الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متعلق بالموروث، وما كان كذلك فإنه يدخل في الميراث، فيرثه الورثة (1).
الثاني: القياس على خيار الرد بالعيب؛ فكما أنه يورث فكذلك الخيار المتعلق بفوات الوصف، بجامع أن كلا منهما ثبت لدفع الضرر عن المال (2).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
61] تحالف وترادُّ المتبايعين المختلفين في الثمن:
• المراد بالمسألة: إذا تبايع المتعاقدان السلعة، ثم اختلفا في قدر الثمن، قال البائع: بعتك بألف ريال، وقال المشتري: بل بعتني بسبعمائة ريال، وكانت السلعة قائمة كما هي لم تتغير بزيادة ولا نقصان، ولم تتعرض لتلف، ولم يكن لأحدهما بيّنة على الآخر، فإنه حينئذ يحلف البائع: واللَّه ما بعتك بكذا ولكن بكذا، ويحلف المشتري: واللَّه ما بعتني بكذا ولكن بكذا، فإذا تحالفا ولم يقع النكول من أحدهما، فإنه يتم الفسخ بعد هذا، باتفاق العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [واتفقوا على أنه إذا اختلف المتبايعان في الثمن، والسلعة قائمة، أنهما يتحالفان ويترادَّان](3). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (4).
• ابن رشد الحفيد (595 هـ) يقول: [وإذا اتفق المتبايعان على البيع، واختلفا في مقدار الثمن، ولم تكن هناك بيِّنة، ففقهاء الأمصار متفقون على أنهما يتحالفان، ويتفاسخان بالجملة](5).
• أبو عبد اللَّه الدمشقي (كان حيا: 780 هـ) يقول: [إذا حصل الاختلاف بين المتبايعين في قدر الثمن، ولا بيِّنة، تحالفا بالاتفاق](6).
• الأسيوطي (880 هـ) يقول: [وإذا حصل الاختلاف بين المتبايعين في قدر الثمن، ولا بيِّنة، تحالفا بالاتفاق](7).
(1) ينظر: "فتح القدير"(6/ 332)، "الفروق" للقرافي (3/ 284 - 285).
(2)
ينظر: "المغني"(7/ 510).
(3)
"الإفصاح"(1/ 294).
(4)
"حاشية الروض المربع"(4/ 466).
(5)
"بداية المجتهد"(2/ 144).
(6)
"رحمة الأمة"(ص 184).
(7)
"جواهر العقود"(1/ 62).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: ما جاء أن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه باع من الأشعث بن قيس (2) رقيقا من رقيق الإمارة، فاختلفا في الثمن، فقال ابن مسعود: بعتك بعشرين ألفا، وقال الأشعث بن قيس: إنما اشتريت منك بعشرة آلاف، فقال عبد اللَّه: إن شئت حدثتك بحديث سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: هاته، قال: فإني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة، والبيع قائم بعينه، فالقول ما قال البائع، أو يترادان البيع" قال: فإني أرى أن أرد البيع، فردَّه (3).
(1)"المبسوط"(13/ 29 - 30)، "بدائع الصنائع"(6/ 259)، "لسان الحكام"(ص 237).
(2)
الأشعث بن قيس بن معد يكرب بن معاوية بن جبلة أبو محمد الكندي، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر في سبعين راكبا من كندة، وكان من ملوكهم، كان اسمه معد يكرب، وكان أبدا أشعث الرأس فسمي بذلك، ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأسر وأحضر إلى أبي بكر، فأسلم وأطلقه، وزوجه أخته، شهد اليرموك والقادسية، وسكن الكوفة شهد مع علي صفين، ومات بعد مقتل علي بأربعين ليلة. "الاستيعاب"(1/ 133)، "أسد الغابة"(1/ 249)، "الإصابة"(1/ 88).
(3)
أخرجه أحمد في "مسنده"(4445)، (7/ 445)، وابن ماجه (2186)، (3/ 538) واللفظ له، والبيهقي في "الكبرى"(10595)، (5/ 333). وفيه علتان: الأولى: الانقطاع بين القاسم وابن مسعود، وقد روي موصولا لكن رجح الطريق المنقطع الترمذي والدارقطني والبيهقي. ينظر: سنن الترمذي (3/ 570)، "العلل" للدارقطني (5/ 205). الثانية: ضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال البيهقي: [وهو وإن كان في الفقه كبيرًا، فهو ضعيف في الرواية؛ لسوء حفظه، وكثرة أخطائه في الأسانيد والمتون، ومخالفته الحفاظ فيها]. وقد جاء الحديث من طرق عدة وألفاظ مختلفة لكن قال ابن عبد البر: [وهذا حديث محفوظ عن ابن مسعود كما قال مالك، وهو عند جماعة العلماء أصل تلقوه بالقبول وبنوا عليه كثيرا من فروعه، وقد اشتهر عندهم بالحجاز والعراق شهرة يستغنى بها عن الإسناد]. "التمهيد"(24/ 290). وقال ابن عبد الهادي: [قال أئمة التعديل: والذي يظهر أن حديث ابن مسعود في هذا الباب حسن بمجموع طرقه، وله أصل، قالوا: حديث حسن يحتج به، لكن في لفظه اختلاف كما ترى]. "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق"(2/ 561).
