الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: أن اللَّه عز وجل خصَّص التغابن بيوم القيامة، وهذا الاختصاص يفيد أنه لا غبن في الدنيا، وأنه من الأمور المحرمة (1).
الثاني: أن اليسير لا يمكن الاحتراز منه، إذ لو حكمنا برده ما نفذ بيع أبدا؛ لأنه لا يخلو منه بيع، فلوجود المشقة عفي عنه (2).
الثالث: أن عادة الناس جرت بالتسامح في الأشياء اليسيرة، وعادة الناس وعرفهم مُحكَّم مُعْتبر (3).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
19] النهي عن تلقي الركبان:
• المراد بالمسألة: تلقي الركبان هو: الخروج من البلد التي يُجلب إليها القوت، لملاقاة أصحابه القادمين لبيعه، من أجل شرائه منهم قبل أن يبلغوا به السوق (4). وهذا منهي عنه، باتفاق العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [واتفقوا على كراهية تلقي الركبان](5).
• الموافقون على الإجماع:
(1)"أحكام القرآن" لابن العربي (4/ 224) بتصرف يسير.
(2)
"أحكام القرآن" لابن العربي (4/ 224)، و (2/ 319) بتصرف.
(3)
"حاشية الرملي على أسنى المطالب"(2/ 268)، "دقائق أولي النهى" (2/ 41) بتصرف. وينظر في القاعدة المذكورة:"الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص 89)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 295).
(4)
"فتح القدير"(6/ 476)، "المنتقى"(5/ 101 - 102)، "فتح الوهاب شرح منهج الطلاب"(3/ 88)، "المغني"(6/ 312 - 313). من العلماء من عبر عنها بتلقي الجلب، ومنهم من عبر بتلقي السلع.
(5)
"الإفصاح"(1/ 296). وقد نص على الكراهة، وعامة العلماء على التحريم كما سيتبين، فإما أن يحمل هذا على كراهة التحريم، أو يكون أراد حكاية الإجماع على أقل ما قيل في المسألة، فيكون وافق الرواية الأخرى عند الحنابلة، أو قصد موافقة الحنفية على إطلاق الكراهة ظنا منه أن مرادهم كراهة التنزيه، وليس كذلك.
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا تلقوا السلع حتى يُهبط بها إلى السوق"(2).
الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه، فهذا أتى سيده السوق فهو بالخيار"(3).
الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تلقوا الركبان، ولا يبيع حاضر لباد" قال: فقلت لابن عباس: ما قوله: "لا يبيع حاضر لباد؟ " قال: لا يكون له سمسارا (4).
• المخالفون للإجماع: اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: التفصيل في المسألة: إن كان التلقي فيه ضرر على أهل البلد، أو حصل التلبيس من المتلقِي على المتلقَى فهذا مكروه كراهة تحريمية، وإذا لم يكن أحد الأمرين فإنه لا بأس به. قال بهذا الأوزاعي، والحنفية (5).
واستدل هؤلاء بحديث أبي هريرة السابق.
(1)"المنتقى"(5/ 101 - 102)، "عقد الجواهر الثمينة"(2/ 431)، "التاج والإكليل"(6/ 251 - 252)، "مختصر المزني"(8/ 187)، "شرح جلال الدين المحلي على المنهاج"(2/ 227 - 228)، "نهاية المحتاج"(3/ 466 - 467)، "المحلى"(7/ 374). وهؤلاء يرون التحريم مطلقا، حملا لكلام ابن هبيرة على أن المراد به الكراهة التحريمية.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
أخرجه مسلم (1519)، (3/ 935).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 63)، "تبيين الحقائق"(4/ 68)، "فتح القدير" (6/ 476 - 477). وينظر: قول الأوزاعي في "إكمال المفهم"(5/ 140).
تنبيه: نسب ابن المنذر في "الإجماع"(ص 132)، وابن قدامة في "المغني"(6/ 312) إلى الحنفية أنهم يقولون بجواز التلقي مطلقا، وهذا خلاف ما هو في كتبهم كما تبين. كذلك ابن قدامة جعل الأوزاعي مع الجمهور، لكن الذي قرره الطحاوي في "مختصر اختلاف العلماء" والقاضي عياض خلاف ذلك.