الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما قولي الحنابلة: فلم يذكرهما سوى صاحب "الرعايتين"، وكتاباه لا يعتمد عليهما في نقل المذهب إذا تفرد عن غيره؛ لأنهما غير محررين (1)، ثم إن العلماء الذين يعتمد عليهم في نقل المذهب قد نصوا على أن في المسألة رواية واحدة فقط (2)، وعليه فلا يعتد بما ذكر من القولين.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لشذوذ الأقوال المخالفة فيها.
45] مشروعية الشركة والتولية في البيع:
• المراد بالمسألة: الشركة في اللغة: أصل الكلمة يدل على مقارنة، وخلاف انفراد، ومنه الشركة وهو: أن يكون الشيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما (3).
• وفي الاصطلاح: أن يشتري شيئا، ثم يشرك غيره فيه؛ ليصير بعده له بقسطه من الثمن (4).
التولية في اللغة: أصل الكلمة يدل على القرب (5)، يقال: وليته تَوْلية جعلته واليا (6).
• وفي الاصطلاح: نقل ما ملكه بالعقد الأول، وبالثمن الأول، من غير زيادة (7).
• والمقصود بالمسألة: أن المشتري إذا قال لآخر: أشركتك في هذه العين التي اشتريتها بالنصف أو نحوه، أو قال: ولَّيتك هذه العين، فإن العقد صحيح باتفاق العلماء.
(1) كما نص عليه ابن مفلح في "الفروع"(2/ 423)، وابن بدران في "المدخل"(ص 449).
(2)
كما نص عليه: ابن قدامة في "الكافي"(2/ 87)، وبرهان الدين ابن مفلح في "المبدع"(4/ 99).
(3)
"معجم مقاييس اللغة"(4/ 265)، وينظر:"لسان العرب"(10/ 448)، "تاج العروس"(27/ 223).
(4)
"تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 192).
(5)
"معجم مقاييس اللغة"(6/ 141)، وقد بين أن مرد الكلمة كله إلى هذا المعنى.
(6)
"المصباح المنير"(ص 346).
(7)
"القاموس المحيط"(ص 1732)، وينظر:"الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي"(ص 220)، "تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 192)، "أنيس الفقهاء"(ص 221).
• من نقل الإجماع:
• ابن حزم (456 هـ) يقول: [واتفقوا أن من أشرك أو ولّى على حكم ابتداء البيع، فقد أصاب](1).
• عبد الرحمن القاسم (1392 هـ) يقول لما ذكر صورة بيع التولية: [وينعقد بالاتفاق](2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (4).
• وجه الدلالة: أن الشركة والتولية لون من ألوان البيع، فتدخل في عموم الإباحة.
الثاني: عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإذن للنبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة. . .، وفيه: قال أبو بكر: يا رسول اللَّه، إن عندي ناقتين أعددتهما للخروج، فخذ إحداهما. قال:"قد أخذتها بالثمن"(5).
• وجه الدلالة: أن أبا بكر عرض على النبي صلى الله عليه وسلم الناقة ليأخذها، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذها إلا بقيمتها التي اشتراها بها أبو بكر، وهذه صورة التولية (6).
(1)"مراتب الإجماع"(ص 156).
(2)
"حاشية الروض المربع"(4/ 457).
(3)
"المبسوط"(13/ 83)، "بدائع الصنائع"(5/ 135، 220)، "الجوهرة النيرة"(1/ 209)، "المدونة"(3/ 127)، "الاستذكار"(6/ 497)، "التاج والإكليل"(6/ 427)، "الأم"(3/ 34)، "مغني المحتاج"(2/ 474 - 475)، "نهاية المحتاج"(4/ 106 - 107)، "المغني"(6/ 195)، "الفروع"(4/ 117)، "كشاف القناع"(3/ 229 - 230).
تنبيه: ذكر الحنابلة مع الموافقين؛ لأنه لم أجد من حكى الإجماع منهم في المسألتين، وإنما في مسألة واحدة.
(4)
البقرة: الآية (275).
(5)
أخرجه البخاري (2138)، (ص 402).
(6)
ينظر: "بدائع الصنائع"(5/ 220). والحنفية يستدلون بلفظ من ألفاظ الحديث لم أجده في كتب السنة، وهو أصرح من لفظ البخاري، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرة "ولِّني =