الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكون القرض تعتريه بعضُ الأحكام الخمسة أو كلها أمر وارد في كثير من المسائل الفقهية، ولا يعد التفصيل فيه خلافًا، واللَّه أعلم.
النتيجة:
تحقق الإجماع والاتفاق على كون القرض مندوبًا إليه في حق المقرِض لا واجبًا، ومباحًا للمقترِض لا مكروهًا.
[53/ 3] مسألة: اشتراط الإيجاب والقبول في القرض
.
القبول هو قول المستقرِض -وهو آخذ القرض-: استقرضتُ أو قبلتُ أو رضيتُ أو ما يجري هذا المجرى. والإيجاب قول المقرض -وهو معطي القرض-: أقرضتك هذا الشيء أو خذ هذا الشيء قرضًا، ونحو ذلك (1). وقد نقِل الإجماعُ الفعليُّ على كون الإيجاب والقبول ليسا بشرط في القرض.
• من نقل الإجماع: الإمام الشربيني ت 977 هـ، نقلًا عن الإمام الأَذْرعِي (2)، حيث قال:"الإيجاب والقبول ليسا بشرط؛ بل إذا قال أقرضني كذا فأعطاه إياه أو بعث إليه رسولًا، فبعث إليه المال صح القرض. قال الأَذْرعِي: والإجماع الفعلي عليه، وهو الأقوى والمختار"(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق أبو حنيفة وأبو يوسف في رواية (4)،
(1) بدائع الصنائع: (7/ 394).
(2)
هو الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حمدان بن أحمد بن عبد الواحد الأذرعي شيخ الشافعية في البلاد الشمالية، ولد في أَذْرِعات [وهي مدينة درعة الآن بسوريا] سنة (707 هـ) سبع وسبعمائة، وله تصانيف مشهورة، منها:(القوت)، و (الغنية) كلاهما على منهاج الطالبين للنووي، و (التوسط والفتح بين الروضة والشرح)، وغيرها، وتوفي سنة (783 هـ) ثلاث وثمانين وسبعمائة بحلب. انظر ترجمته: طبقات الشافعية: (3/ 141)، وطبقات الفقهاء للشيرازي:(ص 276) - وقد جعل الشيرازي وفاته في (781 هـ).
(3)
مغني المحتاج: (2/ 118).
(4)
بدائع الصنائع: (7/ 394)، وفيه:"والقبول هو أن يقول المستقرض استقرضت أو قبلت أو رضيت أو ما يجري هذا المجرى وهذا قول محمد رحمه الله وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف وروي عن أبي يوسف أخرى أن الركن فيه الإيجاب، وأما القبول فليس بركن".
والشافعية في القول الثاني عندهم (1)، والحنابلة (2) على عدم اشتراط الإيجاب والقبول في القرض.
• مستند الإجماع:
1 -
أن الإقراض إعارة والقبول ليس بركن في الإعارة (3).
2 -
"لو كان الإيجاب والقبول شرطًا في هذه العقود [البيع والهبة والصدقة] لشق ذلك، ولكانت أكثر عقود المسلمين فاسدة، ولأن الإيجاب والقبول إنما يرادان للدلالة على التراضي؛ فإذا وجد ما يدل عليه من المساومة والتعاطي؛ قام مقامهما وأجزأ عنهما لعدم التعبد فيه"(4).
3 -
لأن القرض مكرمة، وإباحة إتلاف بشرط الضمان، وظاهر أن الالتماس من المقرض كـ (اقترض مني) يقوم مقام الإيجاب، ومن المقترض كـ (أقرضني) يقوم مقام القبول كما في البيع (5).
• الخلاف في المسألة: خالف هذا الإجماع فذهب إلى أن الإيجاب والقبول شرط في القرض كل من أبي حنيفة في الرواية الأخرى عنه، ومحمد بن الحسن صاحبه، وكذا أبو يوسف في رواية (6)، والشافعية في القول الأصح عندهم (7).
(1) مغني المحتاج: (2/ 118)، وفيه:" (ويشترط قبوله) أي الإقراض (في الأصح) كسائر المعاوضات. . . والثاني لا يشترط لأن القرض مكرمة وإباحة إتلاف بشرط الضمان".
(2)
انظر: المغني: (6/ 430). وحكم الإيجاب والقبول عند الحنابلة في القرض كحكمه في البيع، وهما في اليع ليس شرطًا. انظر هذا أيضًا: المغني: (6/ 9).
(3)
انظر: بدائع الصنائع: (7/ 394).
(4)
المغني: (6/ 9).
(5)
مغني المحتاج: (2/ 117 - 118).
(6)
بدائع الصنائع: (7/ 394)، وفيه:"والقبول هو أن يقول المستقرض استقرضت أو قبلت أو رضيت أو ما يجري هذا المجرى وهذا قول محمد رحمه الله وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف".
(7)
منهاج الطالبين للنووي، مع شرحه مغني المحتاج:(2/ 118)، وقد سبق نصه.