الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمواريث" (1).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها. ولعل عذر من حكى الإجماع في المسألة، إما أنه حكاه في معرض الاستدلال لمسألة أخرى، فيقع التجوز في الحكاية، كما هو ظاهر صنيع ابن عبد البر، أو كانت حكايته من باب حكاية الإجماع السكوتي، والخلاف في الاحتجاج به ظاهر ومعروف، كما يظهر من صنيع ابن قدامة، أما الباقون فهم نقلة عن غيرهم، خاصة ممن عرف عنهم العناية بالفقه المذهبي دون غيره. واللَّه أعلم.
92] جواز بيع الحاضر للحاضر والبادي للبادي:
• المراد بالمسألة: الحاضر: ضد البادي، والحاضرة ضد البادية. والحاضر: من كان من أهل الحضر (2)، وهو ساكن الحاضرة، وهي: المدن والقرى والريف، وهي أرض فيها -عادة- زرع وخصب.
والبادي: ساكن البادية، وهي: ما عدا ما ذكر من المدن والقرى والريف. وهو الذي عليه الجمهور (3).
وقيل: إن البادية يشمل المقيم في البادية، وكل من يدخل البلدة من غير أهلها، سواء أكان بدويا، أم كان من قرية، أو أي بلدة أخرى. وهو قول عند المالكية، ورأي الحنابلة (4).
وبعض المالكية يعبر عن البادي بالعمودي، والعمودي هو: البدوي، نسبة إلى عمود؛ لأن البدو يسكنون الخيام.
ويراد بالمسألة: أن الحاضر إذا باع حاضرا مثله، والبادي إذا باع باديا مثله،
(1) أخرجه ابن الجارود في "المنتقى"(570)، (1/ 147)، والدارقطني في "سننه"(32)، (3/ 11)، والبيهقي في "الكبرى"(10669)، (5/ 344). قال الهيثمي:[هو صحيح خلا قوله: "إلا الغنائم والمواريث"]. "مجمع الزوائد"(4/ 84).
(2)
"المصباح المنير"(ص 76)، "مختار الصحاح"(ص 75).
(3)
"حاشية شلبي على تبيين الحقائق"(4/ 68)، "المنتقى"(5/ 103 - 104)، "أسنى المطالب"(2/ 38).
(4)
"المنتقى"(5/ 103 - 104)، "المغني"(6/ 309).
فإن البيع بينهما جائز إذا توفرت شروطه وأركانه، باتفاق العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن حزم (456 هـ) يقول: [اتفقوا أن بيع الحاضر للحاضر، والبادي للبادي جائز](1). نقله عنه ابن القطان (2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا، ولا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها"(4).
الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تلقوا الركبان، ولا يبيع حاضر لباد"، قال: فقلت لابن عباس: ما قوله: "لا يبيع حاضر لباد؟ " قال: لا يكون له سمسارا (5).
• وجه الدلالة من الحديثين:
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحاضر للبادي، فدل على أن بيع الحاضر للحاضر، والبادي للبادي صحيح وتام.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
(1)"مراتب الإجماع"(ص 156).
(2)
"الإقناع"(4/ 1756).
(3)
"بدائع الصنائع"(5/ 232)، "تبيين الحقائق"(4/ 68)، "الهداية"(6/ 478)، "المنتقى"(5/ 103 - 104)، "التاج والإكليل"(6/ 250 - 251)، "القوانين الفقهية"(ص 171)، "مختصر المزني"(8/ 187)، "الوسيط"(3/ 66)، "أسنى المطالب"(2/ 38)، "تحفة المحتاج"(4/ 309 - 310)، "الكافي" لابن قدامة (2/ 23 - 24)، "الإنصاف"(4/ 333 - 335)، "كشاف القناع"(3/ 184).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
أخرجه البخاري (2158)، (ص 405) واللفظ له، ومسلم (1521)، (3/ 935).