الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
لأن السفه لو كان مقارنًا للبلوغ، كان مانعًا من دفع المال إليه، فإن حدث بعد البلوغ كان سببًا للحجر كالجنون.
4 -
لأن كل علة أوجبت حكمًا اقتضى أن يكون زوال تلك العلة موجبًا لزوال ذلك الحكم؛ نظرًا إلى دوران الحكم مع العلة (1).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة الإمام أبو حنيفة، وزفر، وإبراهيم النخعي وابن سيرين، والظاهرية؛ فلو يروا الحجر على السفيه بدءًا.
وقد سبق العزو لهذا الرأي مع أدلته في مسألة "الحجر على من كان سفيهًا مضيعًا لماله".
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع ونفي النزاع في عودة الحجر على من عاوده موجب الحجر؛ لخلاف أبي حنيفة ومن سبق في الحجر على السفيه.
[232/ 13] مسألة: حكم التفليس
(2).
إذا كان عند امرئ مال وعليه ديون خُلِعَ عن ماله للغرماء وهذا هو التفليس وهو واجب، وقد نقل الإجماع على هذا، كما نفي الإنكار فيه.
• من نقل الإجماع ونفي الإنكار: الإمام ابن حزم ت 456 هـ، فقال:"أجمعوا على أن كل من لزمه حق في ماله أو ذمته لأحد ففرض عليه أداء الحق لمن هو له عليه إذا أمكنه ذلك وبقي له بعد ذلك ما يعيش به أياما هو ومن تلزمه نفقته"(3).
الإمام المنهاجي الأسيوطي ت 880 هـ، فقال: "ما روي أن عمر رضي الله عنه صعد المنبر. وقال: ألا إن الأسيفع -أسيفع جهينة- رضي من دينه وأمانته،
(1) انظر: الحاوي للماوردي: (6/ 363)، وشرح الزركشي:(2/ 132)، وكشاف القناع:(3/ 452).
(2)
التفليس: مأخوذ من الفلوس التي هي من أخس الأموال، كأنه إذا حجر عليه منع التصرف في ماله إلا في شيء تافه لا يعيش إلا به. تحرير ألفاظ التنبيه:(1/ 195).
وقال ابن جزي: "الفلس هو عدم المال والتفليس هو: خلع الرجل عن ماله للغرماء فإذا أحاط الدين بمال أحد ولم يكن في ماله وفاء بديونه وقام الغرماء عند القاضي فإنه يجري في ذلك على المديان أحكام التفليس". القوانين الفقهية: (ص 209).
(3)
مراتب الإجماع: (ص 58).
أن يقال: سابق الحاج -ويروى: سبق الحاج- فادَّان معرضًا (1)، وأصبح وقد رين به (2). فمن كان له عليه دين فليحضر غدا. فإنا بايعوا ماله. فقاسموه بين غرمائه. وروي: فمن كان له عليه دين فليغد بالغداة. فلنقسم ماله بينهم بالحصص، وهذا بمجمع من الصحابة. ولم ينكر عليه أحد. فدل أنه إجماع" (3).
• الموافقون على الإجماع ونفي الإنكار: وافق على الإجماع على وجوب التفليس جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم: أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7)، والظاهرية (8)،
(1) فادَّان مُعْرِضًا: أي اسْتَدان مُعْرِضًا عن الوَفَاءِ. النهاية لابن الأثير: (2/ 370).
(2)
رِيْنَ به: أحاط الدين بماله. النهاية لابن الأثير: (2/ 290).
(3)
جواهر العقود: (1/ 130).
(4)
المبسوط: (2/ 357)، وفيه:". . مر محمد رحمه اللَّه تعالى على أصله أن التفليس يتحقق فيصير المال تاويًا [أي هالكًا ضائعًا. وهو من التَّوَى: الهلاك. النهاية لابن الأثير: (1/ 201)] ومر أبو حنيفة رحمه اللَّه تعالى على أصله أن التفليس لا يتحقق لأن المال غاد ورائح فلا يصير به المال تاويا وأبو يوسف رحمه اللَّه تعالى يقول التفليس وإن كان يتحقق عندي ولكن لا يسقط به الدين إنما تتأخر المطالبة فهو نظير الدين المؤجل"، وفي:(5/ 340)، والهداية:(3/ 285)، ومجمع الأنهر:(1/ 288).
(5)
الذخيرة: (8/ 157)، وحاشية الصاوي على الشرح الصغير (7/ 275) وفيه:"تفليس خاص وهو خلع ماله لغرمائه".
(6)
الحاوي للماوردي (6/ 264)، والوسيط:(4/ 5)، وفيه:"والتفليس أن يجعل من عليه الدين مفلسًا ببيع ماله، ومهما التمس الغرماء الحجر عليه بديونهم الحالة الزائدة على قدر ماله فللقاضي الحجر عليه وبيع ماله في حقهم".
(7)
المغني: (6/ 571)، والعدة شرح العمدة:(1/ 227)، وفيه:"إن كان ماله لا يفي بدينه كله فسأل غرماؤه الحجر عليه لزمه إجابتهم".
