الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (1).
• وجه الدلالة: أن جعل الميتة والدم ثمنا في البيع، يعد من أكل أموال الناس بالباطل؛ لأنها نجسة، ولا يحصل بها منفعة للمسلم، أو تحصل منفعة يسيرة، فتكون كأنها غير منتفع بها أصلا (2).
الثاني: القياس على تحريم بيع الميتة والدم: فكما أن بيع الميتة والدم محرم -وهو أمر مجمع عليه بين العلماء- فكذلك جعلها ثمنا، بل هو من باب أولى.
الثالث: أن ركن البيع الذي هو المالية منعدم في هذا العقد، فإن الميتة والدم لا تعدان مالا عند أحد ممن له دين سماوي (3).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
35] تحريم بيع ما ليس عند العاقد:
• المراد بالمسألة: المشتري إذا أراد سلعة، ولم تكن عند البائع، وأراد البائع أن يبيعه سلعة معينة، غير موصوفة في الذمة، ليست له، ولم يملكها بعدُ، والغالب عدم وجودها عنده، فإنه لا يجوز له هذا البيع بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• الجصاص (370 هـ) يقول عند تفسير قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (4): [ولا خلاف بين أهل العلم أن هذه الآية وإن كان مخرجها مخرج العموم فقد أريد به الخصوص؛ لأنهم متفقون على حظر كثير من البياعات، نحو: بيع ما لم يقبض، وبيع ما ليس عند الإنسان، وبيع الغرر والمجاهيل، وعقد البيع على المحرمات من الأشياء](5).
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [واتفقوا على أنه لا يجوز بيع ما ليس عنده، وهو
(1) النساء: الآية (29).
(2)
ينظر: "مواهب الجليل"(4/ 259).
(3)
ينظر: "الهداية مع فتح القدير"(6/ 403).
(4)
البقرة: الآية (275).
(5)
"أحكام القرآن"(1/ 640).
أن يبيعه شيئا ليس عنده، ولا في ملكه، ثم يمضي فيشتريه له] (1). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (2).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [ولا يجوز أن يبيع عينا لا يملكها، ليمضي ويشتريها ويسلمها. . .، ولا نعلم فيه مخالفا](3).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [(ولا يجوز بيع ما لا يملكه ليمضي ويشتريه ويسلمه) رواية واحدة، وهو قول الشافعي، ولا نعلم فيه مخالفا](4).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (5).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن حكيم بن حزام (6) رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول اللَّه، يأتيني الرجل يسألني بيع ما ليس عندي أبيعه منه، ثم ابتاعه له من السوق؟ فقال:"لا تبع ما ليس عندك"(7).
(1)"الإفصاح"(1/ 302).
(2)
"حاشية الروض المربع"(4/ 340).
(3)
"المغني"(6/ 296).
(4)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (11/ 60).
(5)
"المدونة"(3/ 87)، "الفواكه الدواني"(2/ 101 - 102)، "كفاية الطالب الرباني"(2/ 182)، "الأم"(3/ 94)، "الوسيط"(3/ 70)، "أسنى المطالب"(2/ 30)، "المحلى"(8/ 39).
(6)
حكيم بن حزام بن خويلد الأسدي أبو خالد، ولد قبل الفيل بثلاث عشرة سنة، حكي أنه ولد في الكعبة، وكان صديق النبي صلى الله عليه وسلم قبل المبعث ويوده ويحبه بعد البعثة، أسلم عام الفتح، جاء الإسلام وفي يده الرفادة، وكانت دار الندوة بيده فباعها من معاوية. مات عام (50 هـ) وكان ممن عاش (120) سنة. "أسد الغابة"(2/ 58)، "الاستيعاب"(1/ 362)، "الإصابة"(2/ 112).
(7)
أخرجه أبو داود (3497)، (4/ 181)، والترمذي (1232)، (3/ 534)، والنسائي في "المجتبى"(4613)، (7/ 288)، وابن ماجه (2187)، (3/ 540)، وقال الترمذي:[حديث حسن]، والذي ذكره عنه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (3/ 5) أنه قال:[حسن صحيح]. وصححه ابن حزم في "المحلى"(7/ 474).