الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: الشافعية في الأصح عندهم في بيع الصبرة دون غيرها، وقالوا بأن بيع الصبرة مع جهل المتعاقدين صحيح، لكنه مكروه (1).
ودليلهم على هذا: أن بيع الصبرة على هذه الصفة مجهول القدر على الحقيقة، ومثل هذه الجهالة ربما تفضي إلى المنازعة والمخاصمة (2).
النتيجة:
صحة الإجماع على جواز بيع الجزاف؛ وذلك لعدم المخالف فيها. أما حكم بيع الصبرة جزافا فقد وقع الخلاف بين الجمهور والشافعية بين الإباحة والكراهة كما تبين.
77] بطلان بيع المعلوم والمجهول صفقة واحدة:
• المراد بالمسألة: إذا جمع في صفقة واحدة بين مبيع معلوم ومجهول يتعذر معرفة قيمته مطلقا، كأن يقول: بعتك هذه الدابة وما في بطن هذه الدابة الأخرى، ويسمي ثمنا واحدا لهما جميعا، فإن العقد باطل فيهما بكل حال، بلا خلاف بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [أن يبيع معلوما ومجهولا، كقول: بعتك هذه الفرس، وما في بطن هذه الفرس الأخرى بألف. فهذا البيع باطل بكل حال، ولا أعلم في بطلانه خلافا](3). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (4).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [أن يبيع معلوما ومجهولا، كقولك: بعتك هذه الفرس، وما في بطن هذه الفرس الأخرى بكذا. فهذا بيع
(1) المهذب (9/ 375 - 376)، "روضة الطالبين"(3/ 367)، "مغني المحتاج"(2/ 356).
(2)
ينظر: المهذب (9/ 375).
(3)
"المغني"(6/ 335).
(4)
"حاشية الروض المربع"(4/ 366). وقد قال بعد أن نقل كلام ابن قدامة ثم ذكر التعليل: [وقيل: يصح في المعلوم، صوبه في "تصحيح الفروع"] والتصويب في "تصحيح الفروع"(4/ 34) إنما هو فيما إذا فصل ثمن كل منهما، أما إذا كان الثمن واحدا فلم يحك فيها خلافا، فلعله سبق نظر منه.
باطل بكل حال، ولا أعلم في بطلانه خلافا] (1).
• برهان الدين ابن مفلح (884 هـ) يقول: [باع معلوما ومجهولا يتعذر علمه، فلا يصح بغير خلاف نعلمه](2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية على المشهور عندهم، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن المجهول لا يصح بيعه لجهالته، والمعلوم مجهول الثمن، ولا سبيل إلى معرفته؛ لأن معرفته إنما تكون بتقسيط الثمن عليهما، والمجهول لا يمكن تقويمه فيتعذر التقسيط، فالجهالة لحقت العقد بأكمله (4).
الثاني: أن العقد وقع التراضي فيه بين الطرفين على المعلوم والمجهول جميعا، ولا يمكن فصلهما عن بعضهما؛ لوجود الجهالة في الثمن، الذي يختل به شرط من شروط العقد، وإذا أُجيز العقد كانت الصفقة صحيحة فاسدة في وقت
(1)"الشرح الكبير" لابن قدامة (11/ 151).
(2)
"المبدع"(4/ 38).
(3)
"بدائع الصنائع"(5/ 145 - 146)، "درر الحكام شرح مجلة الأحكام"(1/ 185)، "عقد الجواهر الثمينة"(2/ 439)، "التاج والإكليل"(6/ 85)، "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير"(3/ 15)، "المجموع"(9/ 476 - 477)، "روضة الطالبين"(3/ 426)، "أسنى المطالب"(2/ 44)، "المحلى"(7/ 503).
تنبيهات:
الأول: الحنفية يقولون بأنه إذا جمع في الصفقة بين ما هو مال وما ليس بمال، ولم يبين حصة كل واحد منهما لم ينعقد العقد بإجماع، فيدخل فيما ليس بمال ما كان مجهولا.
الثاني: المالكية يقولون: إذا اشتملت الصفقة على حلال وحرام فالصفقة كلها باطلة، إذا كانا أو أحدهما عالما بحرمة الحرام، ومن الحرام بيع المجهول.
الثالث: ابن حزم لم ينص على المسألة وإنما أبطل الصفقة مطلقا إذا جمعت بين الحلال والحرام.
(4)
"المغني"(6/ 335).