الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد رد عليه الماوردي قائلًا: "وأما حديث أسامة، وقوله:(إنما الربا في النسيئة) ففيه جوابان: أحدهما: وهو جواب الشافعي: أنه جواب من النبي صلى الله عليه وسلم لسائل مسألة عن التفاضل في جنسين مختلفين، فقال:(إنما الربا في النسيئة)، فنقل أسامة جواب النبي صلى الله عليه وسلم، وأغفل سؤال المسائل.
والثاني: أنه محمول على الجنس الواحد يجوز التماثل فيه نقدًا ولا يجوز نسيئة. على أن ابن عباس المستدل بحديث أسامة رجع عن مذهبه" (1).
2 -
ما رواه (2) سفيان عن عمرو سمع أبا المنهال عبد الرحمن بن مطعم، قال: باع شريك لي دراهم في السوق نسيئة، فقلت: سبحان اللَّه أيصلح هذا؟ فقال: سبحان اللَّه، واللَّه لقد بعتها في السوق، فما عابها عليَّ أحد، فسألت البراء بن عازب، فقال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ونحن نتبايع هذا البيع، فقال:"ما كان يدًا بيد؛ فليس به بأس، وما كان نسيئة فلا يصلح".
والقَ زيدَ بن أرقم، فاسأله؛ فإنه كان أعظمنا تجارةً، فسألت زيد بن أرقم، فقال مثله (3).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على كون الربا يكون في الفضل والنسيئة لخلاف ابن عباس وغيره من الصحابة في ربا الفضل.
[4/ 4] مسألة: الإجماع على معنى ربا الجاهلية هو ربا النسيئة
.
ربا الجاهلية هو ربا النسيئة، وهو: أن يكون للإنسان دَيْن عند آخر فيؤخره به على أن يزيده فيه (4)، أو هو: بيع الدينار بالدينارين مؤجلا. وقد نقل الإجماع على ذلك، كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع ونفى الخلاف: الإمام أبو الحسن الماوردي ت 450 هـ،
(1) المرجع السابق.
(2)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: السابق.
(3)
البخاري: (3/ 1433، رقم: 3724)، ومسلم:(3/ 1212)(رقم: 1589)
(4)
القوانين الفقهية: (ص 167).
فقال: "وَأَمَّا النَّسَاءُ: فَهُوَ بيع الدرهم بالدرهمين إلى أجل، وهو المعهود من ربا الجاهلية، والذي قد أجمع على تحريمه جميع الأمة"(1).
أبو الوليد الباجي ت 474 هـ، حيث قال:"ربا الجاهلية: كان أن يقول الذي له الدين عند أجله للذي عليه الدين: أتقضي أم تربي، يريد يزيد في الدين؛ فإن اختار أن يزيده في الدين ليزيده في الأجل؛ فعل، وهذا مما لا خلاف بين المسلمين في تحريمه"(2).
• الموافقون على الإجماع: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6) على الإجماع على كون ربا الجاهلية في الديون إما أن يقضيه وإما أن يربي له فيه.
• مستند الإجماع: قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ. . .} [البقرة: 278 - 280].
قال الإمام أبو الوليد الباجي بعد تعريفه ربا الجاهلية كما سبق في حكاية
(1) الحاوي للماوردي: (5/ 76).
(2)
المنتقى شرح الموطأ: (6/ 449) - للإمام أبي الوليد سليمان بن خلف بن سعد المالكي التجيبي القرطبي الباجي، تحقيق/ محمد عبد القادر أحمد عطا.
(3)
المبسوط للسرخسي: (14/ 100)، وفيه:" (كل ربا كان في الجاهلية فهو موضوع وأول ربا يوضع ربا العباس بن عبد المطلب) وهذا لأن العباس رضي الله عنه بعد ما أسلم رجع إلى مكة، وكان يربي".
(4)
الذخيرة: (5/ 303)، والقوانين الفقهية:(ص 167)، والفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني:(1/ 67) - للإمام أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي المالكي - وهو شرح لرسالة الإمام أبي محمد عبد اللَّه بن أبي زيد عبد الرحمن القيراوني.
(5)
الحاوي للماوردي: (18/ 233).
(6)
المغني: (6/ 508)، وكشاف القناع:(4/ 545).