الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
33] جواز الإقالة في السلم:
• المراد بالمسألة: إذا أقاله في جميع المُسْلَم فيه، وكان بمثل ما أَسْلم له من غير زيادة ولا نقصان، فإن هذا جائز بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن المنذر (318 هـ) يقول: [وأجمعوا على أن الإقالة في جميع ما أسلم فيه المرء جائزة](1). نقله عنه ابن قدامة، وابن رجب، وبرهان الدين ابن مفلح، والبهوتي، وعبد الرحمن القاسم (2).
• الطحاوي (321 هـ) يقول: [لا خلاف في جواز الإقالة في السلم](3).
• ابن عبد البر (463 هـ) يقول: [ولم يختلف العلماء أنه إذا أقاله في جميع السلم، وأخذ منه رأس ماله في حين الإقالة، فإنه جائز](4). ويقول أيضًا: [وقد أجمعوا أنه لو لم يستقل لم يجز له صرف رأس المال في غيره، كما لا يجوز له صرف رأس ماله في دراهم أو دنانير أكثر منها](5). ويقول: [قد أجمعوا أن الإقالة بيع جائز في السلف برأس المال. . .، فدل على أنها فسخ بيع، ما لم تكن فيها زيادة أو نقصان](6).
• ابن تيمية (728 هـ) يقول: [ودين السلم تجوز الإقالة فيه، بلا نزاع](7).
• ابن القيم (751 هـ) يقول: [فدين السلم تجوز الإقالة فيه، بلا نزاع](8).
• التهانوي (9)(1394 هـ) يقول: [وجواز الإقالة في كل المسلم فيه متفق عليه
(1)"الإجماع"(ص 135)، "الإشراف"(6/ 109).
(2)
"المغني"(6/ 417)، "قواعد ابن رجب"(ص 382)، "المبدع"(4/ 199)، "كشاف القناع"(3/ 307)، "حاشية الروض المربع"(5/ 33).
(3)
"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 103).
(4)
"الاستذكار"(6/ 388).
(5)
"الاستذكار"(6/ 387).
(6)
"الاستذكار"(6/ 498 - 499).
(7)
"مجموع الفتاوى"(29/ 513).
(8)
"حاشية سنن أبي داود"(5/ 115).
(9)
ظفر أحمد بن لطيف العثماني التهانوي الحنفي، ولد عام (1310 هـ) واشتغل بالتأليف في =
بين فقهاء الأمصار] (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أقال مسلمًا أقاله اللَّه عثرته" وفي رواية: "من أقال نادما بيعته. . . "(2).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على الإقالة ورغَّب فيها على وجه العموم، وهي من محاسن الأخلاق ومكارم العادات، فيدخل في ذلك السلم وغيره من العقود.
الثاني: أن الحق لهما، فجاز لهما الرضا بإسقاطه؛ إذ الإقالة فسخ للعقد ورفع له من أصله (3).
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: الحنابلة في رواية هي المذهب، وابن حزم من الظاهرية، وقالوا: لا تجوز الإقالة في السلم (4).
واستدل هؤلاء: بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما لم يقبض، والإقالة بيع، فلا تصح في السلم لعدم القبض (5).
أما ابن حزم فيمكن إجمال كلامه في النقاط التالية:
1) الإجماع لم يقع على جواز السلم، فكيف بالإقالة فيه.
2) ذكَر جملة من الصحابة والتابعين ممن يرون المنع من أخذ بعض السلم والإقالة في بعض.
3) وحجته في إنكار الإجماع: عدم استقراء أقوال الصحابة والتابعين حتى يعلم
= الفقه والحديث، أشهر مصنفاته:"إعلاء السنن". توفي عام (1394 هـ). "مقدمة إعلاء السنن"(1/ 19).
(1)
"إعلاء السنن"(14/ 436 - 437).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
"المهذب"(2/ 78)، "المغني"(6/ 417)، "عقد السلم في الشريعة الإسلامية"(ص 77).
(4)
"الفروع"(4/ 184)، "قواعد ابن رجب"(ص 382)، "الإنصاف"(5/ 113 - 114)، "المحلى"(7/ 484 - 487) و (8/ 54).
(5)
ينظر: "المحلى"(8/ 54).
قولهم في المسألة.
4) وعلى التسليم بوجود الاستقراء لأقوالهم، فإن من الجن من هم من الصحابة، فهل وقفوا على أقوالهم؟
5) صح عن ابن عباس ما يدل على المنع من الإقالة في السلم، حيث يقول:[إذا أسلفت في شيء إلى أجل مسمى، فجاء ذلك الأجل، ولم تجد الذي أسلفت فيه: فخذ عرضا بأنقص ولا تربح مرتين] ولم يُفْت بالإقالة.
ويمكن الإجابة عن كلامه بما يلي:
1) أن هذه دعوى عارية عن الصحة، فالإجماع قد صح على جواز الإقالة مطلقا كما سبق، بل إن ابن حزم نفسه حكى الاتفاق في المسألة (1).
2) هناك فرق بين جواز الإقالة في بعض السلم والمنع من بعض وبين مسألتنا، فالمسألة الأولى قد وقع الخلاف فيها بين العلماء، بخلاف الثانية فلم يقع الخلاف فيها، ثم إن المسألة الأولى من منع منها قال بأن السلم في الغالب يزاد فيه في الثمن من أجل التأجيل، فإذا أقاله في البعض، بقي البعض بالباقي من الثمن وبمنفعة الجزء الذي حصلت الإقالة فيه، فلذا منع منه لأجل ذلك، كما لو كان هذا شرطا في ابتداء العقد، بخلاف الإقالة في جميع السلم فإنه مشروط بعدم الزيادة فيه. ولذا عد التهانوي هذا الاستدلال من ابن حزم بأنه ليس من الفقه في شيء (2).
3) ثم إنه لا يشترط أن يسأل كل صحابي من الصحابة، وكذا التابعين عن قولهم في المسألة حتى تصح حكاية الإجماع فيها.
4) ولم يقل أحد من العلماء بالاعتداد بقول أحد من الجن الذين أسلموا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولازم هذا القول عدم صحة أي إجماع في الدين؛ لأنه لا بد من النظر في أقوال الجن في كل زمان، وهذا متعذر ولم يقل به أحد من العلماء.
5) أما أثر ابن عباس رضي الله عنهما فكونه لم يفت بالإقالة هنا، لا يعني بحال أنه يقول
(1)"مراتب الإجماع"(ص 155).
(2)
ينظر: "إعلاء السنن"(14/ 437).
بالمنع منها.
6) وابن حزم يقول بجواز أن يبرئه من السلم، سواء كان بأقل من المسلم فيه أو أكثر منه، فالخلاف بينه وبين سائر العلماء لفظي في هذا.
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
* * *