(8)
المحلى: (8/ 174)، وفيه: "لا يخلو المطلوب بالدين من أن يكون يوجد له ما يفي بما عليه ويفضل له، فهذا يباع من ماله ما يفضل، عن حاجته فينصف منه غرماؤه، وما تلف من عين المال قبل أن يباع فمن مصيبته لا من مصيبة الغرماء، لأن حقوقهم في ذمته لا في شيء بعينه من ماله، أو يكون كل ما يوجد له يفي بما عليه، ولا يفضل له شيء، أو لا يفي بما عليه: فهذان يقضي بما وجد لهما للغرماء كما فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم يباع لهم إن اتفقوا على ذلك، =
وابن أبي ليلى (1).
• مستند الإجماع ونفي الإنكار:
1 -
حديث أبي سعيد الخدري (2) قال: أصيب رجل فى عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"تصدقوا عليه" فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لغرمائه:"خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك"(3).
2 -
ما روي (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ وقال لغرمائه: "خذوا ما معه فليس لكم إلا ما وجدتم"(5).
= فما تلف بعد القضاء لهم بماله فمن مصيبة الغرماء ويسقط عنه من دينهم بقدر ذلك؛ لأن عين ماله قد صار لهم إن شاءوا اقتسموه بالقيمة، وإن اتفقوا على بيعه بيع لهم".
(1)
مختصر اختلاف العلماء للطحاوي: (2/ 458).
(2)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: الحاوي للماوردي: (6/ 264)، والمحلى:(8/ 385)، وبداية المجتهد:(2/ 284)، والمغني:(6/ 571)، والذخيرة:(8/ 157).
(3)
مسلم: (3/ 1191، رقم: 1556) كتاب المساقاة، باب استحباب الوضع من الدين.
(4)
انظر الاستدلال بهذه الرواية: الحاوي للماوردي (6/ 264)، والمبسوط:(5/ 340)، وبداية المجتهد:(2/ 284)، والمغني:(6/ 571)، والعدة شرح العمدة:(1/ 227).
(5)
روي هذا الحديث موصولا ومرسلًا، والمرسل أصح.
وممن رواه مرسلًا: مصنف ابن أبي شيبة: (4/ 536، رقم: 22913) - حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن معمر عن الزهري أن معاذ بن جبل دار عليه دين فأخرجه النبي صلى الله عليه وسلم من ماله لغرمائه. قال الحافظ ابن حجر: "قال عبد الحق: والمرسل أصح من المتصل". تلخيص الحبير: (3/ 37). وممن رواه موصولًا:
وابن ماجه: (2/ 789، رقم: 2357) كتاب الأحكام، باب تفليس المعدم والبيع عليه لغرمائه -من طريق عبد اللَّه بن مسلم بن هرمز عن سلمة المكي عن جابر بن عبد اللَّه؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خلع معاذ بن جبل من غرمائه ثم استعمله على اليمن فقال معاذ: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استخلصني بمالي ثم استعملني.
قلت: قد ضعف رواية جابر هذه البيهقي في السنن الكبرى: (6/ 48) والبوصيري في مصباح الزجاجة: (3/ 52).
3 -
ما روى (1) بلال بن الحارث؛ قال: كان رجل يغالي بالرواحل ويسبق الحاج حتى أفلس قال فخطب عمر بن الخطاب فقال أما بعد فإن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من أمانته ودينه أن يقال سبق الحاج فادان مُعْرِضا فأصبح قد رِيْنَ به، فمن كان له شيء فليأتنا حتى نقسم ماله بينهم (2).
4 -
لأنه الحجر بالمرض جائز لأجل الورثة، لأن مصير المال إليهم وإن لم يكن في الحال فأولى أن يجوز بديون الغرماء لأن المال مستحق لهم فى الحال (3).
5 -
لأن البيع مستحق على المفلس لإيفاء دينه (4).
6 -
لأن في تفليس الغارم دفعًا للضرر عن الغرماء (5).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة أبو حنيفة فلم ير التفليس (6).
• أدلة هذا الرأي: أن المال غاد ورائح فلا يصير بالتفليس المال هالكًا (7).
= المستدرك على الصحيحين: (2/ 67، رقم: 2348) -من طريق هشام بن يوسف الصنعاني حدثنا معمر عن الزهري عن [عبد الرحمن] ابن كعب بن مالك عن أبيه؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ ماله وباعه في دين عليه.
وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(1)
انظر الاستدلال بهذه الرواية: الحاوي للماوردي (6/ 264)، والمبسوط:(5/ 340)، وبداية المجتهد:(2/ 284)، والمغني:(6/ 571)، والعدة شرح العمدة:(1/ 227)، وجواهر العقود:(1/ 130).
(2)
موطأ مالك منقطعًا: (2/ 770، رقم: 1460) وفي آخره زيادة، قال الحافظ ابن حجر:"مالك في الموطإ بسند منقطع" تلخيص الحبير: (3/ 40)، ومصنف ابن أبي شيبة موصولًا، واللفظ له:(4/ 536، رقم: 22915)(4/ 536، رقم: 22915).
(3)
الحاوي للماوردي (6/ 264).
(4)
الهداية شرح البداية: (3/ 285).
(5)
العدة شرح العمدة: (1/ 227).
(6)
المبسوط: (2/ 357)، وقد سبق نصه في القول الأول، و (5/ 340)، ومجمع الأنهر:(1/ 288).
(7)
المرجعين السابقين.