الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحد، ولا يمكن اجتماع النقيضين في محل واحد، وإذا فصلا انتفى التراضي بينهما، فلم يبق إلا إبطالهما معا.
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: المالكية في قول، والشافعية في قول أيضا، وقالوا: يصح العقد في المعلوم بقسطه من الثمن، دون المجهول (1).
ويستدل لهؤلاء بدليل من المعقول، وهو:
أن الفساد بقدر المفسِد؛ لأن الحكم يثبت بقدر العلة، والمفسِد خص أحدهما، فلا يُعَمم الحكم مع خصوص العلة، والجهالة في الثمن جهالة نسبية، يمكن ارتفاعها بالرجوع إلى ثمن المثل في كل منهما.
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
78] بطلان الصفقة التي جمع فيها بين ما هو مال وما ليس بمال:
• المراد بالمسألة: إذا اتحدت الصفقة ولم تتعدد بين شيئين في عقد واحد، أحدهما قابل للبيع دون الآخر، ولم يكن متقوما، ولا سُمي ثمن كل منهما في العقد، فإن العقد باطل بالإجماع. مثال ذلك: لو باعه هذا العبد وهذا الحر، أو هذا العصير وهذا الخمر، أو هذه الميتة وهذه الذبيحة، بكذا وكذا.
• من نقل الإجماع:
• الكاساني (587 هـ) يقول: [ولو جمع بين ما هو مال، وبين ما ليس بمال في البيع بأن جمع بين حر وعبد، أو بين عصير وخمر، أو بين ذكيَّة وميتة، وباعهما صفقة واحدة، فإن لم يبين حصة كل واحد منهما من الثمن، لم ينعقد العقد أصلا بالإجماع](2).
• ابن الهمام (861 هـ) يقول: [قوله: (ومن جمع بين حر وعبد، أو شاة ذكية وميتة، بطل البيع فيهما) سواء فصل ثمن كل واحد، أو لم يفصل (وهذا عند أبي
(1)"عقد الجواهر الثمينة"(2/ 439)، "المجموع"(9/ 476 - 477)، "روضة الطالبين"(3/ 426).
(2)
"بدائع الصنائع"(5/ 145).
حنيفة رحمه اللَّه تعالى. وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما اللَّه: إن سمى لكل واحد منهما جاز في العبد) بما سمى له، وكذا في الذكية، وإذا لم يسم، بطل بالإجماع] (1).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية، والحنابلة في رواية، وابن حزم من الظاهرية (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن الصفقة واحدة، وقد فسدت في أحدهما فلا تصح في الآخر. والدليل على أن الصفقة واحدة: أن لفظ البيع والشراء لم يتكرر، والبائع واحد، والمشتري واحد، وقد فسدت في أحدهما بيقين؛ لخروج الحر والخمر والميتة عن حليَّة البيع بيقين، فلا يصح في الآخر؛ لاستحالة كون الصفقة الواحدة صحيحة وفاسدة.
الثاني: أن في تصحيح العقد في أحدهما تفريق الصفقة على البائع قبل التمام؛ لأنه أوجب البيع فيهما، فالقبول في أحدهما يكون تفريقا (3).
الثالث: أنه إذا اجتمع حلال وحرام، غلب جانب الحرام، كما رُوي عن ابن مسعود رضي الله عنه (4).
الرابع: أنه اختل شرط من شروط البيع وهو جهالة العوض، فالذي يقابل
(1)"فتح القدير"(6/ 456 - 457).
(2)
"شرح مختصر خليل" للخرشي (5/ 22)، "الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي"(3/ 15)، "منح الجليل"(4/ 465)، "المهذب"(9/ 469 - 470)، "التنبيه"(ص 89)، "أسنى المطالب"(2/ 42)، "مغني المحتاج"(2/ 397)، "الفروع"(4/ 32)، "الإنصاف"(4/ 317 - 318)، "المحلى"(7/ 503).
(3)
ينظر في هذين الدليلين: "بدائع الصنائع"(5/ 145).
(4)
قال السخاوي: [قال البيهقي: رواه جابر الجعفي عن الشعبي عن ابن مسعود، وفيه ضعف وانقطاع، وقال الزين العراقي في "تخريج منهاج الأصول": إنه لا أصل له، وكذا أدرجه ابن مفلح في أول كتابه في الأصول فيما لا أصل له]. "المقاصد الحسنة"(ص 574). وينظر: "الجد الحثيث"(ص 191).