الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مذهب الجويني (1)، والإسفراييني، والشيرازي (2)، والغزالي، والآمدي، وأبي الخطاب الحنبلي (3)(4).
ودليلهم، قالوا: إن أدلة حجية الإجماع عامة، ولم تشترط عدالة المجتهد، فاشتراطها تخصيص بلا دليل.
وأجيب عن ذلك: بأن الأدلة قد اشترطت ذلك وإن لم يكن هذا صراحة، ثم هذا الفاسق لا يؤمن عصيانه في الإجماع كما يعصي في غيره (5).
الترجيح: يظهر -واللَّه أعلم- أن القول الأول هو الراجح؛ وذلك لقوة أدلته، وضعف أدلة القول الثاني والإجابة عليها.
الشرط الرابع: أن يسبق الإجماع خلاف مستقر بين العلماء
.
ويدخل في هذا الشرط خلاف العلماء في مسألة اختلاف الصحابة أو الأولين
(1) عبد الملك بن عبد اللَّه بن يوسف إمام الحرمين ضياء الدين أبو المعالي، ولد عام (410 هـ) إمام زمانه وأعجوبة عصره، تفقه على والده، وتوفي أبوه وله عشرون سنة، فأقعد مكانه للتدريس، وجاور بمكة أربع سنين، ثم رجع إلى نيسابور، وأقعد للتدريس بنظامية نيسابور، وبقي قريبا من ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع، من آثاره:"نهاية المطلب الغياثي"، "البرهان"، توفي عام (478 هـ). "طبقات الشيرازي"(ص 238)، "طبقات السبكي"(5/ 165)، "طبقات ابن شهبة"(1/ 256).
(2)
إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أبادي الشيرازي الشافعي، ولد عام (393 هـ) إمام الشافعية في زمانه، ودرس في النظامية، له مصنفات محققة في المذهب، منها:"التنبيه"، "المهذب"، "تذكرة المسؤولين". توفي عام (476 هـ). "طبقات السبكي"(4/ 215)، "طبقات ابن شهبة"(1/ 239).
(3)
محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكلوذاني أبو الخطاب البغدادي، ولد عام (432 هـ) أحد أئمة المذهب وأعيانه، صار إمام وقته، وكان حسن الأخلاق، مليح النادرة، سريع الجواب، حاد الخاطر، من آثاره:"الهداية" في الفقه، و"الانتصار" وهو الخلاف الكبير، "التهذيب" في الفرائض، "التمهيد" في الأصول. توفي عام (510 هـ). "طبقات الحنابلة"(2/ 258)، "المقصد الأرشد"(3/ 20)، "الأنساب"(5/ 90).
(4)
ينظر: "البرهان"(1/ 688)، "المستصفى"(1/ 183)، "الإحكام" للآمدي (1/ 207)، "التمهيد" لأبي الخطاب (3/ 253).
(5)
ينظر عدا مراجع المسألة: "المهذب في أصول الفقه"(2/ 874).
في مسألة على قولين، ثم أجمع التابعون أو المتأخرون على أحد قولي الصحابة أو الأولين:
القول الأول: أن إجماع المتأخرين إجماع صحيح، وتحرم مخالفته. وهو قول أكثر الحنفية، وأكثر المالكية، وأبي بكر القفال (1)، وأبي الخطاب من الحنابلة (2).
واستدلوا على ذلك بما يلي:
الدليل الأول: أن النصوص الدالة على حجية الإجماع عامة، يدخل فيها أيُّ إجماع من مجتهدي العصر سواء سبقه خلاف أم لا.
الدليل الثاني: القياس على اتفاق الصحابة على مسألة بعد اختلافهم فيها: فهذا إجماع صحيح، فكذلك في المسألة معنا، بجامع أن كلا منهما اتفاق بعد اختلاف (3).
القول الثاني: أنه لا يكون إجماعا صحيحا، وعليه فتجوز مخالفته. قال به الشيرازي، والجويني، والغزالي، والآمدي من الشافعية، وأبو يعلى (4) من الحنابلة (5).
(1) محمد بن علي بن إسماعيل أبو بكر القفال الشاشي الشافعي، ولد عام (291 هـ)، أحد أعلام المذهب، وأئمة المسلمين، وعنه انتشر فقه الشافعي فيما وراء النهر، وهو أول من صنف الجدل الحسن من الفقهاء، من آثاره:"دلائل النبوة"، "محاسن الشريعة"، "أدب القضاء". توفي عام (365 هـ). "طبقات الشيرازي"(ص 120)، "طبقات السبكي"(3/ 200)، "طبقات ابن شهبة"(1/ 148).
(2)
"أصول السرخسي"(1/ 320)، "فواتح الرحموت"(2/ 226)، "شرح اللمع"(2/ 726)، "إحكام الفصول"(ص 492)، "شرح تنقيح الفصول"(ص 328)، "التمهيد" لأبي الخطاب (3/ 297)، "روضة الناظر"(2/ 464).
(3)
ينظر: "المهذب في أصول الفقه"(2/ 921).
(4)
محمد بن الحسن بن محمد بن خلف البغدادي الحنبلي بن الفراء القاضي أبو يعلى، ولد عام (380 هـ) انتهت إليه الإمامة في الفقه، فأفتى ودرس وصنف المصنفات النافعة، منها:"العدة" في أصول الفقه، "أحكام القرآن"، "الأحكام السلطانية". توفي عام (458 هـ). "طبقات الحنابلة"(2/ 193)، "سير أعلام النبلاء"(18/ 89).
(5)
"التبصرة"(ص 378)، "البرهان"(2/ 710)، "المستصفى"(1/ 203)، "الإحكام" =
واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:
الدليل الأول: قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ} (1).
• وجه الدلالة: أن اللَّه أوجب الرد إليه عند التنازع، ولو جوزنا انعقاد الإجماع الثاني، للزم الرد إلى الإجماع، وهذا مخالف لما أوجب اللَّه.
وأجيب عنه: أن وجوب الرد إلى اللَّه مشروط بوجود التنازع، فإذا حصل الإجماع زال هذا الوجوب، ثم إن الرد إلى الإجماع هو رد إلى اللَّه تعالى؛ لأن المجمعين اتفقوا على هذا الحكم المستند إلى الكتاب والسنة.
الدليل الثاني: أن اختلاف الصحابة على قولين هو إجماع على جواز الأخذ بأي قول كان، فلو انعقد الإجماع على أحد القولين فإنه يلزم من ذلك رفع الإجماع.
وأجيب عنه: بعدم التسليم على أن اختلافهم على قولين هو إجماع على جواز الأخذ بأي قول كان؛ لأن كلا من الفريقين لا يُجَوِّز الأخذ إلا بقوله فقط، دون قول الفريق الآخر (2).
الترجيح: يظهر -واللَّه أعلم- أن الراجح هو القول الأول؛ لقوة أدلته، وضعف أدلة القول الثاني والإجابة عنها، وكذلك لو قيل بالقول الثاني، لضعفت الإجماعات وندرت، لأن كثيرا من الإجماعات وقعت بعد خلاف سبقها.
* * *
= للآمدي (1/ 275)، "العدة"(4/ 1105).
(1)
النساء: الآية (59).
(2)
ينظر: "المهذب في أصول الفقه"(2/ 921 - 922).