الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر حكم البيِّعين عند الاختلاف، ومفهوم اللفظ أنه عند التراضي فالأمر لهما.
الثاني: القياس على ابتداء العقد بينهما: فكما أنه قائم على التراضي بينهما، فكذلك إنهاء العقد بينهما إذا تراضيا عليه؛ لأن الأمر إليهما لا يعدوهما.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
63] فسخ البيع الفاسد ورده:
• المراد بالمسألة: البيع الباطل والفاسد عند جمهور العلماء بمعنى واحد، وهو: خطاب اللَّه تعالى المتعلق بوصف العقد بمخالفة الشرع (1): إما بفوات ركن، أو اختلال شرط، أو وجود مانع.
أما عند الحنفية فهم يفرقون بين الباطل والفاسد، ويقولون بأن الباطل: ما كان ممنوعا بأصله ووصفه. أما الفاسد: فما كان مشروعا بأصله ممنوعا بوصفه (2).
والمقصود هنا: أن العقد إذا وقع فاسدًا أو باطلًا، فإنه محرم، وإذا بقي على حاله، من غير تغير بزيادة أو نقصان ونحوها، فإنه يجب فسخه، ورد الثمن إلى البائع، ورد المثمن إلى المشتري، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• الباجي (474 هـ) يقول: [من ابتاع شيئا من الحيوان، أو العروض، ابتياعا غير جائز -أي: فاسدا- فيرد لأجل فساده، فإن المبتاع يرد على البائع، وهذا يقتضي رد البيع الفاسد، ولا خلاف في ذلك](3).
• ابن رشد الحفيد (595 هـ) يقول: [اتفق العلماء على أن البيوع الفاسدة إذا وقعت، ولم تفت بإحداث عقد فيها، أو نماء، أو نقصان، أو حوالة سوق، أن حكمها الرد، أعني: أن يرد البائع الثمن، والمشتري المثمون](4).
(1)"الصحة والفساد عند الأصوليين"(ص 324) بتصرف.
(2)
"كشف الأسرار"(1/ 259)، "التقرير والتحبير"(2/ 155)، وينظر:"البحر المحيط"(2/ 25 - 26).
(3)
"المنتقى"(6/ 190).
(4)
"بداية المجتهد"(2/ 145).
• ابن تيمية (728 هـ) يقول: [وقول القائل: إنه شرعي -أي: البيع المنهي عنه- إن أراد أنه يسمى بما أسماه به الشارع، فهذا صحيح. وإن أراد أن اللَّه أذن فيه، فهذا خلاف النص والإجماع. وإن أراد أنه رتب عليه حكمه، وجعله يحصل المقصود، ويلزم الناس حكمه كما في المباح، فهذا باطل بالإجماع](1).
• ابن جزي (741 هـ) يقول: [إذا وقع البيع الفاسد، فسخ، ورد البائع الثمن، ورد المشتري السلعة إن كانت قائمة، باتفاق](2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قوله تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} (4).
• وجه الدلالة: الخبيث: لفظ عام يشمل الخبث في جميع الأمور، ومنه: المحرم من العقود. بيَّن -سبحانه- أنه لا يساوى بالطيب أبدا، بل صاحبه لا يفلح، ولا تحسن عاقبته بسبب مقارفته للمحرم، ثم أمر اللَّه بأن نتقيه في اجتناب الحرام والبعد عنه، وارتكاب الطيب والانتفاع به، فيدخل في ذلك البيع الفاسد (5).
الثاني: عن عائشة رضي الله عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"(6).
(1)"مجموع الفتاوى"(33/ 27)، "الفتاوى الكبرى"(3/ 291 - 292).
(2)
"القوانين الفقهية"(ص 172).
(3)
"بدائع الصنائع"(5/ 299 - 300)، "البحر الرائق"(6/ 74 - 75)، "رد المحتار"(5/ 49 - 50)، "مختصر المزني"(8/ 185)، "الغرر البهية"(2/ 435)، "فتاوى الرملي"(2/ 119)، "مغني المحتاج"(2/ 378)، "المحلى"(7/ 332 - 333).
(4)
المائدة: الآية (100).
(5)
"الجامع لأحكام القرآن"(6/ 327 - 328).
(6)
أخرجه البخاري (2697)(ص 514)، ومسلم (1718)(3/ 1082).