الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أصاب نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم خصاصة، فبلغ ذلك عليًّا رضي الله عنه، فخرج يلتمس عملا ليصيب منه شيئًا يبعث به إلى نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأتى بستانا لرجل من اليهود، فاستقى له سبعة عشر دلوا، كل دلو بتمرة، فخيَّره اليهودي من تمره سبع عشرة تمرة عجوة، فجاء بها إلى نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"من أين هذا يا أبا الحسن؟ " قال: بلغني ما بك من الخصاصة يا نبي اللَّه، فخرجت التمس عملا لأصيب لك طعاما. قال:"فحملك على هذا حب اللَّه ورسوله؟ " قال علي: نعم، يا نبي اللَّه. فقال نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم:"واللَّه ما من عبد يحب اللَّه ورسوله إلا الفقر أسرع إليه من جرية السيل على وجهه، من أحب اللَّه ورسوله فليعد تحفافا" وإنما يعني: الصبر (2).
• وجه الدلالة: أن عليا آجر نفسه من اليهودي إجارة خاصة، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم عليها، فإذا جازت في الخاصة، فمن باب أولى إذا كان أجيرا مشتركا.
الثاني: أن الإجارة في هذه الحالة تعد عقد معاوضة لا تتضمن إذلال المسلم، ولا استخدامه، أشبه مبايعته (3).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
27] جواز استيفاء المستأجر المنفعة بنفسه وبمن هو مثله:
• المراد بالمسألة: من استأجر عقارا للسكنى فإن له الحق أن يَسكن فيه، ويُسكن من شاء، لكن بشرط أن يكون الساكن معه ممن يكون مثله في الضرر أو دونه، وله الحق أن يضع فيها ما جرى العرف بين الناس من وضعه حال الاستئجار من الأمور
(1)"المبسوط"(16/ 56)، "بدائع الصنائع"(4/ 189)، "تكملة البحر الرائق"(8/ 23، 37)، "شرح مختصر خليل للخرشي مع حاشية العدوي"(7/ 19 - 20)، "الشرح الصغير مع حاشية الصاوي عليه"(4/ 35 - 36).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
"المغني"(8/ 135) بتصرف يسير.
المعتادة، أما ما يكون فيه ضررٌ على الدار، فإنه لا يحق له عمله فيها، إلا إذا كان ثمة شرط بينهما، بلا خلاف بين العلماء.
وضابط الضرر: كل عمل يُفْسد البناء أو يوهنه، فإنه لا يصير مستحقا للمستأجر بمطلق العقد، وإنما بالشرط (1).
• من نقل الإجماع:
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [من استأجر عقارا للسكنى، فله أن يسكنه، ويُسْكن فيه من شاء ممن يقوم مقامه في الضرر، أو دونه، ويضع فيه ما جرت عادة الساكن به، من الرِّحال والطعام، ويخزن فيها الثياب وغيرها مما لا يضر بها، ولا يسكنها ما يضر بها، مثل القصارين (2) والحدَّادين. . .، ولا يجعل فيها الدواب. . .، ولا يجعل فيها السرجين، ولا رحى ولا شيئًا يضر بها. ولا يجوز أن يجعل فيها شيئًا ثقيلا فوق سقف. . .، ولا يجعل فيها شيئًا يُضِرُّ بها، إلا أن يشترط ذلك. وبهذا قال الشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفا](3).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [كل من استأجر عينا لمنفعتها، فله أن يستوفي المنفعة بنفسه وبمثله، فإذا اكترى دارا للسكنى، فله أن يسكنها مثله. . .، فجاز أن يستوفيه بنفسه، وبوكيله إذا كان مثله في الضرر أو دونه. . .، ويضع فيه ما جرت عادة الساكن به، من الرحال والطعام، ويخزن فيها الثياب وغيرها مما لا يضر بها. ولا يسكنها ما يُضر بها، كالقصارين والحدَّادين. ولا يجعل فيها الدواب. . .، ولا يجعل فيها السرجين، ولا رحى ولا ما يُضِرُّ بها. ولا شيئًا ثقيلا فوق سقف. . .، فإن شرط ذلك جاز. وبه قال الشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفا](4).
(1)"المبسوط"(15/ 140).
(2)
القصار هو: المحور والمبيض للثياب؛ لأنه يدقها بالقصرة التي هي القطعة من الخشب. "المحكم والمحيط الأعظم"(6/ 198)، "لسان العرب"(5/ 104)، "المعجم الوسيط"(2/ 739).
(3)
"المغني"(8/ 52).
(4)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (14/ 395).