الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (1).
• وجه الدلالة: أن تبايع ما لا منفعة فيه يعتبر من أكل المال بالباطل.
الثاني: عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه حرم عليكم: عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعَ وهات. وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال"(2).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، ومن إضاعته إنفاقه فيما لا نفع فيه.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
16] جواز بيع الحيوان المملوك:
• المراد بالمسألة: الحيوان الذي حازه المكلف وملكه، وهو مما ينتفع به منفعة شرعية، سواء كانت المنفعة في الحال أو في المآل: كالصيد والحفظ والحراسة والقتال والركوب ونحوها، فإنه يجوز بيعه بإجماع العلماء، إلا ما استثني، مثل الكلب والنحل والخنزير.
• من نقل الإجماع:
• الكرخي (3)(340 هـ) يقول: [أما الفيل فأجمعوا على جواز بيعه]. نقله عنه العيني (4).
= (4/ 13 - 14)، منار السبيل (1/ 288).
(1)
النساء: الآية (29).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
عبيد اللَّه بن الحسين بن دلال أبو الحسن الكرخي، ولد عام (260 هـ) انتهت إليه رئاسة المذهب في زمانه، كان واسع العلم والرواية، كثير العبادة، من آثاره:"الجامع الكبير"، و"الجامع الصغير"، و"المختصر". توفي عام (340 هـ). "الطبقات السنية"(4/ 420)، "تاج التراجم"(ص 200).
(4)
"البناية"(8/ 168)، وقد ذكر ابن الهمام الإجماع بصيغة التمريض فقال: [ومنهم من =
• ابن حزم (456 هـ) يقول: [واتفقوا أن بيع الحيوان المتملك، ما لم يكن كلبا، أو سنورا، أو نحلا، أو ما لا ينتفع به، جائز](1). نقله عنه ابن القطان (2).
• ابن عبد البر (463 هـ) يقول: [وزعم القائلون بهذا القول -وهو جواز أكل لحم الخيل- أنه ليس في السكوت عن ذكر الإذن في الخيل، دليل على أن ما عدا الركوب والزينة لا يجوز، ألا ترى أنه لم يذكر البيع والتصرف، وإنما ذكر الركوب والزينة لا غير، وجائز بيعها، والتصرف فيها، وفي ثمنها، بإجماع](3). ويقول أيضا: [. . . بدليل إجماعهم على بيع الهر، والسباع، والفهود المتخذة للصيد، والحمر الأهلية](4).
• الكاساني (587 هـ) يقول: [ويجوز بيع الفيل، بالإجماع](5). نقله عنه ابن نجيم، وابن عابدين (6)(7).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [وما ذكراه يبطل بالبغل والحمار، فإنه لا خلاف في إباحة بيعهما](8).
• النووي (676 هـ) يقول: [قال أصحابنا: الحيوان الطاهر المملوك من غير الآدمي، قسمان: قسم ينتفع به فيجوز بيعه: كالإبل والبقر والغنم والخيل والبغال
= حكى إجماع العلماء على جواز بيعه]. "فتح القدير"(6/ 419).
(1)
"مراتب الإجماع"(ص 154).
(2)
"الإقناع" لابن القطان (4/ 1746).
(3)
"التمهيد"(10/ 129).
(4)
"التمهيد"(9/ 46).
(5)
"بدائع الصنائع"(5/ 143).
(6)
محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز الشهير بابن عابدين الحنفي، ولد عام (1198 هـ) في دمشق، فقيه الديار الشامية، وإمام الحنفية في زمانه، اشتغل بالتدريس والتصنيف، من آثاره:"رد المحتار على الدر المختار"، "العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية"، "حاشية على نسمات الأسحار". توفي عام (1252 هـ). "معجم المؤلفين"(9/ 77)، "الأعلام"(6/ 42).
(7)
"البحر الرائق"(6/ 188)، "رد المحتار"(5/ 266).
(8)
"المغني"(6/ 360)، ويقصد بالكلام هنا أبا بكر عبد العزيز وابن أبي موسى من الحنابلة، حينما قالا: بأنه لا يجوز بيع الفهد والصقر ونحوها؛ لأنها نجسة.
والحمير والظباء والغزلان والصقور والبزاة والفهود والحمام والعصافير والعُقاب، وما ينتفع بلونه: كالطاوس، أو صوته: كالزرزور والببغاء والعندليب، وكذلك القرد والفيل والهرة ودود القز والنحل، فكل هذا وشبهه، يصح بيعه بلا خلاف] (1). ويقول:[. . . والبغل والحمار الأهلي، فإن أكلها حرام، وبيعها جائز بالإجماع](2).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [كل عين مملوكة يجوز اقتناؤها والانتفاع بها في غير حال الضرورة، يجوز بيعها، إلا ما استثناه الشرع. . .، وسواء في ذلك ما كان طاهرا. . .، أو مختلفا فى نجاسته: كالبغل والحمار، لا نعلم في ذلك خلافا](3).
