الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بجامع أن كلا منهما قد زال عنه التكليف، وهو مظنة للرجوع إليه، ولم يقع ضرر للعاقدين؛ لأنهما ما زالا في المدة المشترطة بينهما، فهي مدة باقية من دون هذا العارض.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
18] صحة البيع مع الغبن اليسير:
• المراد بالمسألة: الغبن في اللغة: أصل الكلمة يدل على ضعفٍ واهتضامٍ ونقص، يقال: غُبن الرجل في بيعه فهو يغبن غبنا، وذلك إذا حصل له النقص في البيع واهتضم فيه (1). وهو بإسكان الباء يستعمل في الأموال، وبفتحها يستعمل في الآراء (2).
• وفي الاصطلاح: هو النقص في أحد العوضين بأن يكون أحدهما أقل مما يساوي البدل الآخر عند التعاقد. فهو من جهة الغابن تمليك مال بما يزيد على قيمته، ومن جهة المغبون تملك مال بأكثر من قيمته (3).
وهو على قسمين عند الفقهاء:
القسم الأول: الغبن الفاحش وضابطه هو: ما لا يدخل تحت تقويم المقومين.
القسم الثاني: الغبن اليسير، وضابطه هو: ما يدخل تحت تقويم المقومين (4).
والمراد بالمسألة معنا: الغبن في أصل حكمه محرم شرعا بإجماع العلماء، أما اليسير منه الذي إذا رُجِع فيه إلى العارفين بالسلع من التجار فإنه لا يخرج عن تقويمهم، فهذا غير مؤثر على صحة البيع، باتفاق العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن العربي (543 هـ) يقول: [متى خرج عن يد أحدٍ شيءٌ من ماله بعلمه لأخيه، فقد أكل كل واحد منهما ما يرضي اللَّه ويرتضيه، وإن خرج شيء من ماله
(1)"معجم مقاييس اللغة"(4/ 411)، "المصباح المنير"(ص 229).
(2)
"الكليات"(3/ 310)، "أنيس الفقهاء"(ص 206).
(3)
"معجم المصطلاحات الاقتصادية"(ص 258)، وينظر:"منح الجليل"(5/ 216).
(4)
"بدائع الصنائع"(6/ 30)، "درر الحكام شرح مجلة الأحكام"(1/ 131).
عن يده بغير علمه فلا يخلو: أن يكون مما يتغابن الناس بمثله مما لا غنى عنه في ارتفاع الأسواق وانخفاضها عنه، فإنه حلال جائز بغير خلاف] (1). ويقول أيضا:[الغبن في الدنيا ممنوع بإجماع في حكم الدين. . .، لكن اليسير منه لا يمكن الاحتراز عنه لأحد، فمضى في البيوع](2). نقل عنه العبارة الثانية أبو عبد اللَّه القرطبي (3).
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [واتفقوا على أن الغبن في البيع بما لا يفحش، لا يؤثر في صحته، (4). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (5).
• خليل (6)(776 هـ) يقول: [والغبن: بفتح الغين وسكون الباء عبارة عن اشتراء السلعة بأكثر مما جرت به العادة أن الناس لا يتغابنون بمثله، أو بيعها بأقل كذلك، وأما ما جرت به العادة، فلا يوجب ردا باتفاق]. نقله عنه الحطاب، وميارة (7).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (8).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قوله تعالى: {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} (9).
(1)"أحكام القرآن"(2/ 319).
(2)
"أحكام القرآن"(4/ 224).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن"(18/ 138).
(4)
"الإفصاح"(1/ 275).
(5)
"حاشية الروض المربع"(4/ 433).
(6)
خليل بن إسحاق ضياء الدين أبو المودة الجندي المصري المالكي، حافظ فقيه، له تآليف دالة على فضله وسعة علمه، منها:"التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب"، "المختصر المشهور الذي وضع له القبول". توفي عام (776 هـ). "الديباج المذهب"(ص 115)، "نيل الابتهاج"(ص 112)، "شجرة النور الزكية"(ص 223).
(7)
"مواهب الجليل"(4/ 468 - 469)، "الإتقان والإحكام"(2/ 39) كلاهما نقل العبارة عن كتابه "التوضيح" الذي شرح فيه "جامع الأمهات" لابن الحاجب.
(8)
"تبيين الحقائق"(4/ 79)، "الدر المختار مع رد المحتار"(5/ 142 - 145)، "درر الحكام شرح مجلة الأحكام"(1/ 131)، "أسنى المطالب"(2/ 268)، "شرح جلال الدين المحلي على المنهاج"(2/ 428)، "مغني المحتاج"(3/ 243)، "المحلى"(7/ 582).
(9)
التغابن: الآية (9).