الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[72/ 6] مسألة: يجوز مطالبة المضمون له الضامن بما ضمن بالاتفاق
.
يحق للمضمون له [صاحب الحق من دَين ونحوه] أن يطالب الضامن بما ضمنه له، وقد نقل الاتفاق على هذا، كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الاتفاق ونفى الخلاف: الإمام ابن حزم ت 456 هـ، فقال:"واتفقوا على أن من كان له على آخر حي حق واجب من مال محدود قد وجب بعد فضمنه عنه ضامن واحد بأمر الذي عليه الحق ورضي المضمون له بذلك وكان الضامن له غنيًّا، فإن ذلك جائز، وللمضمون له أن يطالب الضامن بما ضمن له"(1). الإمام ابن قدامة ت 620 هـ، فقال:"الضمان إذا صح لزم الضامن أداء ما ضمنه وكان للمضمون له مطالبته ولا نعلم في هذا خلافًا"(2).
• الموافقون والإجماع: وافق على الاتفاق ونفي الخلاف: الحنفية (3)، ومالك في قول رجع عنه (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6)، وهو قول الثوري
(1) مراتب الإجماع: (ص 62).
(2)
المغني: (7/ 74).
(3)
الكتاب مع شرحه اللباب: (1/ 209)، وفيه:"والمكفول له بالخيار: إن شاء طالب الذي عليه الأصل، وإن شاء طالب كفيله"، والهداية شرح البداية:(3/ 90)، وبداية المبتدي:(1/ 146)، وشرح فتح القدير:(7/ 182).
(4)
الكافي: (ص 399)، وفيه:"وقد كان مالك يقول في الضامن والمضمون عنه أن للطالب أن يأخذ أيهما شاء بحقه. . . وهو قول جماعة من أهل العلم، ثم رجع مالك، فقال لا تبعة للطالب على الضامن حتى لا يوجد للمضمون عنه مال. . "، والبهجة في شرح التحفة:(1/ 301)، وفيه:"ولا يطالب الضامن به أي بالدين إن حضر الغريم بالبلد حال كونه موسرًا. . وبه كان العمل قديمًا. . وهو قول مالك المرجوع عنه، وبه صدر ابن الحاجب وابن سلمون، وبه العمل الآن بفاس وما والاه"، وحاشية الصاوي على الشرح الصغير:(7/ 450).
(5)
الحاوي: (6/ 436، 445)، وفيه:"وللمضمون له مطالبة كل واحد من الضامن والمضمون عنه حتى يقضي حقه من أحدهما فيبرآن معًا"، والمهذب:(1/ 341).
(6)
المغني: (7/ 84)، وفيه:"ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما في الحياة وبعد الموت"، والكافي:(2/ 129)، والروض المربع:(1/ 244).
وإسحاق وأبي عبيد (1).
• مستند الاتفاق:
1 -
قول اللَّه تعالى (2): {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72].
2 -
قوله عليه السلام (3): "الزعيم غارم"(4).
3 -
لأن الدين ثابت في ذمته فكان له مطالبته (5).
4 -
لأن الحق ثابت في ذمة الضامن كالأصيل فجاز له مطالبته به (6).
• الخلاف في المسألة: خالف الاتفاقَ السابق ونفي الخلاف فيه الإمامُ مالكٌ في رواية له هي المرجوع إليها فقال بعدم مطالبة الضامن إلا إذا تعذرت مطالبة الأصيل وهو المضمون عنه (7)، وقواه ابن القيم، فقال بعد سرده والاستدلال له: وهذا القول في القوة كما ترى (8).
• أدلة هذا الرأي: هو ما استدل به ابن القيم للقائلين به، وهو:
1 -
أن الضامن فرع والمضمون عنه أصل، والقاعدة في الشريعة أنه لا يصار إلى الأبدال والفروع إلا إذا تعذر الأصول كالتراب في الطهارة، وشاهد الفرع مع شاهد الأصل (9).
2 -
أن الكفالة توثقة وحفظ للحق فهي كالرهن، إلا أن الرهن هو رهن لعين وفي الضمان هو رهن للذمة، أقرها الشارع وجعلها في مقام رهن الأعيان للحاجة إليها، والرهن لا يصار إليه ولا يستوفى منه إلا إذا تعذر الوفاء؛ فكذا الضمين.
(1) حكاه عنهم ابن قدامة في المغني: (7/ 84).
(2)
انظر الاستدلال بهذه الآية: الكافي في فقه ابن حنبل: (2/ 129).
(3)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: المغني: (7/ 71).
(4)
تخريجه (ص 157).
(5)
المهذب: (1/ 341).
(6)
المغني: (7/ 86).
(7)
راجع مصادر المالكية في القول السابق، ونص ابن عبد البر وغيره في ذلك.
(8)
إعلام الموقعين: (3/ 398).
(9)
راجع الاستدلال بهذا الدليل وما بعده: المصدر السابق.