• ابن تيمية (728 هـ) يقول: [. . . بخلاف البغل والحمار، فإن بيعهما جائز، باتفاق المسلمين](4).
• الحداد (5)(800 هـ) يقول: [ويجوز بيع الهر، بالإجماع](6).
• العيني (855 هـ) لما تكلم عن الخلاف في بيع النحل بين أنه على القول بالجواز، لا يؤثر فيه عدم جواز أكلها، وقاسه على بيع الحمار والبغل، فقال:[كالبغل والحمار، فإن بيعهما يجوز، بلا خلاف](7).
• الموافقون على الإجماع:
(1)"المجموع"(9/ 286 - 287). والنووي حينما ذكر الأمثلة قصد التمثيل لأصل المسألة فقط، وإلا فقد حكى الخلاف في تفاصيل بعض الأمثلة، وأصل المسألة مجمع عليها.
(2)
"شرح صحيح مسلم"(11/ 3).
(3)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (11/ 23 - 24).
(4)
"مجموع الفتاوى"(21/ 621).
(5)
أبو بكر بن علي بن محمد الحداد الحنفي رضي الدين أبو العتيق، فقيه عابد متزهد، من آثاره:"الجوهرة النيرة" و"السراج الوهاج"، وهما شرحان على "مختصر القدوري"، "الرحيق المختوم شرح قيد الأوابد". توفي عام (800 هـ). "تاج التراجم"(ص 141)، "معجم المؤلفين"(3/ 67).
(6)
"الجوهرة النيرة"(1/ 220).
(7)
"البناية"(8/ 160).
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والحنابلة (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (2).
• وجه الدلالة: أن اللَّه أباح البيع إباحة مطلقة، فيبقى الإطلاق على إطلاقه إلا ما استثناه الدليل، فيدخل في الإباحة جميع الحيوانات المملوكة التي ينتفع بها.
الثاني: أن ما لا ينتفع به يعد من أكل المال بالباطل الذي نهانا اللَّه عنه في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (3).
• المخالفون للإجماع:
خالف في بعض أجزاء المسألة بعض العلماء:
فالحنفية: خالفوا في الفيل، ففي رواية عن محمد بن الحسن (4) أنه نجس العين، وعليه فلا يجوز بيعه (5).
والحنابلة: خالفوا في الفيل، وسباع البهائم: كالفهد والنمر ونحوها، حتى وإن كان فيها منفعة، ففي رواية اختارها أبو بكر (6) وابن أبي موسى (7): أنه لا
(1)"بدائع الصنائع"(5/ 142 - 144)، "تبيين الحقائق"(4/ 125 - 126)، "الهداية مع فتح القدير"(6/ 419 - 420) و (7/ 118 - 122)، "المدونة"(1/ 551 - 552)، "المنتقى"(5/ 28)، "مواهب الجليل"(4/ 256).
تنبيه: ذكرت المذاهب الثلاثة مع الموافقين، وقد نقلت إجماع أفراد منهم مع المجمعين، لأنهم في الإجماع قد حكوا أمثلة على المسألة، ولم يكن في أصلها.
(2)
البقرة: الآية (275).
(3)
النساء: الآية (29).
(4)
محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني أبو عبد اللَّه، ولد عام (132 هـ) فقيه العراق وصاحب أبي حنيفة، أخذ بعض الفقه على أبي حنيفة، ثم تممه على أبي يوسف، له مصنفات عليها مدار فقه الحنفية، منها:"الجامع الكبير"، "الجامع الصغير"، "السير الكبير"، "السير الصغير". توفي عام (189 هـ). الجواهر المضية (3/ 122)، "الفوائد البهية"(ص 163).
(5)
"البناية"(8/ 168).
(6)
أبو بكر عبد العزيز بن جعفر البغدادي تلميذ الخلال، ولد عام (285 هـ) شيخ الحنابلة في زمانه، وكان من بحور العلم، من آثاره:"الشافي"، "التنبيه"، "المقنع". توفي عام (363 هـ). "طبقات الحنابلة"(2/ 119)، "المقصد الأرشد"(2/ 126).
(7)
محمد بن أحمد بن أبي موسى الشريف القاضي الحنبلي، عالي القدر، سامي الذكر، له =
يجوز بيعها (1).
واستدل هؤلاء: بالقياس على الكلب، فكما أنه لا يجوز بيعه، فكذلك السباع، بجامع النجاسة في كل منهما (2).
