الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن تسمية مكان القبض أبعد عن الخصومة والمنازعة، ويكون المتعاقدان قد دخلا على بينة وبصيرة، وكلما ابتعد المتعاقدان عن أسباب الخصومة والمنازعة، كان ذلك أوفق لمقصود الشارع.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
28] عدم ذكر مكان إيفاء المسلم فيه الذي ليس لحمله مؤونة:
• المراد بالمسألة: إذا تعاقد المتعاقدان عقد سلم، واتفقا على أن يكون المسلم فيه من الأشياء التي ليس لحملها مؤونة؛ كالمسك، والزعفران، وصغار اللؤلؤ، وأشباهها، إذا كان مقدارها يسيرا، فإنه لا يشترط ذكر مكان تسليم السلم، بإجماع العلماء.
وضابط الذي ليس لحمله مؤونة: قيل: هو الذي لا يحتاج في حمله إلى ظهر وأجرة حمال، وقيل: هو الذي لو أَمر إنسانا بحمله إلى مجلس القضاء حمله مجانا، وقيل: ما يمكن رفعه بيد واحدة (1). وهذه ضوابط يمكن ردها إلى شيء واحد، وهو ما تعارف عليه الناس أنه سهل الحمل، ويتغافرون فيه الكلفة والمشقة بينهم.
• من نقل الإجماع:
• المرغيناني (2)(593 هـ) يقول: [وما لم يكن له حمل ومؤونة لا يحتاج فيه إلى بيان مكان الإيفاء، بالإجماع](3). نقله عنه عبد الرحمن المعروف بـ[داماد أفندي](4).
• الزيلعي (743 هـ) يقول: [إن فيما لا حمل له ولا مؤونة؛ كالمسك، والزعفران، وما أشبههما لا يحتاج فيه إلى تعيين مكان الإيفاء، بالإجماع](5).
(1)"رد المحتار"(5/ 216).
(2)
علي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني الحنفي، من أشهر فقهاء المذهب، من أشهر كتبه:"بداية المبتدي"، وشرحه "الهداية"، "مختارات الهداية". توفي عام (593 هـ). "تاج التراجم"(ص 206)، طبقات الفقهاء لكبري زاده (ص 98).
(3)
"بداية المبتدي"(7/ 95 - 96).
(4)
"مجمع الأنهر"(2/ 102).
(5)
"تبيين الحقائق"(4/ 117).
• البابرتي (786 هـ) يقول: [واتفقوا على أن بيان مكان الإيفاء فيه -أي: الذي ليس له حمل ولا مؤونة- ليس بشرط لصحة السلم](1).
• العيني (855 هـ) يقول: [اتفقوا على أن بيان مكان الإيفاء فيه -أي: الذي ليس له حمل ولا مؤونة- ليس بشرط لصحة السلم](2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية على المشهور عندهم، وابن حزم من الظاهرية (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم، أو وزن معلوم، إلى أجل معلوم"(4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر مكان الوفاء، ولو كان شرطا لبيَّنه لهم، فدل على أن الأصل عدم اشتراطه (5).
الثاني: أن مالية ما ليس لحمله مؤونة لا تختلف باختلاف الأماكن، فلا يؤثر عدم تحديد مكان وفائه بالعقد (6).
الثالث: أن من اشترط بيان مكان الوفاء فيما لحمله مؤونة إنما اشترطه؛ لأن عدمه مظنة لوجود النزاع، وحدوث الضرر عليه، وهذا منتف فيما ليس لحمله مؤونة، لسهولة أخذه ونقله، وعدم لحاق الضرر باستلامه في أي مكان.
• المخالفون للإجماع:
(1)"العناية"(7/ 96).
(2)
"البناية"(8/ 352).
(3)
"المنتقى"(4/ 298 - 299)، "الذخيرة"(5/ 263)، "القوانين الفقهية"(ص 178)، "الأم"(3/ 103)، "أسنى المطالب"(2/ 217)، "تحفة المحتاج"(5/ 9 - 10)، "المحلى"(8/ 47).
تنبيه: ابن حزم يرى أن اشتراط المكان لا يجوز، ولو وقع لكانت الصفقة فاسدة، فهو يوافق الإجماع بهذا.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
ينظر: "المغني"(6/ 414).
(6)
ينظر: "تبيين الحقائق"(4/ 117).