الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[16/ 16] مسألة: الإجماع على أن المساواة المرعية في بيع الربوي بجنسه تكون بالكيل فيما أصله الكيل وبالوزن بما أصله الوزن
.
إذا بيع أحد الأصناف الستة الربوية (الذهب، الفضة، البر، الشعير، التمر، الملح) بجنسه كذهب بذهب، أو بر ببر. . . وهكذا؛ فلا يباع المكيل إلا كيلًا، ولا ما يوزن إلا وزنًا، وقد نقل الاتفاق على ذلك، كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الاتفاق: الإمام الوزير ابن هبيرة ت 560 هـ؛ فقال: "واتفقوا على أن المكيلات المنصوص عليها وهي: البر والشعير والتمر والملح مكيلة أبدًا لا يجوز بيعها بعضها ببعض إلا كيلًا، والموزونات المنصوص عليها موزونة أبدًا"(1).
الإمام الموفق ابن قدامة ت 620 هـ، فقال:"لا يباع ما أصله الكيل بشيء من جنسه وزنًا، ولا ما أصله الوزن كيلًا. لا خلاف بين أهل العلم في وجوب المماثلة في بيع الأموال التي يحرم التفاضل فيها، وأن المساواة المرعية هي المساواة في المكيل كيلًا وفي الموزون وزنًا، ومتى تحققت هذه المساواة لم يضر اختلافهما فيما سواها"(2).
• الموافقون على الاتفاق: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم: الحنفية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5) على وجوب المماثلة في بيع الأموال
(1) الإفصاح لابن هبيرة: (1/ 277)، واختلاف الأئمة العلماء له:(1/ 360).
(2)
المغني: (6/ 69).
(3)
المبسوط: (12/ 337)، والاختيار لتعليل المختار:(2/ 32)، وفيه:"وما ورد النص بكيله فهو كيلي أبدًا، وما ورد بوزنه فوزني أبدًا" وشرح فتح القدير: (7/ 15)، وحاشية ابن عابدين:(5/ 176).
(4)
مغني المحتاج: (2/ 24)، وفيه:"والمماثلة تعتبر في المكيل كيلًا) وإن تفاوتت في الوزن (و) في (الموزون وزنا) وإن تفاوتت في الكيل؛ فلا يصح بيع بعض المكيل ببعض وزنًا، ولا بيع بعض الموزون ببعض كيلًا".
(5)
المغني: (6/ 69)، وفيه:"ولا يباع ما أصله الكيل بشيء من جنسه وزنًا ولا ما أصله الوزن كيلًا" وحاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع: (4/ 496) للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي الحنبلي النجدي ت 1392 هـ - الطبعة الأولى 1397 هـ.
الكيلي بالكيلي. . وهكذا.
• مستند الاتفاق: حديث (1): "الذهب بالذهب وزنًا بوزن، مثلًا بمثل، والفضة بالفضة، وزنًا بوزن، مثلًا بمثل، فمن زاد أو استزاد فهو ربا"(2). وقوله صلى الله عليه وسلم (3): "الذهب بالذهب وزنًا بوزن، والفضة بالفضة وزنًا بوزن، والبر بالبر كيلًا بكيل، والشعير بالشعير كيلًا بكيل"(4).
وقوله عليه السلام (5): "الذهب بالذهب تبْرُها وعينها، والفضة بالفضة تبرها وعينها، والبر بالبر مُدْيٌ (6) بمديً، والشعير بالشعير مُدْيٌ بمديً، والتمر بالتمر مُدْيٌ بمديً، والملح بالملح مُدْيٌ بمديً، فمن زاد أو ازداد فقد أربى"(7).
قال الإمام ابن قدامة: "فأمر بالمساواة في الموزونات المذكورة في الوزن كما أمر بالمساواة في المكيلات في الكيل"(8).
وقال الزركشي الحنبلي في معرض الاستدلال بهذا الحديث: "فاعتبر في
(1) انظر الاستدلال بهذا الحديث: شرح الزركشي: (2/ 21).
(2)
تخرجه من حديث عبادة (ص 28).
(3)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: المغني: (6/ 69).
(4)
هذا أحد ألفاظ حديث عبادة الذي أخرجه مسلم (راجع ص 28). وهذا اللفظ رواه: البيهقي في السنن الكبرى: (5/ 291، رقم: 15321) - عن عبادة به، وزاد بعده:"والتمر بالتمر، والملح بالملح فمن زاد أو استزاد فقد أربى".
(5)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: المغني: (6/ 69 - 70)، وشرح الزركشي:(2/ 21).
(6)
المُدْيُ: مكيال ضَخْم لأَهل الشام وأَهل مصر. وقيل: مكيال يأْخذ جَريبًا يسع خمسة وأَربعين رطلًا. وقيل: القَفيز الشامي وهو غير المُدِّ. والقَفِيزُ ثمانية مَكاكِيكَ، والمَكُّوك صاع ونصف. وقيل: المُدْيُ مكيال لأَهل الشام يسع خمسة عشر مَكُّوكًا، والمَكُّوك صاع ونصف، وقيل: أَكثر من ذلك. لسان العرب: (15/ 274)، وقال الدكتور وهبة الزحيلي: الْمُدْي: مكيال للشام ومصر وهو غير الْمُدّ. يساوي 2،25 صاعًا، وقد سبق أن الصاع عند الجمهور ما يزن 2،400 كجم، وعند الحنفية 3،25 كجم، وقيل غير ذلك، انظر: الفقه الإسلامي وأدلته: (1/ 75، 119).
