الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا شُفْعَةَ (1).
5 -
حديث ابن عمر رضي الله عنهما (2)، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أعتق شركًا له في عبد، فكان له مالٌ يبلغُ ثمنَ العبدِ؛ قُوِّم العبدُ عليه قيمةَ عَدْلٍ، فأعطى شركاءَه حِصَصَهم، وعَتَقَ عليه، وإلا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ"(3).
• الخلاف في المسألة: لم أقف على خلاف أحد في هذه المسألة.
النتيجة:
تحقق الإجماع والاتفاق على جواز الشركة.
[254/ 2] مسألة: صورة الشركة الصحيحة
.
الشركة الصحيحة أن يخرج كل من الشريكين مالًا مثل صاحبه، ثم يخلطاه بحيث لا يتميز، فيبيعا ويشتريا، على أن ما كان فيه من فضل فلهما، وما كان من نقص فعليهما. وقد نقل الإجماع والاتفاق على ذلك.
• من نقل الإجماع والاتفاق: الإمام ابن المنذر ت 318 هـ، فقال:"وأجمعوا على أن الشركة الصحيحة: أن يخرج كل واحد من الشريكين مالًا مثل صاحبه دنانير أو دراهم، ثم يخلطان ذلك حتى يصير مالًا واحدًا لا يتميز، على أن يبيعا ويشتريا ما رأيا من التجارات، على أن ما كان فيه من فضل فلهما، وما كان من نقص فعليهما، فإذا فعلا ذلك صحت الشركة"(4).
الإمام ابن بطال ت 449 هـ، فقال:"وأجمع العلماء أن الشركة الصحيحة أن يخرج كل واحد من الشريكين مالًا مثل مال صاحبه، ثم يخلطان ذلك ولا يتميز، ثم ليس لأحدهما أن يبيع إلا مع صاحبه، إلا أن يجعل كل واحد منهما لصاحبه أن يتجر بما رآه، ويقيمه مقام نفسه"(5). الإمام ابن حزم ت، 456 هـ،
(1) البخاري في مواطن منها: (2/ 787، رقم: 2138) عن جابر.
(2)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: الذخيرة: (8/ 18).
(3)
تخريجه.
(4)
الإجماع: (ص 56، رقم: 512).
(5)
شرح صحيح البخارى: (7/ 18).
فقال: "اتفقوا أن الشركة إذا أخرج كل واحد من الشريكين أو الشركاء دراهم متماثلة في الصفة والوزن وخلطوا كل ذلك خلطًا لا يتميز به ما أخرج كل واحد منهم أو منهما؛ فإنها شركة صحيحة فيما خلطوه من ذلك على السواء بينهم"(1).
• الموافقون على الإجماع والاتفاق: وافق جمهور الفقهاء على الإجماع على كون الشركة الصحيحة بالصفة السابقة: زفر تلميذ أبي حنيفة (2)، وقول بعض المالكية (3)، والشافعية (4).
• مستند الإجماع والاتفاق:
1 -
إن الشركة مبنية على الاختلاط، فإن أمكن تمييز المالين، فلا اختلاط إذَا، فلا تتحقق معنى الشركة (5).
(1) مراتب الإجماع: (ص 91).
(2)
المبسوط للسرخسي: (11/ 278)، وفيه:"وأما شركة العنان: فهو أن يشترك الرجلان برأس مال يحضره كل واحد منهما ولا بد من ذلك إما عند العقد أو عند الشراء حتى أن الشركة لا تجوز برأس مال غائب أو دين ولا يشترط لجواز هذه الشركة خلط المالين عندنا وقال الشافعي رحمه اللَّه تعالى يشترط وهي رواية عن زفر"، وفي:(11/ 280): "من شروط هذه العقد أن يتساويا في رأس المال، ولا يختص أحدهما بملك مال يصلح أن يكون رأس ماله في الشركة من النقود، وأن يتساويا في الربح فلا يشترط لأحدهما زيادة على صاحبه لما بينا أن قضية اللفظ المساواة، ثم في ظاهر هذه الرواية تصح هذه الشركة من غير خلط المالين، والمالان لا يختلطان كالدراهم والدنانير والسود والبيض، وزفر رحمه الله لا يجوز هذه الشركة بدون خلط المالين برواية واحدة"، وبدائع الصنائع:(6/ 60).
(3)
الذخيرة: (8/ 23)، وفيه:"تجوز بالدراهم والدنانير بخمسة شروط: استواء الصنف من العين والربح والخسارة على قدر الأموال، وأن يكون المال بينهما على الأمانة، واختلف في اشتراط الخلط فلم يره مالك وابن القاسم لأن المقصود المبايعة وقيل يشترط. . . "، و (10/ 391).
(4)
مختصر المزني: (ص 109)، وفيه:"والشركة الصحيحة أن يخرج كل واحد منهما دنانير مثل دنانير صاحبه ويخلطاهما فيكونان فيها شريكين، فإن اشتريا فلا يجوز أن يبيعه أحدهما دون صاحبه، فإن جعل كل واحد منهما لصاحبه أن يتجر في ذلك كله بما رأى من أنواع التجارات قام في ذلك مقام صاحبه، فما ربحا أو خسرا فلهما وعليهما نصفين"، والحاوي:(6/ 481).
