الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول السادس: يكره بيعه، إلا إذا أعتقه الذي ابتاعه، فإنه يجوز حينئذ. قال به الليث بن سعد (1)(2).
واستدل هؤلاء: بالقياس على بيع الفضولي: فإذا أعتقه المشتري تبين أن البيع صحيح وإلا فلا، فإنه لو بطل البيع من الأول لما صح العتق؛ لأنه لا يكون إلا في ملك، ولو صح من الأول لم ينقلب باطلا بكون المشتري لم يعتقه (3).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
25] تحريم بيع العين المتنجسة التي لا تقبل التطهير:
• المراد بالمسألة: العين المائعة، غير الدهن، وهي طاهرة في ذاتها، ثم لاقتها النجاسة، ولا يمكن تطهيرها: كالخل واللبن والدبس والعسل والمرق ونحوها، لا يجوز بيعها، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• النووي (676 هـ) يقول: [إذا كانت العين الطاهرة المتنجسة بملاقاة النجاسة مائعة، فينظر: إن كانت لا يمكن تطهيرها: كالخل واللبن والدبس والعسل والمرق ونحو ذلك، لم يجز بيعها بلا خلاف. . .، ونقلوا فيه إجماع المسلمين](4).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والحنابلة في المشهور عنهم (5).
= المنع مطلقا؛ لأن بيعه من نفسه ليس بيعا وإنما هو عتق]. وعلى هذا فلا يعد الاختلاف الذي جاء عن الأوزاعي وابن سيرين أقوالا أخرى لهم.
(1)
الليث بن سعد بن عبد الرحمن أبو الحارث الفهري، الإمام الحافظ، عالم الديار المصرية، ولد عام (94 هـ) قال ابن وهب:[لولا مالك والليث لضل الناس] وقال أحمد: [ليس في المصريين أصح حديثا من الليث] وقال الشافعي: [الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به]. توفي عام (175 هـ). "حلية الأولياء"(7/ 318)، "سير أعلام النبلاء"(8/ 136).
(2)
"معالم السنن"(5/ 415)، "الاستذكار"(7/ 448).
(3)
"طرح التثريب"(6/ 212).
(4)
"المجموع"(9/ 281).
(5)
"الإتقان والإحكام"(1/ 278 - 279)، "شرح مختصر خليل" للخرشي (5/ 15)، "الشرح =
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن ميمونة (1) رضي الله عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تموت في السمن؟ فقال: "إن كان جامدا فألقوها وما حولها وكلوه، وإن كان ذائبا فلا تقربوه"(2).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعدم قربان الذائب الذي وقعت عليه النجاسة، ولو جاز بيعه والانتفاع به لما أمر بذلك، الذي يعد إضاعة للمال.
الثاني: أنه نجس لا يمكن تطهيره من النجاسة، فلم يجز بيعه، كالأعيان النجسة (3).
• المخالفون للإجماع:
اختلف العلماء في المسألة على قولين:
القول الأول: جواز بيع المائعات المتنجسة. قال به: الحنفية والحنابلة في رواية اختارها ابن تيمية، وقال به الزهري والبخاري (4) وابن حزم من
= الكبير" للدردير (3/ 10)، "المغني" (13/ 349)، "شرح الزركشي" (3/ 272)، "الإنصاف" (4/ 280 - 282).
(1)
ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية أم المؤمنين، كان اسمها برة فسماها النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة، وكانت عند أبي رهم بن عبد العزيز فتأيمت، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة عام سبع، لما اعتمر عمرة القضية، وهي آخر امرأة تزوجها ممن دخل بها. توفيت عام (51 هـ). "الاستيعاب"(4/ 1914)، "أسد الغابة"(7/ 262)، "الإصابة"(8/ 128).
(2)
أخرجه بهذا اللفظ: أبو داود (3838)، (4/ 313)، والنسائي في "المجتبى"(4260)، (7/ 178)، وابن حبان في "صحيحه"(1392)، (4/ 234). قال الترمذي في "جامعه" (4/ 226):[وهو حديث غير محفوظ] ثم نقل عن البخاري أن هذا خطأ أخطأ فيه معمر. وخَطَّأَ معمرا أيضًا أبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني. ينظر: "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 9)، "التلخيص الحبير"(3/ 4). وأصل الحديث في البخاري لكن من دون هذا التفصيل بين الجامد والمائع. البخاري، كتاب الوضوء، باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء (235)، (ص 68).
(3)
"المهذب"(9/ 280).
(4)
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجعفي أبو عبد اللَّه، ولد عام (194 هـ) أمير المؤمنين في الحديث، شهرته طبقت الآفاق، ألف كتابه "الجامع الصحيح"، فأصبح أصح كتاب بعد كتاب اللَّه، له أيضًا:"القراءة خلف الإمام"، "التاريخ الكبير". توفي =
الظاهرية (1).
واستدلوا بما يلي:
الأول: عن ميمونة رضي الله عنها أن فأرة وقعت في سمن فماتت، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عنها؟ فقال:"ألقوها وما حولها، وكلوه"(2).
• وجه الدلالة: أن سائر المائعات تأخذ حكم السمن، فإذا جاز أكلها، جاز بيعها من باب أولى (3).
الثاني: القياس على الثوب المتنجس، فكما أنه يجوز بيعه بإجماع، فكذلك هنا (4).
القول الثاني: جواز بيع المائعات لكافر يعلم نجاستها دون المسلم. وهذا القول رواية عند الحنابلة (5).
ودليلهم: أن الكفار يعتقدون حله، ويستبيحون أكله، فلا يمنعون من بيعه (6).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
= عام (256 هـ). "تاريخ بغداد"(2/ 4)، "سير أعلام النبلاء"(12/ 391).
(1)
"بدائع الصنائع"(1/ 66)، "البحر الرائق"(6/ 88)، "مجمع الأنهر"(2/ 59)، "مجموع الفتاوى"(21/ 524)، "فتح الباري"(9/ 668 - 670)، "عمدة القاري"(21/ 138 - 139)، "المحلى"(7/ 515).
تنبيهات:
الأول: الحنفية: يرون بأنه لا بد من تبيين ذلك للمشتري.
الثاني: الحنابلة: ذكروا بأنه لا بد أن تلقى النجاسة وما حولها.
الثالث: الحنابلة أيضًا ذكروا الخلاف في الأدهان المتنجسة، وأن فيه ثلاث روايات، ولم يذكروا سائر المائعات، فدل على أنها تأخذ حكمها، وقد أشار إلى هذا ابن تيمية.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
ينظر: "مجموع الفتاوى"(21/ 524)، "عمدة القاري"(21/ 138).
(4)
ينظر: المراجع السابقة.
(5)
"زاد المعاد"(5/ 759). مع كتب الحنابلة السابقة.
(6)
"المغني"(13/ 349).