الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدل هؤلاء بدليل من المعقول، وهو:
أن المشتري أخرج ماله في هذه السلعة، فلا يذهب حقه الذي بذله هدرا (1).
القول الثاني: أن النماء المتصل يتبع الأصل في الرد إذا ردها المشتري. قال بهذا الشافعية والحنابلة (2).
واستدل هؤلاء بدليل من المعقول، وهو:
أن النماء المتصل يتبع السلعة في العقود والفسوخ؛ وذلك لعدم تصور ردها بدونه، وهي لا تنفرد عن الأصل في الملك، فلم يجزئه ردها بدونها (3).
وعلى هذا: فالقولان متفقان على أن المشتري له أن يرد السلعة.
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
39] الزيادة المنفصلة تكون من نصيب المشتري:
• المراد بالمسألة: إذا تبايع المتعاقدان عبدا، وبعد زمن وجد المشتري في العبد عيبا يستحق به الرد، وأراد الرد، وقد استغله إما: بكسب، أو أجرة، أو خدمة، أو وُهب له هبة، أو وُصي له بوصية، ونحوها مما يعد زيادة منفصلة عنه، من غير عينه، فإن هذه الزيادة تكون من نصيب المشتري، ولا يردها مع العبد، بلا خلاف بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن العربي (543 هـ) يقول لما ذكر حديث عائشة رضي الله عنها (4): [هذا حديث مجمع على معناه في الجملة. . .، وموضع الإجماع فيه: أن الرجل إذا ابتاع بيعا فاستغله واستخدمه، ثم طرأ فسخ على بيعه، فإن له ما استغل واستخدم](5).
= (5/ 182 - 183).
(1)
المقدمات الممهدات" (2/ 103) بتصرف يسير.
(2)
"أسنى المطالب"(2/ 73)، "شرح جلال الدين المحلي على المنهاج"(2/ 257)، "مغني المحتاج"(2/ 446)، "الكافي" لابن قدامة (2/ 84)، "المبدع"(4/ 89)، "كشاف القناع"(3/ 220).
(3)
"الكافي" لابن قدامة (2/ 84)، "المبدع"(4/ 89).
(4)
سيأتي لاحقا في الأدلة.
(5)
"عارضة الأحوذي"(6/ 23).
• العمراني (558 هـ) يقول: [وإن كانت الزيادة منفصلة عن العين، نظرت: فإن كانت كسبا، مثل أن كان عبدا فاستخدمه، أو أجره، أو وجد ركازا، أو احتش، أو اصطاد، أو ما أشبه ذلك، فإن المشتري إذا رد العبد، فإن الكسب له، ولا حق للبائع فيه بلا خلاف](1).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [لا يخلو المبيع من أن يكون. . . قد زاد بعد العقد، أو جعلت له فائدة، فذلك قسمان: أحدهما: أن تكون الزيادة: متصلة. . .، القسم الثاني: أن تكون الزيادة منفصلة، وهي نوعان: أحدهما: أن تكون الزيادة من غير عين المبيع، كالكسب. . .، والخدمة، والأجرة، والكسب، وكذلك ما يُوهب، أو يُوصى له به، فكل ذلك للمشتري في مقابلة ضمانه. . .، ولا نعلم في هذا خلافا](2). نقله عنه المرداوي (3).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [إذا أراد رد المبيع، فلا يخلو: إما أن يكون في حاله، أو يكون زاد أو نقص. . .، وإن زاد بعد العقد، أو حصلت له فائدة، فذلك قسمان: أحدهما: أن تكون الزيادة متصلة. . .، القسم الثاني: أن تكون الزيادة منفصلة، وهي نوعان: أحدهما: أن تكون من غير المبيع، كالكسب والأجرة، وما يُوهب له، أو يُوصى له به، فهو للمشتري في مقابلة ضمانه. . .، ولا نعلم في هذا خلافا](4).
• الزركشي (772 هـ) يقول: [أن المبيع إذا زاد، وأراد المشتري رده بعيب وجده. . .، وكانت الزيادة منفصلة، فلا يخلو: إما أن تكون حدثت من عين المبيع: كالولد والثمرة، أو لم تكن: كالأجرة والهبة ونحو ذلك. فالثاني فيما نعلمه لا نزاع أن للمشتري إمساكه، ورد المبيع دونه](5).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، وابن حزم من الظاهرية (6).
(1)"البيان"(5/ 400).
(2)
"المغني"(6/ 226).
(3)
"الإنصاف"(4/ 412).
(4)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (11/ 380).
(5)
"شرح الزركشي"(2/ 66).
(6)
"المبسوط"(13/ 104)، "فتح القدير"(6/ 369)، "مجمع الضمانات"(ص 219 - 220) =
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا اشترى من رجل غلاما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فكان عنده ما شاء اللَّه، ثم رده من عيب وجد به، فقال الرجل حين رد عليه الغلام: يا رسول اللَّه! إنه كان استغلَّ غلامي منذ كان عنده. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الخراج بالضمان"(1).
• وجه الدلالة: الحديث دليل على أن المشتري كما أنه يضمن السلعة لو تلفت، فكذلك له الخراج إذا استغل العين المباعة، وهذا من تمام العدل الذي جاءت به الشريعة (2).
الثاني: عن عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف، ونهى عن بيعتين في بيعة، ونهى عن ربح ما لم يضمن"(3).
• وجه الدلالة: أن الغلة والكسب ليست جزءا من المبيع فلا يملكها المشتري بالثمن، وإنما ملكها بالضمان، ومثل هذا يطيب له ربحه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الربح الذي لم يضمن (4).
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: عثمان البَتي، وعبيد اللَّه بن الحسن، وزفر بن الهذيل (5)(6)، وهو رواية عند الحنابلة (7).
= "المحلى"(7/ 587).
(1)
سبق تخريجه.
(2)
ينظر في الدليل: "المبسوط"(13/ 104)، "الكافي" لابن قدامة (2/ 180).
(3)
سبق تخريجه.
(4)
ينظر: "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 432).
(5)
زفر بن الهذيل بن قيس العنبري أبو الهذيل، ولد عام (110 هـ) كان من بحور الفقه وأذكياء الوقت، ذا عقل ودين، لازم أبا حنيفة أكثر من عشرين سنة، ولي قضاء البصرة، وبها توفي عام (158 هـ). "الجواهر المضية"(2/ 208)، "طبقات الفقهاء" لكبري زاده (ص 21).
(6)
"المحلى"(7/ 596)، "المجموع"(11/ 401).
(7)
"الكافي" لابن قدامة (2/ 180)، "الإنصاف"(4/ 412). والغريب في الأمر أن ينفي ابن قدامة الخلاف في "المغني" ثم ينص عليه ويستدل له في "الكافي"، ولعله يرى أن =