الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من المسائل المتعلقة بأركان الإجماع، وشروطه، وأحكامه (1).
وسأكتفي بذكر أجمع التعاريف في بيان معنى الإجماع الأصولي، وهو:
اتفاق مجتهدي الأمة، بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في عصر على أيِّ أمر كان (2).
بيان شرح التعريف ومحترزاته
(3):
[اتفاق] أي: الاشتراك في الرأي أو الاعتقاد، سواء أدلَّ عليه الجميع بأقوالهم جميعا، أم بأفعالهم جميعا، أم يقول البعض وفعل البعض -وهذا يشمل أنواع الإجماع الصريح- أم يقول البعض أو فعله مع سكوت البعض الآخر -وهذا يشمل الإجماع السكوتي- (4).
[مجتهدي] المجتهد: هو الذي يبذل وُسْعه في طلب الظن بحكم شرعي على وجه يُحِس معه بالعجز من المزيد عليه (5).
[الأمة] المراد بها: أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا به واتبعوه في أي زمان كان.
وخرج بهذه الألفاظ السابقة:
1) اتفاق المقلدين والعوام.
2) اتفاق بعض المجتهدين.
3) اتفاق المجتهدين من غير هذه الأمة.
فكل هؤلاء لا يعد اتفاقهم إجماعا يحتج به (6).
(1) ينظر: نظرة في "الإجماع الأصولي"(ص 12).
(2)
اختار هذا التعريف ابن السبكي في "جمع الجوامع"(1/ 176)، ورجحه الدكتور محمد فرغلي في رسالته لنيل درجة الدكتوراه المسماة بـ "حجية الإجماع"(ص 25).
(3)
وقد أفدت في شرح التعريف وبيان محترزاته من بحث أخي محمد في رسالته للماجستير الموسومة بـ "الإجماع في التفسير"(ص 27 - 30).
(4)
ينظر: "حاشية البناني على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع"(1/ 176)، "شرح الكوكب المنير"(2/ 211)، "حجية الإجماع"(ص 25).
(5)
ينظر في تعريف الاجتهاد: "المستصفى"(2/ 350)، "إرشاد الفحول"(ص 250)، "الاجتهاد في الشريعة الإِسلامية"(ص 11).
(6)
ينظر: "التمهيد" لأبي الخطاب (3/ 250)، "البحر المحيط"(4/ 436)، "شرح الكوكب المنير"(2/ 211)، "حجية الإجماع"(ص 40).
[بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم] وهذا يخرج الاتفاق الذين يكون في حياته؛ فإنه لا عبرة به، يقول الرازي (1):[الإجماع إنما ينعقد دليلا بعد وفاة الرسول عليه السلام؛ لأنه ما دام عليه السلام حيا لم ينعقد الإجماع من دونه. . .، ومتى وجد قوله فلا عبرة يقول غيره](2).
[في أي عصر] أي: أن الاتفاق يحصل في أي زمن كان، سواء كان في زمان الصحابة، أم في زمن من بعدهم (3).
والمقصود أن يتفق العلماء كلهم على أمر ثم ينقرض زمانهم ولم يخالف أحد منهم.
[على أيِّ أمر كان] وهذا قيد يدخل فيه:
1) الأمر الديني: كأحكام الطهارة، والصلاة، والمعاملات، ونحوها.
2) الأمر الدنيوي: كترتيب الجيوش، والحروب، وتدبير أمور الرعية، ونحوها.
3) الأمر العقلي: كحدوث العالم.
4) الأمر اللغوي: يكون الفاء للترتيب والتعقيب (4).
وهذه الأمور الثلاثة الأخيرة المراد منها ما له صلة بالحكم الشرعي، وعليه فيكون الإجماع فيها ليس مقصودا لذاتها بل لما يلزم منها (5).
فلا حاجة لتقييد التعريف بالأمر الديني إذا كان هذا هو المراد.
(1) محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي فخر الدين أبو عبد اللَّه القرشي البكري التيمي الطبرستاني الأصل ثم الرازي الشافعي، ولد عام (544 هـ)، سلطان المتكلمين في زمانه، إمام وقته في العلوم العقلية، واحد الأئمة في علوم الشريعة، ندم على دخوله في علم الكلام، من آثاره:"مفاتيح الغيب"، "المحصول"، "المعالم في أصول الدين"، "الملل والنحل". توفي عام (606 هـ). "طبقات ابن شهبة"(2/ 65)، "مرآة الجنان"(4/ 7).
(2)
"المحصول"(3/ 531). وقد حكى الإجماع على هذا الآمدي في "الأحكام"(1/ 109).
(3)
ينظر: "الإحكام" للآمدي (1/ 196)، "التلويح على التوضيح"(2/ 401).
(4)
ينظر: "حاشية البناني على المحلي"(1/ 176)، "إرشاد الفحول"(ص 71).
(5)
الذين قيدوا الإجماع في الأمور الدينية منهم: الغزالي في "المستصفى"(1/ 173)، وتبعه ابن قدامة في "روضة الناظر" (1/ 331). وينظر في هذه المسألة:"حجية الإجماع"(ص 54).