واختلف العلماء في الهرة على قولين:
القول الأول: عدم جواز بيعها. قال به: أبو هريرة وجابر بن عبد اللَّه وجابر بن زيد (3) ومجاهد (4) وطاوس والحسن (5)، وهو قول ابن القاص (6) من الشافعية، وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها أبو بكر وابن أبي موسى وابن القيم وابن
= الحظ الوافي عند الإمامين: القائم بأمر اللَّه والقادر باللَّه، من آثاره:"الإرشاد"، "شرح مختصر الخرقي"، "المسائل التي حلف عليها الإمام أحمد". توفي عام (428 هـ). "طبقات الحنابلة"(2/ 182)، "المقصد الأرشد"(2/ 342)، "المذهب الحنبلي"(2/ 72).
(1)
"الإرشاد إلى سبيل الرشاد"(ص 190)، "الفروع" ومعه "تصحيح الفروع"(4/ 10 - 12)، "الإنصاف"(4/ 273 - 274).
(2)
ينظر: "أحكام عقد البيع في الفقه المالكي"(ص 98).
(3)
جابر بن زيد الأزدي اليحمري مولاهم البصري الخوفي أبو الشعثاء، كان من كبار أصحاب ابن عباس، حتى قال عنه:[تسألوني عن الشيء وفيكم جابر بن زيد! ]، قال عنه عمرو بن دينار:[ما رأيت أحدا أعلم من أبي الشعثاء]. توفي عام (93 هـ). "تاريخ الإسلام"(6/ 524)، "طبقات ابن سعد"(7/ 179).
(4)
مجاهد بن جبير أبو الحجاج المكي، شيخ القراء والمفسرين، روى عن ابن عباس التفسير حتى أصبح هو المقدم في الرواية عنه، يقول:[عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة أوقفه عند كل آية]. توفي ساجدا عام (102 هـ). "سير أعلام النبلاء"(4/ 449)، "تهذيب التهذيب"(10/ 42).
(5)
الحسن بن أبي الحسن يسار أبو سعيد البصري، مولى زيد بن ثابت، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، كان سيد أهل زمانه علما وعملا وعبادة وفقها، وهو شيخ أهل البصرة، توفي عام (110 هـ). "سير أعلام النبلاء"(4/ 563)، "طبقات ابن سعد"(7/ 157).
(6)
أحمد بن أبي أحمد الطبري البغدادي أبو العباس بن القاص، شيخ الشافعية في طبرستان، صنف مصنفات كثيرة، منها:"أدب القاضي"، "المواقيت"، "التلخيص". توفي عام (335 هـ). "طبقات الشيرازي"(ص 120)، "طبقات ابن شهبة"(1/ 106)، "الأعلام"(1/ 90).
رجب (1)، وهو قول الظاهرية (2).
واستدل هؤلاء بدليل من السنة، وهو:
ما جاء أن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما سئل عن ثمن الكلب والسنور؟ قال: "زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك". وفي رواية: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور"(3).
القول الثاني: التفصيل: إن كان المقصود من بيعه الانتفاع بجلده، أو الانتفاع به حيا، فهذا جائز، أما إن قصد الانتفاع بلحمه، فلا يجوز بيعه على القول بتحريم أكله، ومكروه على القول بكراهة أكله. قال به المالكية (4).
واستدلوا لقولهم: أن مرد الأمر إلى الطهارة وعدمها، فجلده طاهر ينتفع به في اللباس والصلاة به وعليه. أما إن كان المقصود لحمها للأكل فالكراهة؛ لكراهة أكل لحوم السباع على المشهور (5).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة، إلا ما استثني من سباع البهائم والفيل والهرة، وذلك لعدم الاطلاع على المخالف في غيرها.
(1) عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي البغدادي الدمشقي، ولد تقريبا عام (736 هـ) أحد الزهاد والعلماء العباد، صنف المصنفات المحررة، منها:"فتح الباري" ولم يتمه، "القواعد"، "شرح جامع الترمذي". توفي عام (795 هـ). "الجوهر المنضد"(ص 46)، "السحب الوابلة"(1/ 474).
(2)
"المصنف" لابن أبي شيبة (5/ 175)، "المجموع"(9/ 273 - 274)، "المغني"(6/ 360)، "تصحيح الفروع"(4/ 10 - 12)، "الإنصاف"(4/ 273 - 275)، "زاد المعاد"(5/ 773)، "المحلى"(7/ 498)، وقد حكم عليه النووي بالشذوذ والبطلان.
(3)
أخرجه مسلم (1569)، (3/ 971)، والبيهقي في "الكبرى"(10819)، (6/ 10). والرواية أخرجها: الترمذي (1279)، (3/ 577)، وأبو داود (3473)، (4/ 174)، والنسائي في "المجتبى"(4668)، (7/ 309)، وزاد:[إلا كلب صيد]. وابن ماجه (2161)، (3/ 525)، قال الترمذي:[هذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح في ثمن السنور]. وقال النسائي: [هذا منكر].
(4)
"مواهب الجليل"(4/ 268)، "الشرح الكبير" للدردير (3/ 11)، "منح الجليل"(4/ 455 - 456).
(5)
ينظر: "أحكام عقد البيع في الفقه المالكي"(ص 98).