(7)
رواه أبو داود وسكت عليه: (رقم: 3349)، وفي آخره زيادة، والنسائي في الكبرى:(رقم: 6155) عنه بنحوه، وفي المجتبى:(7/ 276، رقم: 4563).
(8)
المغني: (6/ 70).
الموزون الوزن، وفي المكيل الكيل، فمن خالف ذلك خرج عن المشروع المأمور به" (1).
- لأن الفضل مبطل للبيع، ولا يعلم عدم الفضل إلا بالوزن فيما يوزن؛ فوجب ذلك كما في المكيل والأثمان (2).
- لأن النص جاء على الموزون بالموزون، والمكيل بالمكيل وهو أقوى من العرف؛ فلا يترك ما هو أقوى وهو النص إلى الأدنى وهو العرف (3).
• الخلاف في المسألة: خالف الإمام أبو يوسف صاحب أبي حنيفة -في رواية أخرى خلاف المشهور عنه- فذهب إلى أن تحديد المساواة المعتبرُ فيه العرفُ، وقد رجحه الكمال ابن الهمام (4).
• ودليل رأي أبي يوسف: أن النص على الكيل والوزن؛ كان بناء على العرضي ذاك الوقت، وقد تبدلت فتبدل الحكم (5).
كما خالف مالك وأصحابه في ذلك فقالوا: بجواز بيع بعض الموزونات والمكيلات ببعض جزافًا (6).
النتيجة:
عدم انعقاد الاتفاق ولا تحقق نفي الخلاف على وجوب تحديد المساواة في بيع الربوي بالربوي بالموزون وزنًا، وبالمكيل كيلًا لخلاف أبي يوسف، وبالموزون وزنًا لخلاف المالكية.
(1) شرح الزركشي: (2/ 21).
(2)
المغني: (6/ 70).
(3)
الدر المختار: (5/ 176)، وانظر: حاشية الروض المربع: (4/ 496).
(4)
شرح فتح القدير: (7/ 15) وفيه "وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يعتبر العرف على خلاف المنصوص عليه أيضًا. . "، وحاشية ابن عابدين:(5/ 176).
(5)
المرجعين السابقين.
(6)
الفواكه الدواني: (3/ 1151) وفيه: "وأما الموزون والمكيل فيجوز بيعهما جزافًا، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير:(3/ 53) للشيخ محمد بن أحمد الدسوقي المالكي، والشرح الكبير شرح مختصر خليل -دار الفكر - بيروت - تحقيق وتعليق فضيلة الشيخ محمد عليش.
[17/ 17] مسألة: الإجماع على أن بيع غير الربوي (1) بجنسه متفاضلًا يدًا بيد جائز.
بيع غير الربوي بجنسه متفاضلًا كفرس بفرسين أو سيف بسيفين ونحوها جائز، وقد نقل الإجماع على هذا، كما نفيت كراهته.
• من نقل الإجماع، ونفى الكراهة: الإمام الشافعي ت 204 هـ، نقلًا عن محمد بن شهاب الزهري ت ما بين 123 هـ إلى 125 هـ؛ فقال:"سئل ابن شهاب عن ثوب بثوبين نسيئة فقال لا بأس به ولم أعلم أحدًا يكرهه"(2).
الإمام الكاساني ت 587 هـ؛ فقال: "ويجوز بيع المذروعات والمعدودات المتفاوتة واحدًا باثنين يدًا بيد كبيع ثوب بثوبين وعبد بعبدين وشاة بشاتين ونصل بنصلين ونحو ذلك بالإجماع"(3).
• الموافقون على الإجماع ونفي الكراهة: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم على جواز بيع غير الربوي بجنسه متفاضلًا: بشرط أن يكون يدًا بيد عند الحنفية والمالكية (4)، وعند الشافعية حالا ومؤجلًا (5)، وكذا المذهب
(1) غير الربوي: هو ما سوى الأصناف الستة المذكورة في حديث عبادة عند مسلم المخرج (ص 28)، وهي: الذهب، والفضة، والبر، والشعير، والتمر، والملح، وما قيس عليها مما ما ألحق بها كـ: الأرز، والعدس، والفاصوليا، ونحوها. فما عدا هذه يكون غير ربوي.
(2)
الأم: (3/ 122) أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه سئل ابن شهاب به.
(3)
بدائع الصنائع: (5/ 185).
(4)
بدائع الصنائع: (5/ 185) وقد سبق قوله في حكاية الإجماع، وحاشية الدسوقي:(3/ 29)، وشرح ميارة:(1/ 477)، وفيه:"وأما ما اتفقت أجناسه من غير الربوي كتفاح مع مثله، والخضر من جنس واحد، فنبه على حكمه بقوله: وغير مقتات ولا مدخر ولا مدخر يجوز مع تفاضل كالخضر".
(5)
الحاوي للماوردي: (5/ 99)، وفيه:"أن يكون العوضان مما لا ربا فيه، فلا بأس ببيعه نقدًا ونساء متفاضلاً ومتماثلاً، سواء كانا من جنسين كبيع ثوب بعبد، أو كانا من جنس واحد كبيع ثوب بثوبين، وعبد بعبدين، والمجموع: (9/ 452)، وفيه: "مذهبنا جواز بيع ثوب بثوبين وثياب من جنسه حالًا ومؤجلًا".