الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعشرين وسقا من شعير، فلما ولي عمر قَسْم خيبر، خيَّر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع لهن الأرض والماء، أو يضمن لهن الأوساق كل عام، فاختلفن" (1).
الثاني: عن عمر رضي الله عنه قال: "كانت أموال بني النضير مما أفاء اللَّه على رسوله، مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل اللَّه"(2).
• وجه الدلالة من الحديثين: أن النبي صلى الله عليه وسلم ادَّخر قوت أولاده سنة كاملة من حقه من الفيء وليس مما اشتراه من السوق، فدل على جواز الادخار، وأنه ليس من الاحتكار المنهي عنه.
الثالث: أن الادخار حبس لقوت نفسه، وليس قصد صاحبه المتاجرة به، فلا تعلق للآخرين به، ولا ضرر عليهم فيه، فيبقى على الأصل وهو الإباحة.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
103] تحريم الاحتكار المضر بالناس:
• المراد بالمسألة: الحكر في اللغة، هو: الحَبْس والإمساك والجمع، والحُكْرة هي: حبس الطعام منتظرا لغلائه (3).
وفي الاصطلاح، هو: شراء ما يحتاجه الناس من طعام ونحوه، وحبسه انتظارا لغلائه وارتفاع ثمنه (4).
إذا حبس البائع من السلع ما يؤدي إلى الضرر بالناس، وإيقاع الضيق عليهم، وكان مقصده البيع بأعلى الأسعار، فإنه قد وقع فيما حرم اللَّه عليه، وإن لم يكن فيه ضرر على الناس فهذا مباح، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء.
= تقريبا "مشارق الأنوار"(2/ 295)، "معجم لغة الفقهاء"(ص 474).
(1)
أخرجه البخاري (2328)، (ص 437)، ومسلم (1551)، (3/ 961).
(2)
أخرجه البخاري (2904)، (ص 558)، ومسلم (1757)، (3/ 1104).
(3)
"معجم مقاييس اللغة"(2/ 92)، "تاج العروس"(11/ 72).
(4)
"معجم المصطلاحات الاقتصادية"(ص 38). وينظر: "المغني"(6/ 316)، "الاحتكار وأثره في الفقه الإسلامي"(ص 32).
• من نقل الإجماع:
• ابن حزم (456 هـ) يقول: [واتفقوا أن الحُكْرة المُضِرة بالناس غير جائزة](1). نقله عنه ابن القطان (2).
• ابن رشد الجد (520 هـ) يقول: [لا خلاف أنه لا يجوز احتكار شيء من الطعام ولا غيره، في وقت يُضرّ احتكاره فيه بالناس، من طعام وغيره، من كتان وحناء وعصفر](3). نقله عنه المواق (4).
• أبو العباس القرطبي (656 هـ) يقول: [ما لا يضر بالناس شراؤه واحتكاره، لا يُخَطَّأ مشتريه، بالاتفاق](5).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والشافعية، والحنابلة (6).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من احتكر طعاما أربعين يوما يريد به الغلاء، فقد برئ من اللَّه، وبرئ اللَّه منه"(7).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قيد الوعيد على الاحتكار بقصد المغالاة من
(1)"مراتب الإجماع"(ص 156).
(2)
"الإقناع" لابن القطان (4/ 1790).
(3)
"البيان والتحصيل"(17/ 284).
(4)
"التاج والإكليل"(6/ 254).
(5)
"المفهم"(4/ 521).
(6)
"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 421 - 422)، "بدائع الصنائع"(5/ 129)، "الجوهرة النيرة"(2/ 286)، "أسنى المطالب"(2/ 37 - 38)، "مغني المحتاج"(2/ 392)، "حاشية العبادي على الغرر البهية"(2/ 437)، "المغني"(6/ 315 - 317)، "الفروع"(4/ 53)، "دقائق أولي النهى"(2/ 26).
(7)
أخرجه أحمد في "مسنده"(4880)، (8/ 481)، والحاكم في "مستدركه"(2165)، (3/ 14)، وأبو يعلى في "مسنده"(5746)، (10/ 115). قال أبو حاتم:[هذا حديث منكر]. "العلل" لابن أبي حاتم (1/ 392). وقال ابن عدي لما ذكر أحاديث لأصبغ ومنها هذا الحديث: [وهذه الأحاديث لأصبغ غير محفوظة، يرويها عنه يزيد بن هارون، ولا أعلم روى عن أصبغ هذا غير يزيد بن هارون]. "الكامل في ضعفاء الرجال"(1/ 409). وينظر "نصب الراية"(4/ 262).