الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (2).
• وجه الدلالة: أن اللَّه جل جلاله بيَّن أن الأصل في البيع أنه على الإباحة، فيبقى هذا الأصل حتى يأتي الصارف الذي يصرفه إلى غيره، فيدخل فيه شراء المسلم للعبد سواء كان مسلما أو كافرا.
الثاني: قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} (3).
• وجه الدلالة: هذه الآية بيَّن اللَّه عز وجل فيها أن المحرمات مفصلة في شريعتنا، فإذا لم نجد الأمر مذكورا في المحرمات فهو على الأصل باق على الإباحة، فيدخل في هذا المسألة معنا.
الثالث: أن على هذا عمل المسلمين من لدن الصدر الأول إلى الزمان القريب، في شراء العبيد، فمنهم المسلم ومنهم الكافر وهو الأصل فيهم، ولم يظهر النكير من أحد من العلماء.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
86] تحريم التفريق بين الوالدة وولدها الذي لم يميز:
• المراد بالمسألة: التفريق بين الأرقاء إذا كان بين الوالدة وولدها الصغير الذي لم يميِّز، في المبايعات، وهما مملوكان لشخص واحد، فإنه محرم، بإجماع العلماء.
(1)"المبسوط"(13/ 130 - 131)، "العناية"(6/ 14)، "الدر المختار"(5/ 229)، "المدونة"(3/ 299)، "التاج والإكليل"(6/ 49 - 50)، "مواهب الجليل"(4/ 253 - 254)، "الأم"(4/ 291)، "المهذب"(9/ 433)، "أسنى المطالب"(2/ 7). ومما ينبغي أن ينبه عليه هنا أن عامة العلماء على عدم النص على هذه المسألة، وإنما يذكرون مسألة شراء الكافر للمسلم، بناء على أن هذه المسألة معلومة وواضحة.
(2)
البقرة: الآية (275).
(3)
الأنعام: الآية (119).
• من نقل الإجماع:
• ابن المنذر (318 هـ) يقول: [وأجمعوا على ما ثبت به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من فرق بين الوالدة وولدها، فرَّق اللَّه بينه وبين أحبته يوم القيامة" (1) إذا كان الولد طفلا لم يبلغ سبع سنين](2). نقله عنه المواق، وابن القطان، وميارة (3)(4).
• ابن رشد الحفيد (595 هـ) يقول: [ومن هذا الباب: التفرقة بين الوالدة وولدها، وذلك أنهم اتفقوا على منع التفرقة في المبيع بين الأم وولدها](5).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [أجمع أهل العلم على أن التفريق بين الأم وولدها الطفل غير جائز. هذا قول مالك في أهل المدينة، والأوزاعي في أهل الشام، والليث في أهل مصر، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي فيه](6).
• النووي (676 هـ) يقول: [قال الشافعي والأصحاب رحمهم اللَّه تعالى: يحرم التفريق بين الجارية وولدها الصغير، بالبيع والقسمة والهبة ونحوها، بلا خلاف](7).
• العيني (855 هـ) يقول: [(فإن فرق -أي: السيد بين الوالدة وولدها- كره ذلك، وجاز العقد) الكراهةُ بالإجماع](8).
• الرملي (1004 هـ) يقول: [ويحرم على من ملك جارية وولدها. . .،
(1) سيأتي تخريجه في مستند الإجماع.
(2)
"الإجماع"(ص 132)، "الإشراف"(6/ 53).
(3)
محمد بن أحمد بن ميارة المالكي، ولد عام (999 هـ) فقيه من أهل فاس، عرف بالدين والورع، من آثاره:"الإتقان والإحكام شرح تحفة الأحكام"، "شرح لامية الزقاق"، "شرح مختصر خليل". توفي عام (1072 هـ). "شجرة النور الزكية"(ص 309)، "الأعلام"(6/ 11).
(4)
"التاج والإكليل"(6/ 237)، ونقله عن ابن القطان الحطاب في "مواهب الجليل"(4/ 370)، "الإتقان والإحكام"(1/ 131).
(5)
"بداية المجتهد"(2/ 126).
(6)
"المغني"(13/ 108).
(7)
"المجموع"(9/ 442). وظاهر من العبارة أن مراده بنفي الخلاف الخلاف المذهبي لا الأصولي.
(8)
"البناية"(8/ 221).
التفريق بين الأم الرقيقة. . .، والولد الرقيق الصغير المملوكين لواحد بنحو بيع. . .، أو هبة، أو قرض، أو قسمة، بالإجماع] (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي أيوب الأنصاري (2) رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من فرَّق بين الوالدة وولدها، فرَّق اللَّه بينه وبين أحبته يوم القيامة"(3).
الثاني: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه "أنه باع جارية وولدها، ففرَّق بينهما، فنهاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وردَّ البيع"(4).
النتيجة:
صحة الإجماع في النهي عن التفريق بين الوالدة وولدها؛ لعدم وجود المخالف في المسألة، ولكن وقع الخلاف بين العلماء، هل النهي على التحريم أم على الكراهة؟ الجمهور على التحريم، والحنفية على الكراهة (5).
(1)"نهاية المحتاج"(3/ 473).
(2)
خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة أبو أيوب الأنصاري النجاري، شهد العقبة وبدرا وما بعدها، نزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة حتى بنى بيوته ومسجده، استخلفه علي على المدينة لما خرج إلى العراق، لزم الجهاد حتى توفي في غزاة القسطنطينية عام (52 هـ). "الاستيعاب"(2/ 424)، "أسد الغابة"(2/ 121)، "الإصابة"(2/ 234).
(3)
أخرجه أحمد في "مسنده"(23499)، (38/ 485)، والترمذي (1283)، (3/ 580)، والدارمي في "سننه"(2479)، (2/ 299). قال الترمذي:[حديث حسن غريب]. وضعف إسناده ابن حجر في "الدراية"(2/ 153).
(4)
أخرجه أبو داود (2689)، (3/ 304)، والحاكم في "مستدركه"(2332)، (2/ 63)، والبيهقي في "الكبرى"(18085)، (9/ 126). قال أبو داود:[ميمون لم يدرك عليا]. فهو منقطع.
(5)
شرح السير الكبير (5/ 2071)، "المبسوط"(13/ 139)، "بدائع الصنائع"(5/ 228)، "تبيين الحقائق"(4/ 68)، "فتح القدير"(6/ 479 - 481)، "العناية"(6/ 479)، "البحر الرائق"(6/ 110)، كلهم صرحوا بالكراهة، وقد ذكر ابن عابدين في "حاشيته"(5/ 103) أن الكراهة تحريمية ونسب ذلك لـ "الفتح"، ولم أجد ما يفيد ذلك في "الفتح" إلا قوله:[. . . وذكَره بصورة النفي مبالغة في المنع، ولا ينظر في الوصية إلى جواز أن يتأخر الموت إلى انقضاء زمان التحريم] ولم يذكر التصريح الذي نسبه له ابن عابدين، وهذا لا يقاوم موافقة صاحب "الهداية" على الكراهة.