الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17] جواز اقتناء الكلب للصيد وحفظ الماشية والزرع:
• المراد بالمسألة: اتخاذ الكلب المعلَّم لأنْ يَصيد به ما يَقتات به، أو يستفيد منه في حفظ الماشية والحرث -ما لم يكن أسود بهيما أو عقورا- جائز، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• النووي (676 هـ) يقول: [وأما الحاجة التي تجوز الاقتناء -أي: اقتناء الكلب- لها، فقد ورد هذا الحديث بالترخيص لأحد ثلاثة أشياء، وهي: الزرع والماشية والصيد، وهذا جائز بلا خلاف](1).
• ابن القيم (751 هـ) يقول: [اتفقت الأمة على إباحة منافع كلب الصيد من الاصطياد والحراسة](2).
• ابن حجر (852 هـ) يقول: [واتفقوا على أن المأذون في اتخاذه، ما لم يحصل الاتفاق على قتله، وهو الكلب العقور](3). نقله عنه الشوكاني (4).
• العيني (855 هـ) يقول: [وأما اقتناء الكلب للصيد، والزرع، والبيوت، والمواشي، فيجوز بالإجماع](5).
• ابن الهمام (861 هـ) يقول: [وأما اقتناؤه للصيد، وحراسة الماشية، والبيوت، والزرع، فيجوز بالإجماع](6). نقله عنه ابن نجيم، والشلبي (7)(8).
• عبد الرحمن المعروف بـ[داماد أفندي](1078 هـ) يقول: [وأما اقتناء
(1)"شرح صحيح مسلم"(3/ 186).
(2)
"زاد المعاد"(5/ 768).
(3)
"فتح الباري"(5/ 7).
(4)
"نيل الأوطار"(8/ 147).
(5)
"البناية"(8/ 379).
(6)
"فتح القدير"(7/ 118 - 119).
(7)
أحمد بن يونس بن محمد أبو العباس شهاب الدين الحنفي المعروف بابن الشلبي، فقيه مصري، من آثاره:"حاشية على تبيين الحقائق"، "الدرر الفوائد"، "حاشية على شرح الأجرومية". توفي عام (947 هـ). "معجم المؤلفين"(2/ 78)، "الأعلام"(1/ 276).
(8)
"البحر الرائق"(6/ 188)، "حاشية شلبي على تبيين الحقائق"(4/ 125).
الكلب للصيد، أو لحفظ الزرع، أو المواشي، أو البيوت، فجائز بالإجماع] (1).
• عبد الرحمن القاسم (1392 هـ) يقول: [ويحرم اقتناؤه. . .، إجماعا، ولو لحفظ البيوت، إلا كلب صيد، أو ماشية، أو حرث، فيباح](2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، وابن حزم من الظاهرية (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (4).
• وجه الدلالة: أن من الجوارح المكلبة الكلب، وقد أباح اللَّه لنا صيد المعلم منها، وقرن صيده بالحلال الطيب، فدل على إباحة اقتنائه للصيد (5).
الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من اتخذ كلبا -إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع- انتقص من أجره كل يوم قيراط"(6).
الثالث: عن سفيان بن أبي زهير (7) رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من اقتنى كلبا، لا يغني عنه زرعا، ولا ضرعا، نقص من عمله كل يوم قيراط" قال: آنت سمعت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: إي ورب هذا المسجد (8).
(1)"مجمع الأنهر"(2/ 108).
(2)
"حاشية الروض المربع"(4/ 335 - 336).
(3)
"الاستذكار"(8/ 493)، "المنتقى"(5/ 28) و (7/ 290)، "كفاية الطالب الرباني"(2/ 495)، "المحلى"(7/ 493).
(4)
المائدة: الآية (4).
(5)
ينظر: "أحكام القرآن" للجصاص (2/ 443 - 444)، "الجامع لأحكام القرآن"(6/ 73).
(6)
أخرجه مسلم (1575)، (3/ 974).
(7)
سفيان بن أبي زهير الأزدي النمري، من أزد شنوءة، واسم أبيه القرد، له صحبة بلا خلاف، وهو في عداد أهل المدينة، وله حديثان عن النبي صلى الله عليه وسلم كلاهما عند الإمام مالك، "الاستيعاب"(2/ 629)، "أسد الغابة"(2/ 495)، "تهذيب الكمال"(11/ 145)، "الإصابة"(3/ 122).
(8)
أخرجه البخاري (2323)، (ص 436)، ومسلم (1576)، (3/ 975).
• وجه الدلالة: أن الشارع استثنى من اقتناء الكلب هذه الحالات الثلاث، فدل على جوازها، وبقاء ما عداها على الأصل وهو الحرمة.
• المخالفون للإجماع:
أولًا: خالف في مسألة جواز اقتناء الكلب للزرع: ابن عمر رضي الله عنهما، وقال: بتحريمه، وقد نسب ذلك له ابن عبد البر رحمه الله (1)، وفي هذه النسبة نظر، لأمور:
الأول: لم أجد من نسبه إليه غيره، بل لم أجد عن ابن عمر رواية تدل على هذه النسبة.
الثاني: لعل ابن عبد البر نسب هذا القول لابن عمر، لمَّا روى الحديث في الباب، ولم يذكر من ضمن الاستثناء كلب الحرث أو الأرض، وكان ينسبها لأبي هريرة، فيقول:[وقال أبو هريرة: أو كلب حرث] وجاء في حديث أبي هريرة السابق، قال الزهري (2): فذكر لابن عمر قول أبي هريرة فقال: [يرحم اللَّه أبا هريرة! كان صاحب زرع]. وهذا لا يدل على أنه لا يرى استثناء كلب الزرع من التحريم، وإنما يدل على شيئين:
1) تَثبُّت ابن عمر رضي الله عنهما في نسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهو لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما من أبي هريرة.
2) مقصود ابن عمر حين نسبه إلى أبي هريرة، أن من كان مهتما بشيء، فإنه سيكون ضابطا له أكثر من غيره، وأبو هريرة كان مهتما بالحرث، ويدل لهذا حين قال: وكان صاحب حرث (3).
(1)"التمهيد"(14/ 209)، "الاستذكار"(8/ 493).
تنبيه: ذكر ابن عبد البر رحمه الله في "الاستذكار"(8/ 494) بأن ابن عمر لم يذكر الحرث، وبين سبب ذلك أنه لم يطلع على ما ذكره أبو هريرة وسفيان وابن مغفل من ذكرها، وهذا فيه نظر؛ لأن ابن عمر كان يقول [وقال أبو هريرة. . .] إلا أن يكون مقصوده أنه لم يطلع عليها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أيضًا لا تسعفه العبارة التي ذكرها.
(2)
محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ولد عام (50 هـ) حافظ زمانه، قال فيه الإمام أحمد:[الزهري أحسن الناس حديثا، وأجود الناس إسنادا]. توفي عام (124 هـ). "سير أعلام النبلاء"(5/ 326)، "تهذيب التهذيب"(9/ 445).
(3)
ينظر في هذا التوجيه الأخير: "عمدة القاري"(12/ 158)، "تحفة الأحوذي"(5/ 55).