الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختلف العلماء في المسألة على قولين، هما:
القول الأول: أن ذكر مكان الإيفاء شرط في السلم، لا فرق بين ما لحمله مؤونة، وما ليس كذلك. وهذا رواية عند الشافعية (1).
واستدل هؤلاء: بأن الجهالة في ذكر مكان الإيفاء تفضي إلى المنازعة والمخاصمة، والشارع منع هذا وسد أبوابه، حتى لا يقع الشقاق والنفرة بين المتعاقدين.
القول الثاني: لا يشترط ذكر مكان الإيفاء، إلا أن يكون العقد في موضع لا يمكن الوفاء به: كالبرية والبحرية ودار الحرب وأشباهها. وهذا قول الحنابلة (2).
واستدل هؤلاء: بأنه إذا كان في برية ونحوها لم يمكنه التسليم في مكان العقد، فإذا ترك ذكره كان مجهولا، وإن لم يكونا في هذه الأماكن فإن العقد يقتضي التسليم في مكانه، فاكتفي بذلك عن ذكره (3).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
29] صحة السلم الذي وجد فيه المسلم فيه من العقد إلى حلول الأجل:
• المراد بالمسألة: إذا أسلم الرجل في طعام موصوف، وكان السعر معلوما والأجل محددا، ولم يكن زرعا أو ثمرا لم يبد صلاحهما، وكان الطعام المسلم فيه موجودا في متناول أيدي الناس، منتشرا في أسواقهم، من حين العقد، وعلم أنه يبقى على ذلك الوصف إلى حلول الأجل فإن هذا صحيح لا إشكال فيه، باتفاق العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن عبد البر (463 هـ) يقول: [واتفق الفقهاء على ذلك -يقصد سلم الرجل، في الطعام الموصوف، بسعر معلوم، إلى أجل مسمى، ما لم يكن في زرع أو ثمر
(1)"روضة الطالبين"(4/ 12 - 13).
(2)
"المغني"(6/ 414)، "الإنصاف"(5/ 107 - 108)، "دقائق أولي النهى"(2/ 96).
(3)
"المغني"(6/ 414).
لم يبد صلاحهما- إذا كان المسلم فيه، موجودا في أيدي الناس، من وقت العقد إلى حلول الأجل] (1). نقله عنه ابن القطان (2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وابن حزم من الظاهرية (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى دليل من السنة، وهو:
ما جاء عن عبد اللَّه بن سلام رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني فلان أسلموا -لقوم من اليهود- وإنهم قد جاعوا، فأخاف أن يرتدوا! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من عنده؟ " فقال رجل من اليهود: عندي كذا وكذا -لشيء قد سماه أراه قال: ثلاثمائة دينار- بسعر كذا وكذا، من حائط بني فلان. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"بسعر كذا وكذا، إلى أجل كذا وكذا، وليس من حائط بني فلان"(4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الرجل اليهودي أن يحدد حائطًا معينا يُسلِم منه المسلم فيه؛ لأنه ربما تقع عليه الجائحة فيفسد، كل هذا من أجل أن يكون المسلم فيه مما يمكن وجوده حين بلوغ الأجل، فإذا كان المسلم فيه موجودا من حين العقد إلى بلوغ الأجل كان ذلك أحوط وأبلغ في تحقق الوجود، وأبعد عن الوقوع في الغرر.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
(1)"الاستذكار"(6/ 384).
(2)
"الإقناع" لابن القطان (4/ 1817 - 1818).
(3)
"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 9 - 10)، "المبسوط"(12/ 131)، "بدائع الصنائع"(5/ 211)، "البحر الرائق"(6/ 172)، "الأم"(3/ 83)، " أسنى المطالب"(2/ 126)، "فتح الوهاب"(3/ 232)، " تحفة المحتاج"(5/ 13)، "المغني"(6/ 407)، "الإنصاف"(5/ 103)، "كشاف القناع"(3/ 303)، "المحلى"(8/ 52).
تنبيه: الحنفية يرون أن هذا شرط في المسلم فيه، بخلاف الجمهور فإنهم لا يرون اشتراطه، فيصح إذا كان موصوفا، ولو لم يكن موجودا حين العقد.
(4)
سبق تخريجه.