الثاني: أن البائع لم يُقرَّ بخروج السلعة عن ملكه إلا بصفة لا يُصَدِّقه عليها المبتاع، وكذلك المشتري لم يقر بانتقال الملك إليه إلا بصفة لا يُصَدقه عليها البائع، والأصل أن السلعة للبائع، فلا تخرج عن ملكه إلا بيقين من إقرار أو بينة، وإقراره منوط بصفة لا سبيل إلى دفعها؛ لعدم بينة المشتري بدعواه، فيتحالفان ويترادان (1).
الثالث: أما الوجه في التحالف فهو: أن كل واحد منهما مدعى عليه، فيجب على كل واحد منهما اليمين لنفي ما ادعي عليه، وهذا مفهوم من قوله صلى الله عليه وسلم:"اليمين على المدعى عليه"(2)(3).
• المخالفون للإجماع:
اختلف العلماء في هذه المسألة على عدة أقوال، هي:
القول الأول: أن القول قول البائع. قال به ابن مسعود (4)، والشعبي (5)، وابن سريج من الشافعية (6)، ورواية عن الإمام أحمد مال إليها الزركشي من الحنابلة، وزاد أبو داود فيها:"أو يترادان"(7). وهذه الرواية عند الحنابلة نصوا فيها على أن القول قوله مع يمينه (8). واختار هذا القول الصنعاني (9).
واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:
(1)"التمهيد"(24/ 296 - 297) بتصرف يسير.
(2)
أخرجه البخاري (4552)، (ص 861)، ومسلم (1711)، (3/ 1078).
(3)
"سبل السلام"(2/ 6)، "أسنى المطالب"(2/ 114).
(4)
أخرجه عنه: عبد الرزاق في "مصنفه"(8/ 271)، ومن طريقه ابن حزم في "المحلى"(7/ 256).
(5)
أخرجه عنه: ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 100).
(6)
"جواهر العقود"(1/ 62).
(7)
"مسائل الإمام أحمد رواية الكوسج"(3/ 96)، "شرح الزركشي"(2/ 78 - 79)، "الإنصاف"(4/ 446)، "المبدع"(4/ 110).
(8)
نسب ابن حزم القول إلى الإمام أحمد أن القول قول البائع من دون يمينه. وهذا خلاف ما هو منصوص عليه في كتب المذهب. "المحلى"(7/ 256).
(9)
"سبل السلام"(2/ 6).
الأول: ما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا اختلف المتبايعان، وليس بينهما بينة، فالقول ما يقول رب السلعة، أو يترادان"(1).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الأمر عند النزاع إلى صاحب السلعة وهو البائع.
الثاني: أن السلعة كانت للبائع، والمشتري يدعي نقلها بعوض، والبائع ينكره إلا بالعوض الذي عينه، فالقول قول المنكر (2).
أما دليل اليمين: فلأن من القواعد المقررة شرعا، أن من كان القول قوله، فعليه اليمين (3).
القول الثاني: أن القول قول المشتري. قال به: أبو ثور وداود الظاهري، وهو رواية عند الحنابلة (4).
واستدل هؤلاء بدليل عقلي، وهو:
أنهما متفقان على حصول الملك للمشتري، لكن البائع يدعي عليه عوضا، والمشتري ينكر بعضه، فيكون القول قول المنكر، وهو المشتري (5).
القول الثالث: إن كان الاختلاف في الثمن قبل القبض تحالفا، وإن كان بعده فالقول قول المشتري. وهذا رواية عن الإمام مالك (6)، ورواية عند الحنابلة أيضا (7).
وهؤلاء يستدلون بما كان قبل القبض: بالأدلة التي في مستند الإجماع. وأما ما
(1) سبق تخريجه.
(2)
"شرح الزركشي"(2/ 79).
(3)
"سبل السلام"(2/ 6).
(4)
"التمهيد"(24/ 295)، "الاستذكار"(6/ 482)، "المحلى"(7/ 257)، "المبدع"(4/ 110)، "الإنصاف"(4/ 446).
(5)
"المبدع"(4/ 110)، "الاستذكار"(6/ 482) بتصرف.
(6)
"التمهيد"(24/ 294)، "تبصرة الحكام"(1/ 374 - 375)، حكى هذه الرواية عن الإمام مالك ابن وهب، وذكر سحنون بان هذه الرواية هي قول الإمام الأول، وأن قوله الآخر هو القول الذي وافق فيه الجمهور.
(7)
"شرح الزركشي"(2/ 79)، "الإنصاف"(4/ 446). حكى هذه الرواية أبو الخطاب في "انتصاره".