الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أنه لما كانت السلعة عند البائع تامة كان لها جزء من الثمن، ولما حدث العيب في يده فقد احتبس عنده جزءا منه، فلا يملك بيع الباقي من غير بيان، وإلا كان جزءًا من الثمن لم يقابله شيء من المبيع، فكان فعله غشا وخديعة (1).
• المخالفون للإجماع:
إذا وقع في السلعة تغير، وكان التغير لا صنع للآدمي فيه، كالآفة السماوية، فقد خالف في هذه المسألة: أبو حنفية وصاحباه: محمد بن الحسن وأبو يوسف، وقالوا: لا يشترط بيان العيب (2).
واستدل هؤلاء بما يلي:
الأول: أن المشتري لم يحبس شيئا من المعقود عليه، كما لو تغير السعر.
الثاني: أن الفائت في هذه الحالة وصف، فيكون تبعا للمبيع لا يقابله شيء من البدل (3)، بدليل أنه لو فات بعد العقد قبل القبض لا يسقط بهبته شيء من الثمن، فكان بيانه والسكوت عنه بمنزلة واحدة (4).
النتيجة:
صحة الإجماع في حالة ما إذا أراد أن يبيع السلعة مرابحة، وحدث عيب بفعل المتعاقدين أو أجنبي عنهما، فلا بد من بيانه عند البيع. أما إذا كان العيب بآفة سماوية لا صنع للآدمي فيها، فلا يثبت الإجماع؛ لوجود الخلاف فيها.
وعليه فعبارة الكاساني في حكاية الإجماع أدق، أما عبارة ابن قدامة فمدخولة كما تبين.
48] بيان الشراء من العبد أو المكاتب عند البيع بالمرابحة:
• المراد بالمسألة: إذا اشترى السيد من عبده أو مكاتبه سلعة، وأراد أن يبيعها مرابحة على الثمن الذي وقع بينهما، فإنه يجب عليه أن يبيِّن أنه اشتراها من عبده أو مكاتبه، بإجماع العلماء.
(1) ينظر: المصدر السابق مع "الذخيرة"(5/ 166).
(2)
ينظر مع ما تقدم: "المبسوط"(13/ 79 - 80)، "فتح القدير"(6/ 505 - 507).
(3)
"المبسوط"(13/ 79).
(4)
"بدائع الصنائع"(5/ 223).
• من نقل الإجماع:
• السرخسي (483 هـ) يقول: [وإذ اشترى شيئا من أبيه، أو أمه، أو ولده، أو مكاتبه، أو عبده، أو اشترى العبد أو المكاتب من مولاه بثمن قد قام على العبد بأقل منه، لم يكن له أن يبيعه مرابحة إلا بالذي قام على البائع في العبد والمكاتب بالاتفاق](1).
• الكاساني (587 هـ) يقول: [ولو اشترى من مكاتبه أو عبده المأذون -وعليه دين أو لا دين عليه- لم يبعه مرابحة من غير بيان، بالإجماع](2).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [لا يجوز له بيع ما اشتراه من مكاتبه مرابحة، حتى يبين أمره، ولا نعلم فيه خلافا](3).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [لو اشترى من مكاتبه، فإنه يجب عليه أن يبين أمره، لا نعلم فيه خلافا](4).
• الحداد (800 هـ) يقول: [وأجمعوا أنه لو اشترى من مكاتبه، أو مدبَّره، أو عبده المأذون -سواء كان عليه دين أو لا- أو مماليكه اشتروا منه، فإنه لا يبيعه مرابحة حتى يبين](5).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن بيع المرابحة يكون على ما يتيقن خروجه من ملكه في مقابلة هذا العين، وهو المدفوع إلى البائع الأول، فأما الربح الذي حصل لعبده ومكاتبه، فهو لم يقع فيه هذا اليقين، فلزم البيان فيه.
الثاني: أن تهمة المسامحة بينهما متمكنة، فالعادة جرت بالتسامح في المعاملة مع العبيد والمكاتبين، وبيع المرابحة بيع أمانة ينفى عنه كل تهمة وشبهة خيانة، فلا بد فيه من البيان (6).
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: المالكية، والشافعية، وقالوا: يصح البيع على
(1)"المبسوط"(13/ 88).
(2)
"بدائع الصنائع"(5/ 225).
(3)
"المغني"(6/ 271).
(4)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (11/ 448).
(5)
"الجوهرة النيرة"(1/ 210).
(6)
ينظر في الدليلين: "المبسوط"(13/ 88 - 89).