الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
63] منع بيع السمك في الماء:
• المراد بالمسألة: السمك إذا كان في الماء، وكان الماء كثيرا، بحيث لا يمكن اصطياده وإمساكه بسهولة، فهو ممنوع من بيعه، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• المازري (536 هـ) يقول: [أجمعوا على منع بيع الأجنة، والطير في الهواء، والسمك في الماء](1). نقله عنه الزرقاني (2).
• الخرشي (1101 هـ) يقول: [والغرر ثلاثة أقسام: ممتنع إجماعا؛ كطير الهواء، وسمك الماء. . .](3).
• النفراوي (1125 هـ) يقول: [وأما السمك فى الماء، أو الطير في الهواء، فممتنع إجماعا](4).
• العدوي (1189 هـ) يقول: [وأما السمك في الماء، والطير في الهواء، فممتنع إجماعا](5).
• الدردير (1201 هـ) يقول: [(واغتفر غرر يسير) إجماعا (للحاجة). . .، فخرج بقيد اليسارة الكثير: كبيع الطير في الهواء، والسمك في الماء، فلا يغتفر إجماعا](6).
• الشوكاني (1250 هـ) يقول: [ومن جملة بيع الغرر: بيع السمك في الماء، كما في حديث ابن مسعود، ومن جملته بيع الطير في الهواء، وهو مجمع على ذلك](7).
• عليش (1299 هـ) يقول: [(واغتفر). . . إجماعا (غرر). . . (يسير)
(1)"المعلم بفوائد مسلم"(2/ 159 - 160).
(2)
"شرح الزرقاني على الموطأ"(3/ 397).
(3)
"شرح مختصر خليل" للخرشي (5/ 69، 75).
(4)
"الفواكه الدواني"(2/ 80).
(5)
"حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني"(2/ 150).
(6)
"الشرح الكبير" للدرير (3/ 60).
(7)
"نيل الأوطار"(5/ 175).
للضرورة. . .، فخرج بقيد اليسير الكثير: كبيع الطير في الهواء، والسمك في الماء، فلا يغتفر إجماعا] (1).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والشافعية، والحنابلة (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر"(3).
• وجه الدلالة: أن من بيع الغرر: بيع السمك في الماء، فهو مجهول العاقبة، لا يُدرى عن حصوله شيء.
الثاني: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تشتروا السمك في الماء، فإنه غرر"(4).
الثالث: أن بيع السمك في الماء قد اختل فيه ثلاثة شروط من شروط البيع، وهي: القدرة على تسليمه، فقد يقدر عليه وقد لا يقدر، وكذا الملك إذا لم يكن
(1)"منح الجليل"(5/ 41).
(2)
"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 72)، "المبسوط"(13/ 11 - 12)، "تبيين الحقائق"(4/ 46)، "الأم"(7/ 109)، "روضة الطالبين"(3/ 356)، "أسنى المطالب"(2/ 12)، "المغني"(6/ 291)، "الفروع"(4/ 20)، "كشاف القناع"(3/ 162). مما يذكر هنا أن ابن قدامة في البداية ذكر أن هذا القول هو قول الأكثر، ثم ذكر من قال به من الصحابة والتابعين والعلماء، ثم قال:[ولا أعلم لهم مخالفا]، وبعدها ذكر القولين عن عمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى. ومثل هذا يدل على أن نفيه الخلاف إنما ذكره تجوزا، وإلا لم يحك الخلاف بعده.
(3)
سبق تخريجه.
(4)
أخرجه أحمد في "مسنده"(3676)، (6/ 197)، والبيهقي في "الكبرى"(10641)، (5/ 340)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10490)، (10/ 207). قال البيهقي:[فيه إرسال بين ابن المسيب وابن مسعود] ثم رجح وقفه على ابن مسعود، وممن رجح وقفه أيضا: الدارقطني والخطيب وابن الجوزي. ينظر: "العلل الواردة في الأحاديث النبوية"(5/ 275)، "العلل المتناهية"(2/ 595)، "التلخيص الحبير"(3/ 7).
يملكه، وكذا العلم بالمبيع، فهو مجهول بالنسبة له كجهالة اللبن في الضرع، والنوى في التمر، فإذا كان كذلك فهو بيع باطل لفقده هذه الشروط (1).
• المخالفون للإجماع:
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين، هما:
القول الأول: يصح بيع السمك في الآجام (2). قال به عمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى (3)(4).
واستدل هؤلاء بدليل عقلي، وهو:
أن يقدر على تسليمه ظاهرا، أشبه ما يحتاج إلى مؤنة في كيله ووزنه ونقله (5).
القول الثاني: يصح بيع السمك في الماء إذا كان مملوكا. قال به ابن حزم من الظاهرية (6).
واستدل ابن حزم بدليل عقلي، وهو:
أن بيع ما لا يملك يعد من الغرر البيِّن، ومن أكل أموال الناس بالباطل المحرم شرعا، أما ما يملكه فله حق التصرف فيه بأي لون من ألوان التصرف، وليس من
(1) ينظر: "المغني"(6/ 291)، "تبيين الحقائق"(4/ 45).
(2)
الآجام مفرد أجم بضمتين، ويطلق ويراد به: الحصن، سمي بذلك لمنعه المتحصن به من تسلط العدو عليه. فكان معناه هنا السمك الذي يكون في مكان محصور. ينظر:"غريب الحديث" لأبي عبيد (2/ 72)، "الفائق"(1/ 25)، "لسان العرب"(12/ 8)، "القاموس المحيط"(ص 1388).
(3)
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عبد الرحمن الأنصاري، ولد عام نيف وسبعين، وهو قاضي الكوفة وفقيهها، كان نظيرا في الفقه للإمام أبي حنيفة، قال فيه أحمد:[كان فقهه أحب إلينا من حديثه، حديثه فيه اضطراب] توفي عام (148 هـ). "الجرح والتعديل"(7/ 322)، "سير أعلام النبلاء"(6/ 310).
(4)
أخرجه عن عمر بن عبد العزيز: ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 240)، وذكره عنهما: الشافعي في "الأم"(7/ 109)، وابن المنذر في "الإشراف"(6/ 20)، وابن حزم في "المحلى"(7/ 301)، وابن قدامة في "المغني"(6/ 291).
(5)
"المغني"(6/ 291).
(6)
"المحلى"(7/ 285).