الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية، والحنابلة (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن السلم بالخبز عددا لا ينضبط، فالتفاوت فاحش بين خبز وخبز، في الخَبْز والخِفة والثقل، وهذا من شأنه أن يوقع في الجهالة المفضية إلى المنازعة (2)
الثاني: القياس على السلم في الثوم والبصل ونحوها، فلا يجوز السلم فيها عددا، فكذلك الخبز، بجامع عدم الانضباط في كل منهما بالعدد.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
8] جواز رد أجود أو أردأ من المُسلم فيه عند حلول الأجل:
• المراد بالمسألة: إذا حل الأجل، وحان موعد تسليم المسلم فيه، فإن أعطاه أجود مما وصف له، أو أردأ مما اتفقا عليه، وكان من جنسه ونوعه، ولم يختلف قدره، وحصل التراضي بينهما، فإن هذا جائز، باتفاق العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن عبد البر (463 هـ) لما ذكر قول الإمام مالك وهو: [من سلَّف في حنطة شاميَّة، فلا بأس أن يأخذ محمولة (3) بعد محل الأجل. . .، وكذلك من سلف في
(1)"الكافي" لابن عبد البر (ص 338)، "الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي"(3/ 217)، "منح الجليل"(5/ 361 - 362)، "الأم"(3/ 100)، "أسنى المطالب"(2/ 134)، "كفاية الأخيار"(ص 249)، "المغني"(6/ 387)، "التحقيق في أحاديث الخلاف"(2/ 196)، "مطالب أولي النهى"(3/ 212).
تنبيهان:
الأول: المالكية يرون أنه لا يجوز السلم في شيء عددا حتى يضبط بالصفة، ويرون أن من شروط المسلم فيه أن يضبط بما جرت العادة بضبطه به في بلد السلم، والخبز جرت العادة بضبطه وزنا لا عددا.
الثاني: الشافعية يرى أكثرهم عدم جواز السلم في الخبز، ويرى الشافعي أن المأكول لا يصلح أن يسلم فيه عددا، فيدخل فيه الخبز.
(2)
ينظر: "المبسوط"(14/ 31)، "بدائع الصنائع"(5/ 211).
(3)
المحمولة: نوع من الحنطة بيضاء تكون بمصر، كأنها حب القطن، ليس في الحنطة أكبر =
صنف من الأصناف، فلا بأس أن يأخذ خيرا مما سلف فيه أو أدنى بعد محل الأجل، وتفسير ذلك: أن يسلف الرجل في حنطة محمولة، فلا بأس أن يأخذ شعيرا (1) أو شامية، وإن سلف في تمر عجوة، فلا بأس أن يأخذ صيحانيا أو جمعا، وإن سلف في زبيب أحمر، فلا بأس أن يأخذ أسود، إذا كان ذلك كله بعد محِل الأجل، إذا كانت مكيلة ذلك سواء بمثل كيل ما سلف فيه] (2) قال أبو عمر بعده:[هذا كله لا خلاف فيه، إلا في قبض الشعير من القمح عند محل الأجل أو بعده، فإن ذلك لا يجوز عند كل من يجعل الشعير صنفا غير القمح. والقمح كله عند الجميع صنف واحد، كما الشعير صنف واحد، وكما الزبيب أحمره وأسوده صنف واحد، وكذلك التمر وضروبه، والسلت عندهم صنف واحد، والذرة صنف، والدخن صنف وما أشبه ذلك كله، فإذا سلف في صنفه من ذلك الصنف، وأخذ عند محل الأجل أو بعده أرفع من صفته، فذلك إحسان من المعطي، وإن أخذ أدون، فهو تجاوز من الآخذ](3). نقله عنه ابن القطان (4).
• البغوي (516 هـ) يقول: [فإن تبرع المسلَم إليه بأجود مما وصف، أو رضي المسلِم بالأردء، والنوع واحد، فجائز بالاتفاق](5).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والحنابلة في رواية عندهم (6).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، أهمها:
= منها حبا، ولا أضخم سنبلا، وهي كثيرة الريع، ويقابلها الشامية، وهي التي تسمى السمراء. ينظر:"المحكم والمحيط الأعظم"(3/ 371).
(1)
وذكره للشعير هنا بناء على القول بأن الحنطة والشعير تعتبر جنسا واحدا. وهي رواية عند الحنابلة. ينظر: "الإنصاف"(5/ 95).
(2)
"الموطأ"(2/ 644).
(3)
"الاستذكار"(6/ 389).
(4)
"الإقناع" لابن القطان (4/ 1818)، وقد مزج فيه عبارة الإمام مالك مع عبارة ابن عبد البر.
(5)
"شرح السنة"(8/ 176).
(6)
"بدائع الصنائع"(5/ 203)، "فتح القدير"(7/ 101)، "البحر الرائق"(6/ 180)، "المغني"(6/ 421 - 422)، "الكافي" لابن قدامة (2/ 117)، "الإنصاف"(5/ 94 - 95).
الأول: أنه إذا أعطى من جنس المسلم فيه، وكان أردأ مما اتفقا عليه، فقد قبض جنس حقه، وإنما اختلف الوصف، واختلاف الوصف غير مؤثر فيه، إذا تراضيا عليه.
الثاني: أنه إذا أعطى من جنس المسلم فيه، وكان أجود مما اتفقا عليه، فإنه يكون قد قضى حقه، وأحسن في القضاء، وفي الحديث:"خياركم أحسنكم قضاء"(1)(2).
الثالث: أنه إذا أعطاه أجود مما اتفقا عليه، يكون قد أتاه بما تناوله العقد، وزيادة تابعة له، تنفعه ولا تضره (3).
الرابع: أن هذا من باب المبادلة، وليس من باب المبايعة، فيغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره (4).
• المخالفون للإجماع:
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: إذا أعطاه غير النوع المتفق عليه، فإنه لا يجوز له أن يأخذه. وهذا هو المشهور عند الشافعية، وهو رواية عند الحنابلة (5).
واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:
الأول: أنه أعطاه غير النوع المتفق عليه، وهذا يشبه الاعتياض عن المسلم فيه، والاعتياض عنه ممنوع، فكذلك ما يشبهه (6).
الثاني: أن العقد تناول ما وصفاه على الصفة التي شرطاها، وقد فاتت بعض الصفات، فإن النوع صفة، فأشبه ما لو فات غير النوع، كالجنس من الصفات،
(1) أخرجه البخاري (2393)، (ص 448)، ومسلم (1601)، (3/ 992).
(2)
ينظر في الدليلين الأولين: "بدائع الصنائع"(5/ 203).
(3)
"المغني"(6/ 421).
(4)
"المنتقى"(4/ 303).
(5)
"شرح جلال الدين المحلي على المنهاج"(2/ 318)، "مغني المحتاج"(3/ 26)، "الإنصاف"(5/ 94 - 95).
تنبيه: هذا القول يخالف ما حكاه ابن عبد البر من نفي الخلاف، دون ما حكاه البغوي.
(6)
ينظر: "شرح جلال الدين المحلي على المنهاج"(2/ 318)، "مغني المحتاج"(3/ 26).