الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الإمام ابن عبد البر: "هذا عند أكثر الفقهاء ندب وإرشاد لا إيجاب وهو عند أهل الظاهر واجب. . قال ابن وهب سألت مالكًا عن تفسير حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أتبع على مليء فليتبع قال مالك هذا أمر ترغيب وليس بالذي يلزمه السلطان الناس وينبغي له أن يطيع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).
وقال الإمام الزيلعي: "والأمر بالاتباع دليل الجواز"(2).
ولأن الحاجة داعية إليها (3).
• الخلاف في المسألة: خالف الأصم (4) فمْال بعدم مشروعيتها، ومخالفته غير معتبرة كما نص على ذلك الموفق ابن قدامة الحنبلي، دون ذكر مستند الأصم في ذلك (5). وأما الخلاف في كونها مندوبة أو مباحة، أو واجبة فكله آيل إلى مشروعيتها (6).
النتيجة:
تحقق الإجماع والاتفاق على كون الحوالة مشروعة، ولا عبرة بمخالفة الأصم.
[131/ 4] مسألة: قبول المحال للحوالة شرط في صحتها
.
قبول المحالِ (رب الدين) الحوالةَ شرط في صحتها، ولا يجبر على قبولها، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: الإمام ابن جرير الطبرى ت 310 هـ.
كما نقله عنه الحافظ العراقي ت 806 هـ قائلًا: "قال ابن جرير: ولست وإن أوجبتُ ذلك فيما بينه وبين اللَّه تعالى بمجبزه حكمًا على قبول الحوالة للإجماع
(1) التمهيد: (18/ 290).
(2)
تبيين الحقائق: (4/ 171).
(3)
السابق.
(4)
هو شيخ المعتزلة أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصم، توفى سنة 201 هـ. سير أعلام النبلاء:(9/ 402).
(5)
المغني: (7/ 56).
(6)
التمهيد لابن عبد البر: (18/ 290)، وشرح مسلم للنووي:(10/ 228).
على أنه غير مجبر على ذلك حكمًا" (1).
• الموافقون على الإجماع: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم على الإجماع على كون المحال ليس مجبرًا على قبول الحوالة، وأن قبوله شرط في صحتها: الحنفية في قول (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة في قول (5).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله صلى الله عليه وسلم (6): "إن لصاحب الحق يدًا ومقالًا"(7). قال الإمام الماوردي عقب استدلاله بهذا الحديث: "فكان عامًا"(8).
(1) طرح التثريب في شرح التقريب (تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد): (6/ 426) كتاب البيوع، باب الحوالة -والطرح وشرحه كلاهما للحافظ أبي الفضل زين الدين العراقي ت 806 هـ.
(2)
بدائع الصنائع: (6/ 15)، والدر المختار:(5/ 340)، وفيه:" (وشرط لصحتها رضا الكل بلا خلاف إلا في الأول) وهو المحيل"، وتبيين الحقائق:(4/ 71).
(3)
الذخيرة: (9/ 243)، وفيه:"الركن الثاني: المحال. . فيشترط رضاه"، وبداية المجتهد:(2/ 299).
(4)
الحاوي للماوردي: (6/ 418)، وفيه:"وأما المحتال (من أركان الحوالة) تعريفه وشرطه فهو صاحب الحق الذي نقله من ذمة المحيل إلى ذمة أخرى ورضاه بنقل الحق شرط في صحة الحوالة، وليس قبولها واجبا عليه"، وشرح مسلم للنووي:(10/ 228)، وفيه:"مذهب أصحابنا، والجمهور أنه إذا أحيل على ملى استحب له قبول الحوالة".
(5)
الإنصاف: (5/ 227)، وفيه:"لا يعتبر رضى المحتال إذا كان المحال عليه مليئا، على الصحيح من المذهب. وعليه الأصحاب. فيجبر على قبولها. وهو من مفردات المذهب. وعنه يعتبر رضاه. ذكرها ابن هبيرة ومن بعده".
(6)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: الحاوي في فقه الشافعي: (6/ 418).
(7)
البخاري: (2/ 809، رقم: 2183) كتاب الوكالة، باب الوكالة في قضاء الديون -عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ:". . إن لصاحب الحق مقالًا"، ومسلم:(3/ 1225، رقم: 1601) كتاب المساقاة، باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه وخيركم أحسنكم قضاء- عنه به.
(8)
الحاوي في فقه الشافعي: (6/ 418)، والمهذب:(1/ 338)، وفيه:"لأنه نقل حق من ذمة إلى غيرها فلم يجز من غير رضى صاحب الحق، كما لو أراد أن يعطيه بالدين عينًا".
2 -
حديث (1): "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه"(2).
3 -
لأن الحقوق قد تنتقل إلى ذمة بالحوالة أو إلى عين بالمعاوضة، وانتقالها بالمعاوضة يشترط فيه التراضي، فكان في الذمة أولى؛ لأنه بنقله إلى العين قد استوفى حقه، أما إلى الذمة فليس بوفاء حقه (3).
4 -
ولأن حديث (إذا أحيل أحدكم على ملي فليتبع) فمحمول على الإباحة (4).
5 -
لأن الحوالة تصرف في حق المحتال بنقله من ذمة إلى أخرى، فلا يصح من غير رضاه؛ لأنه صاحب الحق (5).
6 -
لأن الحوالة دون رضى المحال إبطال حق له كالبيع (6).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة فقال بوجوب قبول المحال للحوالة: الحنابلة وهو المذهب (7)، والظاهرية (8)، وأبو ثور، ومحمد بن جرير الطبري (9).
• أدلة هذا الرأي: ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم (10): "إذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع"(11).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على كون قبول المحالِ الحوالةَ شرط في
(1) انظر الاستدلال بهذا الحديث: مغني المحتاج: (2/ 193).
(2)
يسبق تخريجه.
(3)
الحاوي في فقه الشافعي: (6/ 418).
(4)
الحاوي في فقه الشافعي: (6/ 418).
(5)
بدائع الصنائع: (6/ 15).
(6)
الذخيرة: (9/ 243).
(7)
كشاف القناع: (3/ 386)، وفيه:" (ولا) يعتبر أيضًا (رضا المحتال إن كان المحال عليه مليئًا فيجب) على من أحيل على مليء (أن يحتال) لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع (فإن امتنع) المحتال (أجبر على قبولها) أي الحوالة للخبر".
(8)
المحلى: (8/ 108)، وفيه:"فرض على الذي أحيل أن يستحيل عليه، ويجبر على ذلك، ويبرأ المحيل مما كان عليه".
(9)
الحاوي للماوردي: (6/ 418)، وطرح التثريب:(6/ 426) كتاب البيوع، باب الحوالة.
(10)
انظر الاستدلال بالحديث: كثات القناع: (3/ 386).
(11)
تخريجه (ص 288).