن هذا لا يقال من جهة الرأي بين ظهراني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، واللَّه تعالى أعلم.
(2)
الشرح الكبير لابن قدامة: (4/ 342).
(3)
انظر: المغني: (6/ 198)، وكشاف القناع:(3/ 265)، والمبدع:(4/ 88).
(4)
الإنصاف: (5/ 87)، وفيه:"إن كان الدين نقدًا أو بيع بنقد لم يجز بلا خلاف لأنه صرف بنسيئة. وإن بيع بعرض وقبضه في المجلس؛ ففيه روايتان: عدم الجواز. قال الإمام أحمد رحمه الله: وهو غرر. والجواز نص عليها في رواية حرب وحنبل ومحمد بن الحكم".
النتيجة:
عدم تحقق الاتفاق على جواز الصرف إذا كان أحد العوضين دينًا رغم قبضه في المجلس؛ لخلاف أحمد في رواية.