الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدل هؤلاء بدليل من المعقول، وهو:
أن ملك المشتري عليها يعتبر ملكا تاما، ويدل لذلك: أنه لو أعتقها، أو كاتبها، أو وهبها، كان ذلك جائزا، وإذا قيل بتمام الملك كان الاستبراء يبدأ من حين وقوع العقد (1).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
58] لزوم العقد المترتب على رؤية متقدمة:
• المراد بالمسألة: حين يرى المتعاقدان المبيع قبل العقد ويعرفانه معرفة تامة، ويمضي وقت لا تتغير فيه العين؛ كالعقار والأواني والحديد وأشباهها، ثم وقع العقد بينهما، فإن العقد صحيح بناء على الرؤية السابقة، فإن وجدها المشتري على صفتها التي رآها عليها، لزمه البيع، وإن تغيرت ثبت له الخيار، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [واتفقوا على أن العين إذا كانا رأياها وعرفاها، ثم تبايعاها بعد ذلك أن البيع جائز، ولا خيار للمشتري إن وجدها على الصفة التي كان عرفها، فإن تغيرت فله الخيار](2). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (3).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية على المشهور
= (2/ 454)، "الإنصاف"(9/ 322)، "كشاف القناع"(3/ 207).
تنبيهان:
الأول: المالكية يشترطون لذلك شرطين: الأول: ألا تخرج الأمة من بيت المشتري للسوق ونحوه. الثاني: ألا يدخل عليها سيدها دخولا يمكنه وطؤها فيه في أيام الخيار. وإلا فإنه إذا انتفى الشرطان أو أحدهما فلا بد من الاستبراء.
الثاني: أن مبنى الخلاف في المسألة على مسألة هل الملك في زمن الخيار للبائع أو للمشتري أو هو موقوف؟ .
(1)
"الأم"(5/ 104).
(2)
"الإفصاح"(1/ 272).
(3)
"حاشية الروض المربع"(4/ 352، 475).
عندهم، وهو رأي ابن حزم من الظاهرية (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه"(2).
وجه الدلالة في الحديث من وجهين:
أولًا: الحديث بمنطوقه يدل على إثبات الخيار لمن لم ير المبيع.
ثانيًا: الحديث يدل بمفهومه على أن من اشترى العين التي رآها فليس له الخيار (3).
الثاني: أن العين معلومة عندهما بالرؤية السابقة، فتشبه ما لو شاهداها حال العقد، والمشترط في البيع إنما هو العلم، والرؤية طريق للعلم، ولهذا يكتفى في المبيع بالصفة المحصلة للعلم (4).
الثالث: أن الخيار ثبت للمشتري في حال تغيُّر المبيع، قياسا على حدوث العيب في العين، فإن للمشتري الخيار، بجامع أن المشتري اشترى السلعة على
(1)"بدائع الصنائع"(5/ 292 - 293)، "البحر الرائق"(6/ 36)، "فتح القدير"(6/ 351 - 352)، "المدونة"(3/ 256 - 257)، "مواهب الجليل"(4/ 294، 296)، "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير"(3/ 27)، "الوسيط"(3/ 40)، المهذب (9/ 248 - 249)، "روضة الطالبين"(3/ 369 - 370)، "المحلى"(7/ 221 - 223).
تنبيه: ابن حزم لم يصرح بهذا القول، لكنه قيد المنع من بيع الغائب بأن يكون مما لم يعرفه المشتري برؤية أو صفة، وكذلك أجاز بيع الموصوف، فإن وجد على تلك الصفة فالمبيع لازم. وهو يخالف الإجماع في ثبوت الخيار له إذا لم يجده على تلك الصفة؛ لأن البغ عنده باطل مردود لا خيار فيه.
(2)
أخرجه الدارقطني في "سننه"(10)، (3/ 4)، والبيهقي في "الكبرى"(10206)، (5/ 268). قال الدارقطني:[عمر بن إبراهيم يقال له: الكردي يضع الأحاديث، وهذا باطل لم يروها غيره، وإنما يروى عن ابن سيرين موقوفا من قوله]. وينظر: "نصب الراية"(4/ 9)، "المقاصد الحسنة"(1/ 632)، "كشف الخفاء"(2/ 303)، "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة"(ص 147).
(3)
ينظر: "فتح القدير"(6/ 351).
(4)
"المغني"(6/ 35) بتصرف.