الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن ثمن كل واحدة من الشاتين مجهول؛ لأنه لا يعرف حصة كل شاة منها من الثمن إلا بعد ضم شاة أخرى إليها، ولا يعلم أية شاة يضم إليها ليعلم حصتها؛ لأنه إن ضم إليها أردأ منها كانت حصتها أكثر، وإن ضم إليها أجود منها كانت حصتها أقل؛ لذلك فسد البيع (1).
الثاني: أن الشياه مما لا تتساوى أجزاؤها، ثم إنّ تفاوت الأثمان يتبع تفاوت الأجزاء، ولذا لا يمكن تمييزها إلا إذا انفردت.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
81] صحة بيع المشاع:
• المراد بالمسألة: المشاع: ما يحتوي على حصص شائعة: كالنصف والربع والسدس والعشر وغير ذلك من الحصص السارية إلى كل جزء من أجزاء المال، منقولا كان أو غير منقول، وقد سميت الحصة السارية في المال المشترك شائعة؛ لعدم تعيُّنها في أي قسم من أقسام المال المذكور. ويطلق على الحصة المشتركة غير المقسَّمة (2).
= (3/ 175)، "مطالب أولي النهى"(3/ 42).
تنبيهان:
الأول: من شروط البيع عند المالكية: العلم بالثمن والمثمون، وقالوا: بأن ما اشترط في المثمون فهو شرط في الثمن، وجعلوا من صور الجهالة بالمثمون الجهل بتفصيله، وضربوا لذلك مثالا وقالوا: لو باع عبدي رجلين وهما مشتركان بينهما، ولم يفْصلا مالهما فالبيع فاسد، فكذلك الجهل بتفصيل الثمن نظير هذه المسألة.
الثاني: الحنابلة لم يذكروا هذه المسألة، ولكنهم لما ذكروا مسائل الصبرة ذكروا مسائل تشبه هذه المسألة، منها: لو قال بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم، على أن أزيدك قفيزا من هذه الصبرة الأخرى، لم يصح لإفضائه إلى جهالة المثمن، فهو باعه قفيزا وشيئا بدرهم. وبعد أن ذكروا جملة مسائل الصبرة، قالوا بأن ما لا تتساوى أجزاؤه، فإنه يأخذ نحوا من أحكام بيع الصبرة، فتدخل المسألة معنا فيها.
(1)
"بدائع الصنائع"(5/ 162).
(2)
"درر الحكام شرح مجلة الأحكام"(1/ 119) بتصرف يسير.
فإذا كان ثمة ملك غير مقسَّم، لاثنين فأكثر، وحصصهم شائعة بينهم كالنصف أو الثلث ونحوها، أو مذكورة بالأسهم: كسهم من عشرة أسهم ونحوها، وأراد أحدهم بيع حصته، فإن البيع صحيح، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• الإسبيجابي (1)(حدود: 480 هـ) يقول: [وبيع المشاع يجوز من غير شريكه بالإجماع، سواء كان مما يحتمل القسمة، أو لا يحتمل القسمة]. نقله عنه العيني، والشلبي (2).
• الكاساني (587 هـ) يقول: [لو باع عشرة أسهم من مائة سهم، جاز بالإجماع](3).
• النووي (676 هـ) يقول: [يجوز بيع المشاع، كنصف من عبد، أو بهيمة، أو ثوب، أو خشبة، أو أرض، أو شجرة، أو غير ذلك، بلا خلاف، سواء كان مما ينقسم أم لا، كالعبد والبهيمة؛ للإجماع](4).
• ابن تيمية (728 هـ) يقول: [يجوز بيع المشاع، باتفاق المسلمين](5).
• البابرتي (786 هـ) يقول: [وشراء عشرة أسهم من مائة سهم، جائز بالاتفاق](6).
• الحداد (800 هـ) يقول: [وإن اشترى عشرة أسهم من مائة سهم، جاز إجماعا](7).
• ابن الهمام (861 هـ) يقول: [وبيع الشائع جائز اتفاقا، كما في بيع عشرة
(1) أحمد بن منصور الإسبيجابي أبو نصر، أحد كبار فقهاء الحنفية في عصره، كان متبحرا في الفقه حتى صار مرجع الفتوى في سمرقند، له شرح على مختصر الطحاوي. توفي في حدود عام (480 هـ). "تاج التراجم"(ص 126)، "الفوائد البهية"(ص 42).
(2)
"البناية"(10/ 283)، "حاشية شلبي على تبيين الحقائق"(5/ 126). نقلوه من شرحه على "مختصر الطحاوي".
(3)
"بدائع الصنائع"(5/ 162).
(4)
"المجموع"(9/ 308).
(5)
"مجموع الفتاوى"(29/ 233).
(6)
"العناية"(6/ 275).
(7)
"الجوهرة النيرة"(1/ 188).
أسهم من مائة سهم] (1). نقله عنه الشلبي (2).
• مولى خسرو (885 هـ) يقول: [(صح بيع عشرة أسهم من مائة سهم من دار) إجماعا](3).
• ابن نجيم (970 هـ) يقول: [وبيع الشائع جائز اتفاقا](4).
• عبد الرحمن المعروف بـ[داماد أفندي](1078 هـ) يقول: [(وصح بيع عشرة أسهم) أو أقل أو أكثر (من مائة سهم من دار) أو غيرها، بالاتفاق](5).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، وابن حزم من الظاهرية (6).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الشفعة في كل شرك: ربعة أو حائط، لا يصلح له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن باع فهو أحق به حتى يؤذنه"(7).
• وجه الدلالة: قال ابن عبد البر: [وفي قضاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالشفعة في المشاع بعد تمام البيع، دليل على جواز بيع المشاع، وإن لم يتغير، إذا علم السهم والجزء، والدليل على صحة تمام البيع في المشاع، أن العهدة إنما تجب على المبتاع](8).
(1)"فتح القدير"(6/ 275).
(2)
"حاشية شلبي على تبيين الحقائق"(4/ 7 - 8).
(3)
درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 149).
(4)
"البحر الرائق"(5/ 315).
(5)
"مجمع الأنهر"(2/ 13).
(6)
"المنتقى"(5/ 244)، "شرح مختصر خليل" للخرشي (7/ 43)، "الشرح الكبير" للدردير (3/ 235)، "منح الجليل"(8/ 21)، "المحلى"(7/ 28).
تنبيهان: الأول: المالكية يرون جواز رهن وإجارة المشاع، فإذا قالوا بهما فمن باب أولى أن يجيزوا بيع المشاع، خاصة وأنهم يذكرون في التعليل لإجازتهما القياس على البيع.
الثاني: ابن حزم كذلك لم يذكر المسألة بنصها لكنه يرى جواز إجارة المشاع.
(7)
سبق تخريجه.
(8)
"التمهيد"(7/ 50)، وينظر كذلك:"مجموع الفتاوى"(29/ 233). وينظر: "سنن النسائي الكبرى"(4/ 47) فقد بوب على هذا الحديث باب بيع المشاع، ومن المعلوم أن النسائي له اهتمام في تبويبه، ففقهه يظهر في التبويب، وقد أشار إلى ذلك السخاوي في "بغية =