الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5] تصرف الإمام بمقتضى المصلحة في العبد الآبق:
• المراد بالمسألة: من وجد آبقا وأخذه، ولم يجد سيده، فإنه حينئذ يدفعه للإمام أو نائبه، والإمام مخيَّر في التصرف بالعبد الآبق بحسب المصلحة، فإن شاء حبسه حتى يأتي صاحبه، وإن شاء باعه وحبس ثمنه لصاحبه، وهذا أمر لا خلاف فيه بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن قدامة (620 هـ) يقول بعد أن ذكر مسألة أخذ الآبق: [. . . وإن لم يجد سيده، دفعه إلى الإمام أو نائبه، فيحفظه لصاحبه، أو يبيعه إن رأى المصلحة في بيعه، ونحو ذلك قال مالك، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفًا](1). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (2).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [. . . فإن لم يجد سيده، دفعه إلى الإمام أو نائبه، فيحفظه لصاحبه، أو يبيعه إن رأى المصلحة في بيعه، ونحوُه قولُ مالكٍ، وأصحاب الرأي، ولا نعلم لهم مخالفا](3).
• برهان الدين ابن مفلح (884 هـ) يقول: [فإن لم يجد سيده، دفعه إلى الإمام أو نائبه؛ ليحفظه لصاحبه، وله بيعه لمصلحة، بغير خلاف نعلمه](4).
• الموافقون على الإجماع:
هذه المسألة مشتملة على مسألتين، هما:
الأولى: آخذ الآبق هل يلزمه دفعه للإمام، أم هو مخير بين دفعه وإمساكه؟
الثانية: هل الإمام مخير في التصرف بين الحفظ أو البيع، أم لا؟
وفي كلا المسألتين خلاف بين العلماء، سيأتي تفصيله عند ذكر المخالفين في المسألة.
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
(1)"المغني"(8/ 331).
(2)
"حاشية الروض المربع"(5/ 501).
(3)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (16/ 182).
(4)
"المبدع"(5/ 272).
الأول: أن هذا العمل الذي هو التصرف بالآبق من المصالح العامة التي تتعلق بعمل الإمام، فلزم تسليمه له، وعدم التصرف فيه (1).
الثاني: أن تصرف الإمام بالرعية منوط بالمصلحة، فينظر الإمام إن شاء أمسكه حتى يأتي سيده، وإن شاء باعه إن كانت المصلحة في بيعه -كأن يكون محتاجا للنفقة وليس ثمة نفقة من بيت المال، أو أتى ثمنُهُ على نفقته- وحَبَس ثَمَنه حتى يأتي السيد.
• المخالفون للإجماع:
سأذكر تفصيل كل مذهب في المسألتين على حده، وهو كالتالي:
الأول: الحنفية: ويرون أن آخذ الآبق يلزمه دفعه للإمام على المشهور عندهم. وفي قول عندهم اختاره بعضهم أنه مخير بين دفعه للإمام وبين حبسه عنده، وقيد بعضهم هذا القول في حالة قدرة الآخذ على حفظه، وإلا فإنه يدفعه للإمام. ثم هم يرون أن الإمام ليس مخيرا في التصرف به، وإنما ينتظر طالبه مدة، ثم يبيعه ويحفظ ثمنه لصاحبه (2).
الثاني: المالكية: يرون أن آخذ الآبق يرفعه للإمام على المشهور عندهم. ولهم قول آخر بأنه مخير بين رفعه للإمام وبين حبسه عنده إلى أن يأتي طالبه. ويرون بأن الإمام يحفظه سنة كاملة، فإن جاء طالبه في هذه المدة، وإلا باعه وحبس ثمنه لسيده، وفي قول عندهم أن مدة الحبس غير محددة وإنما بقدر ما يتبين أمره، اختار هذا القول سحنون وابن يونس (3) منهم (4).
(1) ينظر: "حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج"(5/ 480).
(2)
"المبسوط"(11/ 21)، "البناية"(7/ 346)، "فتح القدير"(6/ 133 - 134)، "البحر الرائق"(5/ 172).
(3)
محمد بن عبد اللَّه بن يونس أبو بكر التميمي الصقلي المالكي، الإمام الحافظ أحد العلماء، وأئمة الترجيح الأخيار، له كتاب جامع للمدونة وأضاف إليها غيرها من الأمهات، وعليه اعتماد طلبة العلم، وله كتاب في الفرائض. توفي عام (451 هـ). "الديباج المذهب"(ص 274)، "شجرة النور الزكية"(ص 111).
(4)
"الكافي" لابن عبد البر (ص 427)، "التاج والإكليل"(8/ 57 - 58)، "مواهب الجليل"(6/ 83)، "شرح مختصر خليل للخرشي مع حاشية العدوي عليه"(7/ 134 - 135).