(5)
انظر: بدائع الصنائع: (6/ 60).
2 -
أن من أحكام الشركة أن الهلاك يكون من المالين، وقبل الخلط ما هلك من أحد المالين يكون على صاحبه، وهذا ليس من مقتضى الشركة، فلا بد من الخلط (1).
3 -
ما ثبتت الشركة فيه بالخلط أو الاختلاط، فإنه لا يجوز التصرف فيه إلا بموافقة الشريك وإذنه، لأن الخلط هو استهلاك معنى، فترتب عليه شبهة زوال ملك نصيب كل واحد من الشريكين إلى شريكه، فكان لزامًا وجود الإذن بالتصرف (2).
4 -
لأن الربح فرع المال ولا تقع الشراكة فيه إلا إذا وجدت الشراكة في أصله وهو المال، ولا يتصور ذلك بلا خلط، والجنسان لا يختلط أن فيكون ممتازًا عن نصيب الآخر، ولا اشتراك مع الامتياز (3).
• الخلاف في المسألة: خالف أبو حنيفة وصاحباه أبو يوسف، ومحمد وأتباعهم ومالك في رواية وابن القاسم والحنابلةُ في بعض شروط الشركة الصحيحة السابقة.
فقال أبو حنيفة وصاحباه وأتباعهم، ومالك في رواية وابن القاسم، والحنابلة: لا يشترط لجواز الشركة خلط المالين (4).
وخالف الحنفية أيضًا فلم يشترطوا لصحتها اتفاق المالين في الجنس؛ بل يجوز أن يخرج أحدهما دراهم والآخر دنانير (5)، وكذا الحنابلة وحكاه ابن قدامة عن الحسن وابن سيرين (6).
(1) انظر: المرجع السابق.
(2)
انظر: الاختيار لتعليل المختار: (3/ 13).
(3)
تبيين الحقائق: (3/ 318).
(4)
المبسوط للسرخسي الحنفي: (11/ 278)، وقد سبق نصه في القول الأول، وبدائع الصنائع:(6/ 60)، والذخيرة للقرافي المالكي:(8/ 23)، وقد سبق نصه في القول الأول، والمغني لابن قدامة الحنبلي:(7/ 126)، وفيه:"ولا يشترط اختلاط المالين إذا عيَّناهما وأحضراهما".
(5)
المبسوط: (11/ 278)، وقد سبق نصه في القول الأول.
(6)
المغني: (7/ 126)، وفيه:"ولا يشترط لصحتها اتفاق المالين في الجنس؛ بل يجوز أن يخرج أحدهما دراهم والآخر دنانير، نص عليه أحمد، وبه قال الحسن وابن سيرين".
كما خالف الحنفية أيضًا فلم يشترطوا تساوي المالين في القدر، وجوزوا التفاضل في المال (1)، وكذا بعض أصحاب الشافعي (2)، والحنابلة وحكاه ابن قدامة عن الحسن والشعبي والنخعي وإسحاق (3).
دليل الحنفية ومالك وابن القاسم والحنابلة ومن وافقهم على عدم اشتراط خلط المالين في الشركة:
1 -
أن أي المالين هلك هلك من مال صاحبه؛ لأنه بقي على ملكه بعد عقد الشركة، وكل واحد منهما أمين في رأس مال صاحبه سواء هلك فى يده أو في يد صاحبه يكون هلاكه عليه (4).
2 -
أن الشركة تشتمل على الوكالة، فما جاز التوكيل به؛ جازت الشركة فيه، والتوكيل جائز في المالين قبل الخلط، كذا الشركةُ (5).
3 -
أن الشركة عقد توكيل من الطرفين ليشتري كل واحد منهما بثمن في ذمته على أن يكون المشترى بينهما وهذا لا يفتقر إلى الخلط (6).
دليل الحنفية والحنابلة ومن وافقهم في الخلاف الثاني، وهو عدم اشتراط اتفاق المالين في الجنس:
1 -
أن الدارهم والدنانير من جنس الأثمان فكانت المجانسة ثابتة في الثمنية (7).
2 -
أن الدراهم والدنانير من جنس الأثمان فصحت الشركة فيهما كالجنس الواحد، ومتى تفاصلا يرجع هذا بدنانيره، وهذا بدراهمه، ثم اقتسما الفضل (8).
(1) الاختيار: (1/ 27): "وشركة العنان تصح مع التفاضل في المال".
(2)
روضة الطالبين: (4/ 278)، وفيه:"الصحيح أنه لا يشترط تساوي المالين في القدر، بل تثبت الشركة مع التفاوت على نسبة المالين، وقال الأنماطي: يشترط، وهو ضعيف".
(3)
المغني: (7/ 126).
(4)
المبسوط: (11/ 299).
(5)
بدائع الصنائع: (6/ 60).
(6)
تبيين الحقائق: (3/ 318).
(7)
بدائع الصنائع: (6/ 61).
(8)
المغني: (7/ 126).