الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحريم.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة وهو النهي عن هذه الصور الثلاث التي نص عليها العلماء، ومن الملاحظ أن من العلماء من ذكر الكراهة، ومنهم من نص على التحريم، ولا يمكن الجزم بحكاية الإجماع على التحريم إلا إذا قلنا بأن الكراهة التي ذكرها العلماء المراد بها التحريمية، وهذا هو الظاهر، فالعلماء الذين ذكروا الكراهة، وهم ابن عبد البر وابن هبيرة وعبد الرحمن القاسم، علماء مذاهبهم كلهم ينصون على التحريم ولم يذكروا الكراهة، ولم أجد من نص على الكراهة إلا الحنفية، وقد تقدم المراد بهذا عندهم.
89] النهي عن سوم المسلم أو الذمي على سوم الذمي:
• المراد بالمسألة: إذا رضي الذمي بثمن كان بينه وبين البائع في سلعة وركن إليه، فجاء مسلم أو ذمي آخر، وعرض على البائع مثل الثمن الذي عرضه الأول أو أكثر منه، فإن هذا منهي عنه، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• الطحاوي (321 هـ) يقول: [قال الأوزاعي: لا بأس بدخول المسلم على الذمي في سومه، ولا نعلم أحدا قال بذلك غير الأوزاعي. . .، واتفقوا على كراهة سوم الذمي على الذمي](1).
• الجوهري (حدود: 350 هـ) يقول: [وأجمعوا أنه لا ينبغي أن يسوم الرجل على سوم الرجل ولا الكتابي الذمي، إلا الأوزاعي، فإنه أباحه له على سوم الذمي](2). نقله عنه ابن القطان (3).
• ابن عبد البر (463 هـ) يقول: [أجمع العلماء على كراهة سوم الذمي على سوم المسلم، وعلى سوم الذمي، إذا تحاكموا إلينا](4).
(1)"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 61). وعبارته هذه توحي بأنه يقصد شذوذ قول الأوزاعي، وسترى أن الأوزاعي لم ينفرد بهذا القول.
(2)
"نوادر الفقهاء"(ص 240).
(3)
"الإقناع" لابن القطان (4/ 1828).
(4)
"الاستذكار"(6/ 523)، وهذه العبارة الباحث على شك منها، لأنها لو كانت صحيحة =
ويقول أيضا: [قد أجمعوا على كراهية سوم الذمي على الذمي](1). ويقول أيضا: [لا أعلم خلافا في أن الذمي لا يجوز لأحد أن يبيع على بيعه، ولا يسوم على سومه، وأنه والمسلم في ذلك سواء، إلا الأوزاعي، فإنه قال: لا بأس بدخول المسلم على الذمي في سومه](2). ويقول أيضا: [وأجمع الفقهاء أيضا على أنه لا يجوز دخول المسلم على الذمي في سومه إلا الأوزاعي وحده، فإنه قال: لا بأس بدخول المسلم على الذمي في سومه. . .، وإذا أطلق الكلام على المسلمين، دخل أهل الذمة، والدليل على ذلك اتفاقهم على كراهية سوم الذمي على الذمي، فدل على أنهم مرادون](3). نقل العبارة الأخيرة أبو زرعة العراقي (4).
• ابن العربي (543 هـ) يقول: [ومن غريب الفقه أن الأوزاعي يقول: يجوز مساومة المسلم على الذمي. . .، وسائر العلماء على منعه](5).
• العيني (855 هـ) يقول: [وقام الإجماع على كراهة سوم الذمي على مثله](6).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: ابن حزم من الظاهرية (7).
= لقيل بالتناقض في كلام ابن عبد البر، فكيف يحكي الخلاف في المسألة، ثم يحكي الإجماع فيها، ثم هو يستدل لقول سائر العلماء بإجماع آخر غير الأول، ولذا قال لما حكى الإجماع في سوم الذمي على الذمي:[فدل على أنهم داخلون في ذلك] فالعبارة الصحيحة هي التي توافق ما جاء في "التمهيد": [أجمع العلماء على كراهة سوم الذمي على سوم الذمي إذا تحاكموا إلينا، فدل على أنهم داخلون في ذلك] والزيادة التي وقعت لعلها من النساخ.
(1)
"التمهيد"(13/ 319).
(2)
"التمهيد"(13/ 318 - 319).
(3)
"التمهيد"(18/ 192).
(4)
"طرح التثريب"(6/ 71).
(5)
"عارضة الأحوذي"(5/ 58 - 59). هذه العبارة من ابن العربي وإن كانت ليست من ألفاظ الإجماع الصريحة، إلا أن السياق يدل على أنه أراد الإجماع، فهو قد استغرب هذا الفقه من الأوزاعي، وكأنه يقصد شذوذ قوله لمخالفته سائر العلماء.
(6)
"عمدة القاري"(11/ 258).
(7)
"المحلى"(7/ 370). وهذه غريبة من غرائب ابن حزم على ظاهريته البحتة، إلا أنه لم =
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: القاعدة الفقهية: أن كل حكم بين مسلم وذمي، فإنه يكون على حكم الإسلام، فيدخل في ذلك سومه على سوم الذمي (1).
الثاني: أن لهم عهدًا وذمة، ومن العهد أن لا يرزأوا في أبدانهم ولا في أموالهم، ولا في أولادهم، ومن الرزء السوم عليهم (2).
• المخالفون للإجماع:
خالف في مسألة سوم المسلم على الذمي جماعة من العلماء، وقالوا: يجوز سوم المسلم على الذمي، وهم: الأوزاعي (3)، وابن حربويه (4) من الشافعية (5)، والحنابلة في المنصوص عنهم (6).
واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يستام الرجل على
= يخالف ما حكي من إجماع، مع أن ظاهر النص لا يؤيده.
(1)
ينظر: "المنتقى"(5/ 100).
(2)
"عارضة الأحوذي"(5/ 59). وهؤلاء يقولون: بأن التقييد بالأخوة في الحديث، محمول على وجهين:
الأول: أن هذا قيد أغلبي، فيقال: هذا طريق المسلمين، ولا يمنع دخول أهل الذمة فيه معهم.
الثاني: أن ذكر الأخوة من باب التقبيح والتنفير من هذا الفعل أن يصدر منه تجاه أخيه المسلم، وليس هذا يمنع دخول غيره معه. ينظر:"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 61)، "طرح التثريب"(6/ 71)، "المنتقى"(5/ 100)، "رد المحتار"(5/ 102).
(3)
"مختصر اختلاف العلماء" و"نوادر الفقهاء" و"التمهيد" و"الاستذكار" في المواضع السابقة عند ذكر الإجماع.
(4)
علي بن الحسين بن حرب بن عيسى البغدادي القاضي أبو عبيد بن حربويه قاضي مصر، أحد أصحاب الوجوه المشهورين، عالم بالاختلاف والمعاني. توفي عام (319 هـ). "طبقات السبكي"(3/ 446)، "طبقات ابن شهبة"(1/ 97).
(5)
"تكملة المجموع"(11/ 306)، "طرح التثريب"(6/ 71)، "فتح الباري"(4/ 353).
(6)
"المغني"(9/ 571)، جامع العلوم والحكم (2/ 270)، "دقائق أولي النهى"(2/ 630)، "مطالب أولي النهى"(3/ 56).