الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث مسائل الإجماع في عقد الكفالة
[78/ 1] مسألة: الكفالة (1) جائزة بالإجماع.
الكفالة جائزة سواء بالمال أو بإحضار نفس المكفول، وقد نقل الإجماع والاتفاق في ذلك، كما قد نفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع والاتفاق ونفى الخلاف: الإمام أبو الحسن الماوردي ت 450 هـ، فقال:"إجماع الصحابة منعقد بجواز الكفالة"(2).
الإمام ابن حزم ت 456 هـ، فقال:"واتفقوا على أن من كان له على آخر حيِّ حقٌّ واجب من مال محدود قد وجب بعد، فضمنه عنه ضامن واحد بأمر الذي عليه الحق ورضي المضمون له بذلك وكان الضامن له غنيًا؛ فإن ذلك جائز، وللمضمون له أن يطالب الضامن بما ضمن له"(3).
(1) الكفالة: "ضمٌّ لغةً، والتزام المطالبة بما على الأصيل شرعًا". بدائع الصنائع: (6/ 2). وانظر أيضًا: المبسوط: (19/ 289)، وشرح فتح القدير:(7/ 163).
وقال الماوردي: "المقصود بالكفالة: التوثيق في الدين المستحق". الحاوي: (6/ 466). وقيل هي: "الكفالة التزام إحضار المكفول به". الشرح الكبير لابن قدامة: (5/ 98).
وهي نوعان كما اتضح من مجموع التعاريف: كفالة بالمال، وكفالة بالنفس. ويقال لها أيضًا: حمالة، وضمانة، وزعامة. انظر: بداية المجتهد: (2/ 295).
ويقول ابن الهمام: "ومحاسن الكفالة جليلة، وهي تفريج كرب الطالب الخائف على ماله، والمطلوب الخائف على نفسه؛ حيث كفيا مؤنة ما أهمهما وقر جأشهما، وذلك نعمة كبيرة عليهما، ولذا كانت الكفالة من الأفعال العالية حتى امتن اللَّه تعالى بها؛ حيث قال: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] في قراءة التشديد، يتضمن الامتنان على مريم؛ إذ جعل لها من يقوم بمصالحها، ويقوم بها؛ بأن أتاح لها ذلك". شرح فتح القدير: (7/ 162).
ولابد من معرفة أسماء، هي: المكفول عنه وهو المديون، والمكفول له، وهو الدائن، والكفيل وهو الملتزم، والمكفول به وهو الدين. انظر: البحر الرائق: (6/ 224).
(2)
الحاوي للماوردي: (6/ 462)
(3)
مراتب الإجماع: (ص 62).
الإمام علاء الدين السمرقندي ت 539 هـ، فقال:"ولا خلاف في جواز الكفالة إلى أجل معلوم من الشهر والسنة ونحوها"(1). الإمام الكاساني ت 587 هـ، فقال:"وأما الدين؛ فتصح الكفالة به بلا خلاف؛ لأنه مضمون على الأصيل، مقدور الاستيفاء من الكفيل"(2).
الإمام ابن رشد، حيث قال:"لها أسماء: كفالة وحمالة وضمانة وزعامة، فأما أنواعها فنوعان حمالة بالنفس وحمالة بالمال. أما الحمالة بالمال فثابتة بالسنة ومجمع عليها من الصدر الأول ومن فقهاء الأمصار"(3).
الإمام ابن مودود الموصلي الحنفي ت 683 هـ؛ فقال: "وتجوز بالنفس والمال لما روينا وذكرنا من الحاجة والإجماع"(4). الإمام العيني ت 855 هـ، فقال:" (وأما الكفالة فجائزة). . . وهذا لا خلاف فيه إذا كان المال معلومًا"(5).
الإمام كمال الدين ابن الهمام ت 861 هـ، فقال:"ودليل وقوع شرعيتها قوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وقوله صلى الله عليه وسلم: (الزعيم غارم) (6). . .، والإجماع"(7).
• الموافقون على الإجماع: وافق على نفي الخلاف والإجماع على جواز الكفالة بالمال والنفس: الحنفية (8)،
(1) تحفة الفقهاء: (3/ 240).
(2)
بدائع الصنائع: (6/ 9).
(3)
بداية المجتهد: (2/ 295).
(4)
الاختيار لتعليل المختار: (2/ 179).
(5)
البناية شرح الهداية: 8/ 436.
(6)
تخريجه (ص 157).
(7)
شرح فتح القدير: (7/ 163).
(8)
تحفة الفقهاء: (3/ 244)، وفيه:"وتصح الكفالة بالمال"، وبداية المبتدي:(1/ 145) وفيه: "الكفالة هي الضم لغة الكفالة ضربان كفالة بالنفس وكفالة بالمال فالكفالة بالنفس جائزة".
والمالكية (1)، والشافعية في القديم، وبعض أصحابه (2)، والحنابلة (3)، وشريح، والثوري، والليث (4).
• مستند الإجماع والاتفاق ونفي الخلاف: قوله تعالى (5): {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [يوسف: 66].
2 -
قوله تعالى (6): {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72].
3 -
قوله صلى الله عليه وسلم (7): "الزعيم غارم"(8).
4 -
لأن الأصيل ضامن للمال، ومقدور على استيفاءه من الكفيل، فصحت الكفالة (9).
5 -
ولأن كل ما وجب أن يسلم بالعقد؛ وجب تسليمه بعقد الكفالة كالمال (10).
(1) التاج والإكليل: (5/ 98)، وفيه:"كل ما يلزم الذمة فالكفالة به جائزة وأما الحدود والأدب والتعازير فلا تجوز الكفالة فيه".
(2)
الحاوي في فقه الشافعي: (6/ 462)، وفيه:"ضعف الشافعي كفالة الوجه في موضع وأجازها في موضع آخر إلا في الحدود. . . اختلف أصحابنا في مذهب الشافعي رحمه الله لاختلاف ما حكينا عنه فكان أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة وأبو حامد المروزي يقولون الكفالة فى الحدود باطلة وفي الأموال على قولين".
(3)
الكافي: (2/ 133)، وفيه:"تصح الكفالة ببدن كل من يلزمه الحضور في مجلس الحاكم بحق يصح. . . ولا تصح بمن عليه حد أو قصاص. . . ولا تصح بالمكاتب. . . وتصح الكفالة بالأعيان المضمونة كالغصوب والعواري" والشرح الكبير: (5/ 98).
(4)
الشرح الكبير: (5/ 98).
(5)
انظر الاستدلال بهذه الآية: السابق.
(6)
انظر الاستدلال بهذه الآية: شرح فتح القدير: (7/ 163).
(7)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: الاختيار: (2/ 178)، وشرح فتح القدير:(7/ 163).
(8)
سبق تخريجه.
(9)
انظر: بدائع الصنائع: (6/ 9).
(10)
الشرح الكبير لابن قدامة: (5/ 98).