الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان حاضرًا؛ فما أنكر دعواهم له مع حضوره (1).
قال الإمام الماودري في معرض الاستدلال بهذا الحديث: "فلو كانت وكالة الحاضر غير جائزة لأنكرها حتى يبتدئ الولي بها، ألا تراه أنكر على محيصة حين ابتدأ بالكلام قبل حويصة، وقال له: كبر كبر، وليس تقديم الأكبر بواجب، وإنما هو أدب فكيف يكف عن إنكار ما هو واجب؟ ! "(2).
وكونه أجاز وكالة الحاضر ولا عذر، فوكالة من له عذر أجوز. واللَّه تعالى أعلم.
2 -
ولأن الولاية تثبت لعجز المولى عليه؛ لذا وجب أن تصح الوكالة إذا كان الموكل عاجزا (3).
• الخلاف في المسألة: لم أقف على خلاف أحد في جواز نيابة الغير للضرورة.
النتيجة:
تحقق الإجماع على جواز نيابة الغير للضرورة.
[139/ 3] مسألة: جواز الوكالة في البيع
.
الوكالة بالبيع جائزة، لأنها عقد من العقود التي يعقدها المرء بنفسه، وقد نقل الإجماع والاتفاق على هذا؛ كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع والاتفاق ونفَى الخلافَ: الإمام ابن المنذر ت 318 هـ،
(1) هذه القصة رواها: البخاري: (6/ 2630، رقم: 6769) كتاب الأحكام، باب كتاب الحاكم إلى عماله والقاضي إلى أمنائه -من طريق عن أبي ليلى بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل ابن أبي حثمة؛ أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه: أن عبد اللَّه بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم، فأخبر محيصة أن عبد اللَّه قتل وطرح في فقير أو عين فأتى يهود؛ فقال: أنتم واللَّه قتلتموه، قالوا: ما قتلناه واللَّه، ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم، فأقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل، فذهب ليتكلم وهو الذي كان بخيبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمحيصة:"كبر كبر". يريد السن فتكلم حويصة، ثم تكلم محيصة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب". . .، ومسلم:(3/ 1294، رقم: 1669) كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب القسامة- عنه به.
(2)
الحاوي للماوردي: (6/ 503).
(3)
السابق.
فقال: "وأجمعوا أن الرجل إذا وكل ببيع عبد له فباعه من ابن الآمر أو من أبيه أو من أمه أو من أخته أو من زوجته أو من خالته أو من عمته فالبيع جائز"(1).
الإمام ابن حزم ت 456 هـ، فقال:"اتفقوا على جواز الوكالة في البيع والشراء"(2).
الإمام الموفق ابن قدامة ت 625 هـ، فقال:"لا نعلم خلافًا في جواز التوكيل في البيع والشراء"(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7)، والظاهرية (8) على جواز الوكالة في البيع.
• مستند الإجماع والاتفاق ونفي الخلاف:
1 -
قوله تعالى (9): {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} [الكهف: 19].
قال الإمام الموفق ابن قدامة عقب استدلاله بهذه الآية: "وهذه وكالة"(10).
(1) الإجماع: (ص 81، رقم: 765).
(2)
مراتب الإجماع: (ص 61).
(3)
المغني: (7/ 198).
(4)
الكتاب مع شرحه اللباب: (1/ 202)، وفيه:"كل عقدٍ يضيفه الوكيل إلى نفسه -مثل البيع والإجارة- فحقوق ذلك العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل، فيسلم المبيع، ويقبض الثمن، ويطالب بالثمن، إذا اشترى، ويقبض المبيع، ويخاصم بالعيب"، وتبيين الحقائق:(4/ 258).
(5)
التلقين: (2/ 175).
(6)
المهذب: (1/ 348)، وفيه:"تجوز الوكالة في عقد البيع. . . وتجوز في سائر عقود المعاملات كالرهن والحوالة والضمان والكفالة والشركة والوكالة والوديعة والإعارة والمضاربة والجعالة والمساقاة والإجارة والقرض والهبة والوقف والصدقة لأن الحاجة إلى التوكيل فيها كالحاجة إلى التوكيل في البيع".
(7)
المغني: (7/ 198) وقد سبق نصه في حكاية الإجماع.
(8)
المحلى: (8/ 244)، وفيه:"الوكالة جائزة في القيام على الأموال، والتذكية، وطلب الحقوق وإعطائها، وأخذ القصاص في النفس فما دونها، وتبليغ الإنكاح، والبيع، والشراء. . ".
(9)
انظر الاستدلال بهذه الآية: المغني: (7/ 196).
(10)
المغني: (7/ 196).
2 -
ما روي عن عروة بن الجعد (1)، قال: أعطاني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دينارا أشتري له شاة أو أضحية فاشتريت شاتين فبعت إحداهما بدينار، وأتيته بشاة ودينار، فدعا لي بالبركة (2).
(1) انظر الاستدلال بهذا الحديث: المهذب: (1/ 348)، والمغني:(7/ 196)، وجواهر العقود:(1/ 156).
(2)
أبو داود: وسكت عنه: (3/ 256، رقم: 3384) كتاب، باب في المضارب يخالف - حدثنا مسدد ثنا سفيان عن شبيب بن غرقدة حدثني الحي عن عروة -يعني ابن أبي الجعد- البارقي به، والترمذي ولم يتعقبه:(3/ 559، رقم: 1258) كتاب، باب -حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي حدثنا حيان- وهو ابن هلال البصري أبو حبيب -حدثنا هارون الأعور المقرئ- وهو ابن موسى القارئ- حدثنا الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد [لِمَازَة بن زَبَّار البصري الجهضمي] عن عروة البارقي به. وفيه التصريح بالدعاء:"بارك اللَّه لك في صفقة يمينك"، وابن ماجه:(2/ 803، رقم: رقم: 2402) كتاب، باب الأمين يتجر فيه فيربح -حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة عن عروة البارقي به.
مصنف ابن أبي شيبة: (7/ 303، رقم: 36293) - حدثنا ابن عيينة عن شبيب بن غرقدة عن عروة به.
قلت: الحديث صححه الأئمة: المنذري والنووي وابن الملقن.
قال ابن حجر: "قال المنذري والنووي: إسناده حسن صحيح". تلخيص الحبير: (3/ 5).
وقال الحافظ ابن الملقن: "رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح". خلاصة البدر المنير: (2/ 51).
لكن أعله ابن حزم بطريقيه، طريق أبي داود وابن ماجه، وطريق الترمذي؛ فقال:"وأما حديث عروة فأحد طريقيه عن سعيد بن زيد أخي حماد بن زيد وهو ضعيف، وفيه أيضًا أبو لبيد، وهو لمازة بن زبار، وليس بمعروف العدالة، والطريق الأخرى معتلة، وإن كان ظاهرها الصحة، وهي أن شبيب بن غرقدة لم يسمعه من عروة". المحلى: (8/ 437).
قلت: هكذا قال ابن حزم، وقد وهمه في ذلك ابن الملقن، فقال:"ووهم ابن حزم في إعلاله". تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج: (2/ 207) لابن الملقن.
والأمر كما قال ابن الملقن للتالي:
أولًا: أن سعيد بن زيد ليس متفقًا على ضعفه، بل هو مختلف فيه. قال الحافظ ابن حجر:"في إسناده سعيد بن زيد أخو حماد مختلف فيه". تلخيص الحبير: (3/ 5).